الحرية عند الشباب؛ عبارة ملتبسة.
بقلم فاتن بربوشة،
الترجمة من الفرنسية:
محمد الفقير
حرية التعبير، حقوق الإنسان، التنمية
المستدامة. كل هذه الكلمات تثير رغبتنا
في الكشف عن الداخل و الخروج من طي
النسيان و إطلاق العنان لكل طموحاتنا.
إلا أن مفهوم الحياة السليمة أصبحت أكثر
فأكثر تكتنفه بعض الغرابة. لقد تبدل نمط
عيشنا و تنامت حرية التعبير كما تغيرت
طرق تصرفاتنا على الملأ، فأصبحنا لا نعي
نظرة الآخرين إلينا و لا رد فعل محيطنا
السلبي. أصبحنا منذ الآن نفعل ما نشاء
حين نشاء و بالطريقة التي نشاء ؛ و
الحالة هذه، هل يمكن الحديث عن الحرية،
عندما تصبح هذه الأخيرة عبارة عن حجاب
لإخفاء كل ما يسيء إلى ديننا الحنيف ؟
قبل تحقيق تطوره، قطع كل بلد متقدم
طريقا طويلا رسمه بالرجوع إلى قواعد و
قوانين تستجيب لمتطلبات شعبه. لذلك، فكل
تغيير ترافقه إستراتيجية نمو تتماشى مع
عادات و معتقدات مواطنيه. و بالتالي
فتحنا أعيننا في السنوات الأخيرة على
تغييرات جد معاكسة. فمن جهة يتكاثر
النقاش حول النمو يوما بعد يوم، و من جهة
أخرى يتوالى تسخير كل الوسائل للتحسيس
بأهمية التربية و الأخلاق و الدين.
إن بلدنا معروف بانفتاحه على العالم و
تنوع توجهاته، و هذه نقطة قوته قد تمكنه
من كسب عدة مزايا على المستوى الدولي. و
على الرغم من ذلك، فإن هذا الإنفتاح
يمكن أن يشكل كذلك إكراها بالنسبة
للبلد. الإسلام في المغرب مطبق في
الدستور، و انفتاح عقول المغاربة شيء
يثمنه كل الأجانب الذين يؤكدون أنهم
يتمتعون بكامل حرية الممارسة الدينية
دون أي إزعاج. لكن مفهوم الحرية هذا يصبح
مرادفا لعدة تصورات مبهمة. لقد أضحى
مفهوم الحياة أقرب إلى الغرب منه إلى
الشرق. شباب اليوم يكادون يفهمون المعنى
الحقيقي لمنطقتهم و المبدأ الذي ترتكز
عليه. همّهم الوحيد هو إغراء الفتيات و
استهلاك المخدرات. إقبالهم على
المطالعة و حنكتهم يتراجعان باستمرار،
و لا يبذلون أدنى مجهود من أجل تتويج
سنتهم الدراسية بنتائج مشرفة. على العكس
من ذلك، فهم يسعون إلى إيجاد الواسطة
لتضخِّم نقطهم. إن هذه الصورة اللصيقة
بالشباب تشكل خطرا بالنسبة للمستقبل.
هنالك إكراهان اثنان يجب تسليط الضوء
عليهما. أولا الآباء و دورهم في التربية.
أن يكونوا أثرياء أو فقراء، فهم يلعبون
دورا أساسيا في نجاح إبنهم التربوي و
المهني. فإما أن يكونوا منشغلين
بمستقبله فينخرطوا كليا في تربيته
تربية حسنة حتى يحصل على منصب يستحقه، و
إما أن يكونوا على الدوام منهمكين في
عملهم فيجد الأطفال حرية التصرف على
هواهم. إن انعدام الطمأنينة لا يشعر به
الآباء إلا بعد الوقوف على نتائج
تقصيرهم. الابن لا يملك قاعدة دينية
فإنه يجهل فن العيش و لا هدف له في
الحياة و لا شعار. على هذه الثغرة تنبني
النتائج التي نحصل عليها على مستوى
التربية و الأخلاق و الممارسة الدينية.
الإكراه الثاني يتمثل في دور المدرسة و
الشارع و المحيط الذي يمكن أن يؤثر
إيجابيا أو سلبيا على الشبان المراهقين.
سواء أكانوا منتمين إلى أسرة متواضعة أو
ميسورة ليس هذا هو موطن الخلل، بل
المشكل يأتي من الطريقة التي يتصور من
خلالها الشاب ما يحيط بهم من سوء و
إغراءات مختلفة. الوعي بهذا الخطر مرتبط
بمبادئ التربية التي تلقاها الطفل. إنه
سيكون حينها إما منبهرا بهذا العالم
الجديد الذي يود اكتشافه و إما سيواجهه
بما لديه من مبادئ و سيحاول التأثير على
محيطه بواسطة تصوره الإيجابي للحياة. و
هذه الفصيلة هي التي تحتاج إليها
بلادنا. شباب مثقف يمثل دينه أحسن
تمثيل؛ شبيبة أكثر مواطنة و أكثر وعي
بأن تنمية البلاد متوقفة عليه و على
طموحاته؛ شبيبة لا تنتظر شيئا من الآخر
لكنها تصنع كل شيء من أجل اكتساب عناية
محيطه.
لذا يجب علينا أن نهتم أكثر بالوقت
المخصص لأبنائنا و نكتشف ميوله في
الحياة، لأن الطفل إذا ما سلك الطريق
الذي يختاره لنفسه فسوف يكون لنا خبراء
في جميع المجالات. يجب الإنشغال بالوقت
الحر لهؤلاء الأطفال و العمل على شغلهم
بالأنشطة الثقافية و الرياضية لأن ذلك
سوف يساهم في نمو توازن ذهني عند الطفل.
و في الأخير لا يجب أن ننسى أن أساس كل
تربية هي سيرة نبينا صلى الله عليه و سلم
التي تجسد القدوة الحسنة في المبادئ، و
أيضا مختلف الأحاديث التي تسير بنا نحو
طريق السعادة و تثبتنا على نهج الفلاح.
(المصدر: وجدة سيتي )
Aucun commentaire