أهمية دور الاسرة في كشف نوعية ذكاء الطفل
أهمية دور الاسرة في كشف نوعية ذكاء الطفل
لقد اختلف العلماء في اعطاء تعريف دقيق للذكاء وذلك لصعوبة ضبط مفهومه وتحديد مجالاته ومظاهره، حيث أن الذكاء مفهوم ارتبط بقدرات عدة يمتلكها الانسان تبتدئ انطلاقا من تقبل المعلومات وترسيخها في الذهن ثم الاحتفاظ بها، وتذكرها والإبداع بواسطتها للرقي الى حالة أحسن. اٍن مفهوم الذكاء يتداخل في جميع المراحل السابقة مما جعل التطرق اليه ودراسته تتسم بصعوبة كبيرة.
بما أن الذكاء كونه لا يمكن أن نتمكن من ضبطه إلا بواسطة آثاره، فعلينا اِذن معرفة هاته الآثار بدقة والتطرق اليها بشكل واضح، ليتسنى لنا فيما بعد قياسها ومقارنتها مع أثار ذكاء مستوى معين. وبالتالي فاٍن تعريف الذكاء يكون على الشكل التالي:
الذكاء هو تلك الطفرة الذهنية التي تساعد على فهم الأشياء، تحليلها واستيعابها والاحتفاظ بها واستذكارها ثم الابداع بواسطتها، كل ذلك يتم بطريقة منتظمة و بدرجة عالية من الدقة وفي وقت وجيز. وتساعد على ذلك أجهزة جد معقدة في جسم الإنسان وخصوصا في دماغه.
حيث هناك خلايا عصبية خاصة وخلايا ذات الألياف الطويلة وكلا منها تنقل المعلومات حتى تصل الى الأماكن المخصصة لها وذلك عن طريق » تحرك مواد كيماوية « .
اٍن النظرية الحديثة للذكاء جاءت لتتجاوز النظرية السابقة لبياجي، اذ أنه لم يهتم إلا بنمط واحد من الذكاء والذي هو المعرفي_العلمي وأهمل أنواع أخرى من الذكاءات، والتي لا تقل أهمية عن الأول كالفن بصفة عامة: الرسم_الموسيقى_التمثيل_القصص_الرياضة، وأخرى مثل تكوين الشخصية والقدرة على الاٍقناع. وفي هذا الصدد قدم عالم النفس هاوارد جاردنر سنة 1983 نظريته حول الذكاءات المتعددة والذي اعطى فيها تسعة ذكاءات وهي على الشكل التالي :
الذكاء اللغوي – الذكاء الموسيقي – الذكاء المنطقي – الرياضي الذكاء الفضائي – الذكاء الجسمي_الحركي – الذكاء الذاتي – الذكاء التفاعلي – الذكاء الطبيعي – الذكاء الوجودي.
نحن نرى أنه بالإمكان الوصول الى نتيجة أفضل وارقى وخلق طفل متميز ذكائيا، بأخذنا بعين الاعتبار خصوصيات كل بيئة واستعمال الوسائل والأدوات المتاحة والمتداولة لدى الطفل. وبأشياء بسيطة يمكن معرفة نوعية ذكاءه وتطويره، مرتكزين على القابلية والدوافع الذاتية للطفل. وذلك كما يلي:
1- اٍدخال الطفل أو الفرد في مستوى زمني مناسب له.
2- معرفة مستواه الحالي وذلك بوضع قياس دقيق لوضعه ضمن خانات معينة.
3- الرفع من مستواه الذكائي وذلك بوضع روائز ودوافع حسية حركية حيث تقوم بالرفع بجميع ميولاته وما يخالجه من أفكار وأراء وقدرات كامنة. وهذا يتطلب دراية عالية ووسائل دقيقة وتحليل مناسب لنفسية هذا الفرد.
4- قياس من جديد الى ما وصل اليه هذا الفرد، ولمس هذا التطور وذلك أيضا بوضع روائز وأنشطة وأسئلة متعلقة بالمرحلة الجديدة. وهذا يتطلب أيضا معرفة المجالات المعرفية والنفسية والسوسيولوجية لهذا الفرد.
5- يجب تأمين الاستمرارية عبر جميع المراحل التي يمر بها الفرد، وذلك بتتبع مسيرته الذكائية النوعية، الى أن يصل الى مرحلة البلوغ والتي من خلالها يمكن له أن يطور ذكاءه لوحده، حيث في هذه المرحلة يكون الذكاء قد نضج بشكل كبير، والتطور يكون أكثر ذاتية.
الهدف من هذا كله هو خلق جو ملائم لإبراز الميولات الكامنة لكل فرد واستغلالها، وبالتالي خلق عالم رياضي متخصص ورسام ذو مهارة عالية، وموسيقي ذو امكانيات مبهرة وممثل ذو كفاءة متميزة … الخ. وأن يكون أيضا ملما بالذكاءات المتنوعة الأخرى للتمكن من خلق انسان منسجم ومتكامل الى حد بعيد. اذ يجب على الأمة أن تستغل طاقاتها أحسن استغلال لكي تسمو وتتقدم وتجدد أنفاسها وتجد في أفرادها الأكسجين لضخ دم جديد، بواسطته يمكن للحياة أن تستمر ونطمح بالتالي الى الأحسن.
اٍن دراسة الذكاء والعمل على تطويره يتطلب تفاعل جهود عدة فاعلين يحيطون بهذا الفرد. ونبدأ أولا بالأسرة فهي على عاتقها أهمية قصوى، لأنها هي التي تبدأ العملية كلها وتتوقف عليها في غالبية الأحيان الكشف وتطوير الذكاء. فمنذ أن يكون الطفل جنينا، وبافتراضنا على أنه قد ورث قدرا من الذكاء، فعلينا اذن خلق له جو عاطفي مشبع بالحنان والتفاهم بين الوالدين. وترك للطفل حرية التعبير وحرية الأسئلة والإجابة عليها مركزين على عمر الطفل ومستواه العقلي. وأيضا بالاهتمام بالتغذية وتنويعها. معرفة التطور الذي يحصل على طفلنا في مراحل معينة من نموه والتدخل بتغذية مناسبة، لجعل تلك الخلايا العصبية والتي تكون في طور النمو بالاستفادة أكثر وتزويدها بالطاقة والفيتامينات المناسبة لجعلها تنمو بشكل جيد، يساعد الطفل بتخزين المعلومات والاحتفاظ بها مدة أطول وتذكرها دون عناء.
علينا اذن أن لا ننسى أهمية الاسرة في كشف نوعية ذكاء الطفل والإحاطة به وذلك لعدة أسباب من مجملها:
الدراية الكاملة بالطفل من الناحية النفسية والجسمية، اذ أن معظم الوقت يقضيه الطفل مع أسرته حيث التفاعلات العفوية والتعبير التلقائي والراحة النفسية التي يجدها الطفل مع أفراد أسرته. ولا ننسى أيضا دور المجتمع والذي عليه عاتق استمرارية ما قامت به الأسرة من اكتشاف نوعية ذكاء الطفل وتوفير الوسائل والأدوات لكي ينميه أكثر، وتفسح له المجالات العدة لاستغلاله في ميادين عدة تعود بالنفع على المجتمع بأكمله وعلى الانسانية. ومن بين هذا وذاك يأتي دور المدرسة والتي لها دور مهم في صقل هذا النوع من الذكاء حيث أكثر من فاعل تربوي يتدخل في تنشئة والسهر على الذكاءات المتعددة.
ان التدرج في تنمية الذكاء والقدرات العقلية للطفل، تتم عن طريق عدة وسائل ومراحل تمر منها التفاعلات لجعلها أكثر ايجابية ومردودية. لقد تمت أبحاث سيكولوجية حول أهمية العلاقات الأسرية على الطفل، فأثبتت أن حضور الأم والأب بثقليهما العاطفي والودي لدى الطفل مهم جدا، وينعش بل ويمكن له أن يوقظ لديه مكنونات لم تكن لتظهر لو لم يحس الطفل بالأمان والاهتمام المتواصل والحنان الفياض، فهذا كله يجعله يعبر عن أفكاره ويقوم بتصرفات بدون خوف عن ما قد يصيبه اذا أخطأ في التصرف، أو في ابداء أفكاره أو اذا لم يكن تدخله له أهمية. هذا ما يؤدي به الى التعبير وبكل حرية وفي هاته الحالة يمكن أن يعطي أفكار تنبعث من أعماقه. وانطلاقت من الاستجابات التي يصدرها الطفل، يأتي دور الوالدين أولا باستغلالها وتوجيهها الى ما يمكن أن يجعله يبدع، ويفيد نفسه ومن تم يفيد مجتمعه.
ان التعزيز وما له من دور ايجابي جدا لتطوير الذكاء وخصوصا في المراحل الأولى حيث يجب الاهتمام به معنويا وماديا، دون الافراط في ذلك، لما له من اثار نفسية جيدة. حيث يفرز الجسم حينها مواد كيماوية وتتمركز الخلايا العصبية بطريقة أفضل لاستقبال الاشارات وتنظم عملها بطريقة فعالة لإعطاء نتائج تكون أفضل بكثير.
وسنتطرق ان شاء الله لاحقا لدور الاسرة في كيفية تنمية نوعية ذكاء الطفل والأخرى المصاحبة، وذلك بوسائل تربوية مدروسة.
عكاشة دير
دكتور وأستاذ مبرز في مادة الرياضيات- باحث تربوي
عكاشة دير
دكتور وأستاذ مبرز في مادة الرياضيات
باحث تربوي
السيرة الذاتية للباحث
v حاصل على دبلوم الدكتوراه في مادة الرياضيات سنة 2012 .
v حاصل على دبلوم الدراسات العليا المعمقة في مادة الرياضيات سنة 2007 .
v حاصل على دبلوم التبريز في مادة الرياضيات سنة 2004.
v له عدة مقالات تخصص رياضيات في مجلات دولية.
v له عدة مشاركات في منتديات دولية تخصص رياضيات.
v له عدة مشاركات في منتديات تخصص بيداغوجيا.
v مؤلف كتاب « كيفية قياس وتطوير ذكاء الطفل- دراسة تطبيقية لقياس وتطوير ذكاء الأطفال والمراهقين »
رقم الإيداع القانوني 0570 MO 2011، ردمك: 4- 181-30-9954-978
v مؤلف كتاب » تصور طريقة بيداغوجية جديدة للتدريس: إبراز وتطوير القدرات الذكائية المتعددة «
رقم الإيداع القانوني 2013 MO 0470 ، ردمك: 978-9954-31-934-5
v أستاذ مبرز في الأقسام التحضيرية للمدارس العليا للمهندسين ابتداءا من 2007.
v تحضير التبريز السنة الثانية بالمدرسة العليا للأساتدة بالدار البيضاء.
v تحضير التبريز السنة الأولى بالمدرسة العليا للأساتدة التقدم الرباط.
v أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي من 1994 إلى 2004.
v تكوين لمدة سنتين بالمدرسة العليا للأساتدة بفاس من 1992 إلى 1994.
v أستاذ التعليم الثانوي الاعدادي من 1989 إلى 1992.
v تكوين لمدة سنتين بالمركز التربوي الجهوي بوجدة من 1987 إلى 1989.
Aucun commentaire