الرحيل قبل الرحيل
في كل مناسبة تعطي لمسؤولي صندوق التقاعد المغربي فرصة التحدث عن وضعية الصندوق المادية، إلا و يتكرر نفس الكلام في نفس الأهداف والغايات، وآخر تدخل لهؤلاء « البررة» كان يوم الأحد 8 أبريل2012 على الساعة 9 مساءا في برنامج 45 دقيقة .
البرنامج كان من أهدافه إعلام السادة المتقاعدين حاليا وكذلك استقبالا بأن الصندوق على حافة الإفلاس إن لم يكن قد وصل إلى الغرق.
وعليه فإن إنعقاد المجلس الحكومي سيكون من بين بنوده مناقشة كيفية تدبير هذا الصندوق ، ومن بين الحلول المقترحة لحل أزمة الصندوق:
1. إما التقليص من رواتب المتقاعدين (منحهم)
2. الزيادة في سن التقاعد إلى 65 سنة (أسوة بفرنسا)
3. اللجوء إلى خزينة الدولة لطلب الدعم لسد النقص الحاصل في الصندوق .
وبجرأة كبيرة تفضل المتحدث إلى الإعلان أن المتقاعدين قد يطالهم ليس الاقتطاع من منحهم (ما يتقاضاه المتقاعد لا يعد راتبا أو أجرة بل منحة) بل إيقافها، لأن الصندوق أصبح في وضعية العجز التام عن الوفاء بما التزم إزاء هذه الفئة المسنة التي غادرتها المنايا.
وكان المتكلمون يشنون أسماعنا بلحن رديء وهو أن متوسط العمر عند المغاربة قد طال إلى 75 سنة عند الرجال و 78 سنة عند المساء، وأنه عندما يتقدم العمر بالمتقاعد عتيا فإنه يكلف الصندوق خسارة كبيرة، ونفهم أن هذا نداء من موظفي الصندوق إلى جمهور المتقاعدين الذين هم على قيد الحياة إلى الموت أو على الأقل التفكير في أحد أساليب الموت المختلفة.
ونسي المتحدثون المدافعون عن هذا الصندوق وهو في حالة احتضار، كم من الموظفين الذين يموتون قبل قضاء 21 سنة من العمل؟
وهؤلاء لا ينالون لا من الطحين ولا من العجين شيئا.
وكم أولئك الذين يموتون في نصف الطريق، قد يبتعدون أو يقتربون من العقد السادس. مع الأسف أننا لا نرى إلا نصف الكأس الفارغة. وحتى هؤلاء الذين يصلون إلى العمر المشهود – ونتكلم هنا عن رجال التعليم، باعتبارهم يشكلون الفئة المستهدفة من الصندوق ومن الكلام، كما يشكلون الفئة الأكثر عددا من الموظفين وخاصة أولئك الذين أفنوا زهرة شبابهم وربيع عمرهم في حجرة التدريس، ولم يتحملوا مسؤوليات الإدارة أو التفتيش- أن وصولهم إلى العمر المشهود (60) يكون محملا برواسب أمراض ترتبط بالمهنة كالقلق والعصبية والكآبة والسكري وأمراض مختلفة من الحساسية وأمراض مختلفة للقلب الخ…
والكثير من رجال التعليم ونسائه يموتون قبل إنهاء السباق، والبقية مما تبقى تشبه السلحفاة في ذلك السباق العجيب في قراءة بوكماخ.
لاتصل إلى نقطة الوصول إلا إذا اقتسمت راتبها مع محنة المرض المزمن أو الأمراض المزمنة، إلا ما رحم ربي وهي قلة القلة.
فلا يبلغ الموظفون من رجال التعليم ونسائه (العمر العتي) إلا صفوة القوم.إن الشعوب المتقدمة قد تفرح عندما يصل الفرد (الإنسان) فيها إلى تحطيم رقم قياسي في طول أمد الحياة، بل إنها تعتبر إطالة أمد الحياة واجبا على الدولة، وافتخارا بإنجازاتها، أما في وطننا المسلم فنحن نبكي عندما يطول أمد الحياة ونطلب الله أن يعجل بالعاجلة.
ونطلب الله كذلك أن يقصر عمر الموظف إلى حدوده الدنيا حتى لا تكون له مساهمة في خراب صندوق التقاعد فالأحسن أن يموت الموظف ولا يموت الصندوق.
هناك حل نقترحه على الحكومة لتجنب كارثة إفلاس الصندوق، وهو وضع مادة سامة قاتلة في حنفيات رجال ونساء التعليم وهكذا تمتلئ معدة الصندوق بإيرادات الموتى قبل الأوان.
إنهم لا يفرحون بطول العمر بل يريدون قتل الناس وإماتتهم قبل الأوان، إنه الزمن الرديء أن يرحل الإنسان قبل موعد رحيله.
لو قيل هذا الكلام في بداية حياة الموظف لكان أمام اختيارين على الأقل:
1. إما البقاء في الوظيفة حتى الموت
2. أو أن يتدبر أمره في الرحيل الاختياري إلى الضفة الأخرى من البحر لعلنا نجد إسلاما آخر أكثر إنسانية من إسلامنا الذي نمارسه. ومسلمين آخرين في معاملاتهم بدون عقيدة إسلامية ولكن بأخلاق الإسلام الحقيقي.
إن الإسلام الحقيقي عندنا لا وجود له إلا في خطب الجمعة والأعياد، وفي بطون الكتب الدينية.
إنهم يحملون المتقاعد مسؤولية سوء تدبيرهم للمال العام، وباعترافهم كانوا يتصرفون بأكثر من 120 مليار درهم، وهي ميزانية توازي ميزانية الدولة، ذهبت في عاصفة هوجاء…وعوض أن يحاسب هؤلاء عن المال وكيف صرفوه، هاهم يشيرون إلى المتقاعدين بالموت قبل الأوان وإما أن يتحولوا إلى حيوانات عاشبة تنافس الأغنام والماعز والأنعام والحمير والبغال في موارد رزقها.
.اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن اللطف فيه .
.اللهم لا تعاقبنا بما فعل السفهاء منا –آمين–
.ربنا لا تحملنا ما لا طاقة لنا به.
Aucun commentaire