في انتظار الدورة الاستدراكية لولوج المجتمع المغربي إلى حاضرة جامعة الحضارة العصرية
د. بلقاسم الجطاري
كلية الآداب وجدة
في انتظار الدورة الاستدراكية لولوج المجتمع المغربي إلى حاضرة جامعة الحضارة العصرية
نستهل مقالنا بتساؤل منهجي حول صيرورة المجتمع المدني المغربي؟ (وهل أصبح الحديث ممكنا عن وجود مجتمع مدني فعال بالمغرب) ؟ وقبل الإجابة لابد من ملاحظة أولية على هامش الموضوع نفسه بالقول ( إن الحركية المتميزة المتعددة المستويات والأبعاد ) التي شهدها المغرب خلال العقدين الأخيرين كانت تعمل ضمنها قوى ذات اتجاهات متباينة ومتضادة أحيانا ، بعضها متناقضة فيما بينها، لكن القوة الحاصلة من التفاعل العام متجهة صوب وجهة التطور العام للجنس البشري، لأنها متأثرة بالقوى المحركة لذالك التطور. أما طول المدة التي تفصل مجتمعنا عن ساعة تحوله إلى مجتمع مدني، أو قصرها، فمترابط بوعينا لأهمية الأخلاق الناتج عن سلوكنا ، لا أخلاق الشعارات والأبيات الشعرية، ولكن أخلاق التواضع الحقيقي وعدم تزكية النفس والشجاعة الأدبية التي تدعو إلى الشهادة لله ولو على النفس والوالدين والأقربين. .. إن على كل فئة من فئات المجتمع المغربي العاملة في الحقل السياسي أن تقوم بعملية استبطان مكثفة من أجل صبر أغوارا لمشروع المدني والحداثي في إطار انفتاح المجتمع على عالم افتراضي تحكمه المدنية أكثر من ذي قبل ، وان تسائل نفسها في الأعماق بإلحاح من يخشى أن يقع في فخ تزكية النفس. . فليسائل كل ممارس لسلطة على مستوى من المستويات، وكل متشبث بمنصب قيادة من القيادات، وكل ذي نفوذ وجاه، فليسائل خبايا عقله وشعوره وما تحت شعوره( هل يمكنني أن أكون إنسانا عاديا يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ) ؟ والتخلص من الخلفية التقليدية والإنكباب عن المجتمع المدني وليسائل كل طموح راغب في ارتقاء مدارج المكانة السياسية سويداء قلبه ( تراني، هل أريد لنفسي التكليف والعبء الثقيل، أم أريد لها التشريف والأبهة التي أعيب من اجلها غيري؟ هل أريد إسعاد مواطني حقا، أم أريد المال الكثير الذي ظللت محروما منه بينما من هو دوني يرتع في بحبوبة من العيش؟ ألست من صنف البشر الذين قيل فيهم أنهم لا يغفرون لأنفسهم كونها بريئة غير آثمة… ؟.)
إننا لو نقوم بهده العمليات الاستنباطية والاستقرائية ، بشجاعة وفي نزاهة تامة طوال العقد الذي نحن فيه، لسنوفر لمجتمعنا شروط التحول إلى مجتمع مدني، في المفهوم الإسلامي، لان ما يعوز بنيته هو أخلاقيات المواطنة، إذ بها تنعقد البنية وتتماسك اللبنات الاقتصادية والقانونية والثقافية. . إننا لو نصنع لوطننا سلما واضح الدرجات والمعالم من قيم أخلاق المواطنة سنيسر لمجتمعنا( التلميذ ) اجتياز الدورة الاستدراكية لولوج إلى حاضرة جامعة الحضارة العصرية ليكون فيها (طالبا ) واعيا لما للحضارة العصرية من ايجابيات وما عليها من سلبيات، وليستنشق فيها على كل حال نسيم الحرية والعدل العادل والمساواة والكرامة والعدالة الاجتماعية. إننا سائرون في هذا الاتجاه، في الظاهر على الأقل، بما أننا صرنا ندرك أن العنف لا يتولد منه إلا العنف، وصرنا على وشك الاقتناع بان أقبح أشكال
العنف هو الظلم والاستهانة بالإنسان كانسان. لكننا لن نصل غايتنا إلا بالقسط الأدنى من نكران الذات متجليا في سلوك الهيئات والمنظمات والمؤسسات وفعاليات المجتمع المدني على اختلاف تجلياته ، وبالقسط الأدنى من التواضع أيضا، لان العمل التربوي الجاد يقتضي التواضع قبل كل شيء، والاهتمام بالأمور والأشياء التي تظهر تافهة. إن الروح الديمقراطية مثلا تتكون انطلاقا من احترام نظام الاصطفاف أمام شبابيك الخدمات العمومية كسلوك واع وتربية ذات قيمة أخلاقية ، وانتهاء بتغليب رأي الأغلبية، بعد المرور بالاستماع إلى الغير والنظر في رأيه وتنقده نقذا بناءا . فهل هيأنا أنفسنا ، تربويا وثقافيا، للقيام بالمهامات التي أناطها بنا التاريخ؟ هذا ما ستجيب عنه أوضاع وتصورات مجتمعنا بعد اجتيازه الدورة الاستدراكية للولوج إلى جامعة الحضارة العصرية التي تعتبر مشروع مساهم في المدنية بشكل فعال
Aucun commentaire