هل كانت معدلات الباكلوريا منصفة لكل التلاميذ ؟
ظهرت معالم النتائج الدراسية بعد بزوغ نقط الباكلوريا بحصول 37,91 في المائة على الباكلوريا. نسبة تطرح أكثر من سؤال :
– هل فعلا أكثر من 37 في المائة من تلامذتنا فوق المتوسط . نسبة إن صحت مؤشر إيجابي ومخالف لقولنا بأن المستوى يتراجع , دون مقارنة ومقاربة هذه السنة بالسنة الماضية, أي إجمالا أعتبر هذه النسبة مريحة ؟ ……
– هل ساهمت نقط المراقبة المستمرة المضخمة والمفخمة في عدة مؤسسات وعلى رأسها التعليم الخاص والذي تعتمد بعض مؤسساته المثل القائل » شعل تعطي أشحال تاخذ » وفي تمييز البعض دون الكل؟
– هل كان للغش مجال في زيادة الناجحين ؟ أم على العكس من ذلك ساهمت محاربة الغش في تقليص عددهم؟
– هل لعبت المراقبة هنا أوهناك دورا في تمييز هؤلاء من هؤلاء؟
– هل هذه النسبة عادلة منصفة ؟ أو غير عادلة ومجحفة؟
إن التساؤلات كثيرة والتبريرات البديلة طويلة… لكن يبقى أن بعض التلاميذ خرجوا غانمين فرحين ,والكثير منهم خاب أملهم وضاع مستقبلهم. قد يتساءل القارئ الكريم . كيف تعتبر الكثير من الناجحين قد ضاع أملهم ؟.
ببساطة وببعض المعطيات القليلة ستظهر معالم هذا التحليل.
عندما يبذل تلميذ جهدا جهيدا في شعبة العلوم الرياضية من ساعات إضافية لازمته خلال السنة بكاملها وحرمته من التمتع بأية عطلة, وضعف في المستوى لسنوات سابقة من جراء مادة من المواد الرئيسية والتي درسها عند فلان وخلص منها خاوي الوفاض, ومن خلال امتحان جهوي لم ينصفه بتحصله على نقط لم تكن في مستوى طموحاته – بطبيعة الحال لن أدخل في طرق التصحيح وعدم دقة المعايير- ثم يتحصل في الباكلوريا على معدل 12/ 20. ففيما سينفعه؟
وعندما يغير تلميذ آخر الشعبة خلال السنة الثانية باكلوريا من العلوم الرياضية الى العلوم الفيزيائية , على أساس الحصول على معدل مريح ,فيتحصل على معدل 14 /20 وتذهب آماله أدراج الرياح.
قد يسائلني وكيف حكمت على هذه النتائج بأن أصحابها خرجوا خائبين ؟
. بكل بساطة لن تقبلهم أية معاهد عليا , وسيضطرون الى اختيار الجامعة كملاذ لفضاء سنوات من الضياع والشياع في ظل تمدرس غير منظم وميوعة في الدراسة وصعوبة في تتبع أساتذة يغردون خارج السرب وتجمعات طلابية تدعو الى مقاطعة كل شيء وسياسة تعليمية ترغمك على ضرورة الحصول على ميزات في كل مستوى أو التحصل على شهادة نهاية الدروس للتبخر والتبرك بها قرب باب سيدي عبد الوهاب.
إن فرض معدلات عالية لاجتياز المباريات الخاصة ببعض المعاهد العليا تقصي الكثير من حاملي الباكلوريا وتجعل شواهدهم دون معنى,مع أنهم قد يكون الكثير منهم ضحية اختيارات خاطئة أو تمييز في نقط المراقبة المستمرة أو تعسف من مصحح ما ولو دون قصد, في ظل غياب معاير دقيقة في التنقيط وفي ظل غياب سلم منصف وفي ظل غياب أسئلة موضوعية وفي ظل عدم التكافؤ في الحراسة أثناء الامتحان وفي ظل مستوى الأسرة ومدى تتبعها لتمدرس أبنائها وفي ظل تنامي ظاهرة الغش وفي ظل التساهل هنا والتشدد هناك.
أبناؤنا ضحية سياسة تعليمية لم تضع بعد كل الضمادات على الجروح ,ولم تصل بعد الى تحقيق التكافؤ في الفرص, ولم تحقق بعد الترابط بين الدروس المقدمة ومستوى الامتحان , ولم تكافئ المجد بمنحه فرصا أكثر. فقد يكون من تحصل على معدل متوسط من المستوى الجيد لكن إخفاقه كان نتيجة خلل أو خطأ فني أو تقني , تجرع منه مرارة الفشل وخرج من جرائه بشهادة لا تغني ولا تسمن من جوع … فهل من ضمير حي لإعادة الاعتبار الى شواهد أبنائنا وإنصافهم ؟ أم أن التعليم العالي يعبث كيف يشاء وخارج الحساب؟
Aucun commentaire