بوتفليقة .. أزمات صحية متكررة وسط فراغ سياسي
بعد إزاحته لشقيقه على خلفية الانتقادات
بوتفليقة .. أزمات صحية متكررة وسط فراغ سياسي
وفاء بسيوني
يبدو أن مرض الرؤساء وخاصة في الدول العربية يعتبر من التابوهات التي تتمتع بغطاء من السرية ، حيث أنه لا يتم الاعلان عن حقيقة مرضهم ، فبعد الاعلان عن تعرض الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لأزمة صحية تضاربت الانباء حول الحالة الصحية ففي الوقت الذي ترددت فيه انباء عن اصابته بجلطة دماغية أشارت مصادر أخرى أن حالته الصحية مستقرة .
وهذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها السلطات الرسمية في الجزائر، عن مرض الرئيس بوتفليقة في يوم مرضه، وقد وصل بوتفليقة إلى مطار بورجيه في باريس في الساعة 18,00 تغ ونقل على الفور تحت حراسة عسكرية الى مستشفى فال-دو-غراس العسكري، وهو مستشفى غالبا ما يستقبل شخصيات فرنسية واجنبية رفيعة المستوى.
وانتخب بوتفليقة (76 عاماً) رئيسا للجزائر في عام 1999، وينتمي لجيل الزعماء الذين حكموا الجزائر منذ استقلالها عن فرنسا بعد حرب دامت من 1954 وحتى 1962 ، وحطم بوتفليقة الرقم القياسي كأكثر رؤساء الجزائر مكوثا في الحكم منذ استقلال البلاد .
وشغل بوتفليقة الرئاسة ثلاث فترات ومن غير المرجح أن يسعى لفترة رئاسية رابعة في الانتخابات المزمعة العام القادم. وقالت برقية دبلوماسية أمريكية مسربة في عام 2011 إن بوتفليقة يعاني من السرطان لكنه ينحسر.
لا للقلق
وتتعامل الرئاسة فى الجزائر مع الملف الصحى للرئيس بتكتم شديد، شأنها شأن بقية المؤسسات بشكل جعل البلاد مسرحاً للشائعات التى وصلت فى عدة مناسبات إلى حد إعلان وفاته.
إلا انه بعد الازمة التي تعرض لها بوتفليقة أمس ، قال المصدر الطبي انه على الرغم من ان الحال الصحية العامة للرئيس « لا تبعث على القلق » ، فإن أطباءه طلبوا منه اجراء فحوصات مكملة والخلود إلى الراحة لأيام.
وطمأن رئيس الوزراء عبد المالك سلال الذي لم يقطع زيارته إلى بجاية شرق الجزائر على ان صحة الرئيس لا تبعث على القلق.
وبحسب البروفسور صحراوي المتخصص في جراحة المخ والاعصاب فان مثل هذه الجلطة لا تكون خطرة في العادة. وقال »الجلطة الدماغية العابرة هي انسداد في احد الاوعية الدموية في المخ الناتج عادة عن ارتفاع في الضغط الدموي ».
واضاف ان « نقل الرئيس الى مركز الطب الرياضي المتخصص اكثر في جراحة القلب يدل على ان الجلطة الدماغية قد تكون نتيجة لضغط في القلب ».
ويقول متخصصون إن مثل هذه الجلطة الدماغية التي أصابت بوتفليقة لا تكون خطرة في العادة، وهي عبارة عن انسداد في أحد الأوعية الدموية في جزء من الدماغ ناتج عادة عن ارتفاع في الضغط الدموي، وينجم عنه أعراض تماثل فقدان وظيفة هذا الجزء من الدماغ.
وقالت الوكالة الجزائرية إن الرئيس تعرض « لنوبة اقفارية عابرة » لم تترك آثارا في حوالي الساعة 12:30 بعد ظهر أمس .
ويعرّف الأطباء النوبة الأقفارية العابرة بأنها اضطراب في نشاط الدماغ، ينتج عن انخفاض مؤقت في تدفق الدم للدماغ، وتكون الأعراض العصبية الناجمة عن النوبات الأقفارية عابرة، وتشبه تلك الخاصة بالسكتة الدماغية، ولكنها تكون مؤقتة وتستمر في الغالب لعدة دقائق أو ساعات معدودة، ولا تحدث ضرراً عصبياً دائماً، ويشير الأطباء إلى أن النوبات الأقفارية العابرة تحدث كنتيجة لانسداد مؤقت في أحد الشرايين في الدماغ، بسبب قطع تصلب في جدار الشريان أو تجلطات دم صغيرة.
نتيجة الانتقادات
ويعتقد أن تكون الوعكة الصحية الجديدة التي تعرض لها الرئيس بوتفليقة، لها صلة بالانتقادات الحادة التي يتعرض لها في الفترة الأخيرة من أحزاب سياسية تعارض ترشحه لعهدة رئاسية رابعة في انتخابات إبريل/نيسان 2014.
وقالت مصادر لموقع « العربية.نت » : »إن بوتفليقة أصيب بحزن شديد وهو يشاهد رفاقه في السلاح يرحلون واحداً تلو الآخر، وآخرهم الرئيس علي كافي، بينما يتعرض هو لحملة تتهمه بالفساد رغم كل ما قدمه للجزائر »، بحسب قول المصادر ذاتها.
وطالب بعض هذه الأحزاب بتفعيل المادة 80 من الدستور التي تنص على شغور منصب الرئيس في حال عدم قدرته على أداء مهامه لأسباب صحية، كما يعتقد أن تكون لهذه الوعكة صلة بالحملة الإعلامية التي تستهدف الرئيس بوتفليقة في شخص مقربيه، أبرزهم شقيقه سعيد بوتفليقة الذي وجهت إليه اتهام بالفساد.
إزاحة شقيقه
وجاء الاعلان عن الوعكة الصحية التي تعرض لها الرئيس بوتفليقة متزامناً مع الانباء التي انتشرت عن قرار الرئيس بوتفليقة تنحية شقيقه سعيد من منصبه كمستشار في رئاسة الجمهورية على خلفية هذه الانتقادات.
فقد افادت صحيفة (لوكوتيديان دورون) المقربة من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بان الاخير ازاح شقيقه السعيد من منصب مستشار في الرئاسة، بينما تحدثت عدة صحف عن صراع بين مؤسسة الجيش والرئاسة بسبب تحقيقات حول الفساد وترشح بوتفليقة لولاية رابعة.
وقالت الصحيفة التي تصدر بوهران بغرب الجزائر ان « رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة ازاح شقيقه (السعيد) من المنصب الذي كان يشغله كمستشار في قصر الرئاسة ».
واضافت الصحيفة استنادا إلى مصادر مؤكدة ان « سبب الإقالة مرده خلافات شخصية ولا علاقة لها بقضايا باي ملف (فساد) يكون قد تورط فيه شقيق الرئيس ».
وكانت الصحف الجزائرية تساءلت عن احتمال تورط السعيد بوتفليقة الاستاذ الجامعي والنقابي السابق في قضايا فساد في قطاع الطاقة الكهربائية.
واشارت صحيفة « الوطن » الاربعاء الى صفقات لانجاز محطات لتوليد الكهرباء تفوق قيمتها خمسة مليارات دولار فازت بها شركتا الستوم الفرنسية وجنرال الكتريك الامريكية بفضل علاقاتها مع الرئيس بوتفليقة وشقيقه المستشار ».
وكتبت صحيفة الخبر السبت تعليقا على ما نشرته الوطن « عندما تنشر يومية وطنية ان شقيق رئيس الجمهورية ومستشاره السعيد بوتفليقة، متورط في فضائح الرشوة دون ان يرد المعني او تتحرك العدالة، او يصدر رد فعل عن اي جهة رسمية او غير رسمية، فان هذا يعني أن كل قيم الدولة أصبحت تحت أحذية الجميع، مسؤولين ومرؤوسين ».
وعادت صحيفة الوطن السبت للحديث عن صراع محتدم بين مؤسسة الرئاسة والمخابرات الجزائرية ممثلة في دائرة الاستعلامات والأمن التي تقود التحقيقات في قضايا فساد في شركة النفط العمومية سوناطراك.
وربطت الصحيفة بين التحقيقات ومشروع الرئيس في الترشح لولاية رابعة بمناسبة الانتخابات الرئاسية المنتظرة في نيسان / ابريل 2014.
وعكات متكررة
وخلال السنوات الثماني الماضية، التي تلت أول وعكة صحية حادة تعرض لها بوتفليقة نهاية 2005، كان التكتم سيد الموقف في كل المحطات التي استوجبت نقل الرئيس بوتفليقة للعلاج خارج الوطن.
وفي 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2005، تم نقل الرئيس بوتفليقة على جناح السرعة إلى المستشفى العسكري، فال دوغلاس، بفرنسا، وهناك خضع لعملية جراحية دقيقة، قيل لاحقاً إنها لعلاج سرطان في المعدة، لكن أطباء الرئيس نفوا ذلك في وقت لاحق.
وعاد الرئيس بوتفليقة إلى البلاد قبل نهاية سنة 2005، للتوقيع على قانون المالية، حسبما تحدده قوانين البلاد، وكان مراقبون وقتها ينتظرون هذا التاريخ لتحديد مصير الرئيس بوتفليقة في « قصر المرادية »، حيث يوجد مكتب الرئاسة.
وفي الجزائر، يستمر النقاش حول صحة الرئيس ومدى قدرته على تسيير شئون الحكم، وظهر بوتفليقة في مناسبات عدة شاحب الوجه ، وعندما توفي شقيقه الدكتور مصطفى وجد الرئيس بوتفليقة نفسه مجبراً على الظهور مع « أيقونة » كرة القدم الفرنسية اللاعب زين الدين زيدان، ليكذب إشاعات راجت بقوة عن وفاته هو شخصياً.
وكان آخر ظهور للرئيس بوتفليقة عندما حضر تشييع جنازة الرئيس الجزائري الأسبق علي كافي، بمقبرة العالية.
ولم يغادر بوتفليقة الجزائر فى نشاط رسمى منذ قرابة 15 شهرا وأصبح يكلف كلا من الوزير الأول ورئيسى غرفتى البرلمان فى النشاطات الدولية.
كما ينوب الوزير الأول عبد المالك سلال خلال الأشهر الأخيرة عن الرئيس فى الزيارات الميدانية إلى الولايات، والإشراف على ملتقيات وندوات تنظم تحت رعاية الرئاسة.
محاولة اغتيال
وكان الرئيس بوتفليقة قد تعرض في 6 سبتمبر 2007 تعرض لمحاولة اغتيال في باتنة حيث حصل انفجار قبل 40 دقيقة من وصوله للمنصة الشرفية خلال جولة له شرق البلاد، وقد خلف الحادث 15 قتيل و71 جريح.
التفجير تم بواسطة انتحاري يحمل حزام ناسف حيث تم اكتشاف أمره من طرف شرطي هرب إلى الجمهور الذين ينتظرون الرئيس ففجر نفسه بين الحشود.
زار الرئيس مباشرة ضحايا الاعتداء، وأطل على الشاشة منزعجا، قائلا أن لا بديل عن سياسة المصالحة، متهما أيضا جهتين وراء الحادث .
ويبدو أن الأوضاع الغير مستقرة التي يشهدها عالمنا العربي ومنها الجزائر التي شهدت تظاهرات ضد غلاء المعيشة في خضم الربيع العرب، والتي تبعتها حركات احتجاجية للمطالبة بتوفير فرص العمل وزيادة الأجور ، جعلت الرئيس الجزائري يعلن عن نيته عدم الإستمرار فى الحكم أو الترشح لولاية رئاسية رابعة فى 2014 لمدة خمس سنوات بسبب ما وصفه بأن أحوال الجزائر لا تبعث على الاطمئنان
شبكة الاعلام العربية
Aucun commentaire