لعنة الصباط التي أحالت النائب المحترم على مجلس الإنضباط.
تناقلت منابر إعلامية أخيرا نبأ تجريد نائب وكيل الملك المعروف ب »مول الصباط » من كافة صلاحياته، ثم تلاه نبأ آخر يؤكد توقيفه عن العمل. في انتظار إحالته على المجلس التأديبي. حتى هنا الأمور تسير سيرها العادي ، لكن هل كان لا بد من انتظار رجة الشارع وتواتر الوقفات الإحتجاجية حتى تستجيب السلطة القضائية لتحريك مسطرة المتابعة وتفعيل بنود القانون الذي يقال أنه فوق الجميع ؟ إن من شأن الإستجابة المتأخرة لإدانة النائب المحترم أن تعطي الإنطباع أن الهاجس السياسي هو المتحكم في الأمر، وما إنصاف الضحية إلا واجهة قانونية أرادت الجهات الوصية من خلالها تبرئة ذمتها مما يقترفه بعض مسؤوليها من شطط. لقد تبين إذن أن السلطة القضائية قد انتقلت،في هذه النازلة على الأقل، من الفعل إلى مجرد رد الفعل، لهذا يخشى على العدالة في بلدنا من أن يعمم هذا النموذج على سائر المحاكمات مستقبلا، فيكون مفهوم إحقاق الحق مرادفا لإنتزاعه ، تماما كما يحدث في المجال النقابي.
ليس من الضروري أن نعود إلى تفاصيل ما حصل بالضبط ، فهذا أمر تناولته وسائل إعلام عدة بكثير إسهاب. لكن يبقى من الصعب تصديق رواية أن الميكانيكي هشام تهجم على نائب وكيل الملك فكان جزاؤه ما كان. فحتى على احتمال حصول المواجهة اللفظية ، وهو أمر غير مستبعد مادام الأمر يتعلق باستفزاز أحد الطرفين للآخر، فقد كان من الأليق التماس الأعذار للضحية الذي قد لم يدرك المكانة الوظيفية لزبونه ويعامله على أساسها . ألسنا في بلد ترتكب فيه التجاوزات بالجملة، ويكون أداء فاتورتها على حساب الهيآت والمؤسسات التي يختفي وراءها مرتكبو هذه التجاوزات، قبل أن تصل إلى ردهات المحاكم؟ ثم أن نائب وكيل الملك،وهو كما نعلم يتمتع بالصفة الضبطية، كان عليه، وهو الموكل على إقرار الحق وضمان إحقاقه، أن يوفر تدخله في هذه النازلة إلى حين توفر الشروط القانونية لهذا التدخل احتراما للمساطر المعمول بها في شان التقاضي. وأن يتريث ويتحلى بالرزانة المعهودة في الهيئة القضائية صونا لهيبة المؤسسة .أما وقد حشر نفسه في زاوية ضيقة آثر فيها النقاش السوقي الذي من خلاله يريد ان يثبت جبروته وحدود تأثيره، فهو في الحقيقة قد أزعج عش الزنابير في فصل ربيع قائظ ، وحرك حفيظة ووجدان الآلاف من السكان المحليين ومعهم المتعاطفين من القوى الحية في البلاد، ممن ضاقوا ذرعا بممارسات السلطة ومشتقاتها.
أما عن الحديث الدائر حاليا عن استقلالية القضاء فالكل يدري مدى وجاهة هذا المطلب، وهذه النازلة هي اختبار آخر لصدق مسعاه . لكن كيف السبيل لتحصين أدائه من التجاوزات ونحن نشهد ما نشهده الآن من تذبذب ومد وجزر في اتخاذ القرار. ونداري الأمل في حصول إنصاف من نوع ما تجود به أريحية السادة القضاة ، خاصة إذا تعلق الأمر ببني جلدتهم.
محمد اقباش
Aucun commentaire