لقد تأكد من خلال ما حدث في مصر أن كرة القدم هي أفيون الشعوب وليس الدين
لقد تأكد من خلال ما حدث في مصر أن كرة القدم هي أفيون الشعوب وليس الدين
محمد شركي
كثيرا ما كان الرافضون للإسلام في العالم الإسلامي والعربي يرددون عبارة » الدين أفيون الشعوب » التي تلقفوها عن ثقافة الإلحاد ، وأخرجوها عن سياقها بعد تطويعها لتوظف ضد الإسلام بشكل مكشوف الابتذال . فإذا ما صحت عبارة » الدين أفيون الشعوب » في المجتمعات الصليبية التي حلت فيها عقيدة الصليب محل المسيحية الحقة بعد الذي لحق التوراة والإنجيل من تحريف بشهادة آخر رسالة سماوية ، وهو تحريف جعل الدين فعلا أفيون الشعوب حيث استبد رجال الكنيسة بالشعوب إلى درجة سخط هذه الشعوب على الدين ، و ظهور من ينكر الدين جملة وتفصيلا. وإذا كان مع الذين أنكروا الدين في المجتمعات الصليبية مبرر ، فلا مبرر للناعقين من المحسوبين على الإسلام تقليدا بعبارة » الدين أفيون الشعوب » لأن فساد واستبداد الأنظمة في البلاد العربية والإسلامية لا يمكن أن يحسب على الإسلام ، ولا يمكن أن تظهر هذه الأنظمة الانتماء للإسلام ليتحمل الإسلام ما ارتكبته أوترتكبه من جرائم في حق شعوبها . والإسلام نفسه كان ولا زال أول ضحية الاستبداد في البلاد الإسلامية والعربية ، وما يحاك اليوم ضده بشكل صارخ يؤكد ذلك ، لهذا فهو براء من تهمة العفيون براءة الذئب من دم يوسف كما يقال . وفي المقابل كثيرا ما ردد بعض العقلاء أن كرة القدم عبارة عن مخدر تم استيراده من الغرب لتوظيفه في تخدير الشعوب العربية والإسلامية . وكان البعض يرفض إلحاق هذا النعت برياضة كرة القدم ، ويعتبر القائل به مجرد متعصب أو متخلف ، لأن هذه اللعبة كما يقال إنما اخترعت لتكون بديلا عن الصراعات الدامية والمسلحة حيث لطفت أجواء الصراعات الساخنة ، وجعلتها أجواء منافسة في جو من التسامح حتى اقتبست من لعبة كرة القدم عبارة » الروح الرياضية » التي صارت تطلق على التسامح في كل المجالات ، وتبين أنها مجرد شعار فارغ حيث صارت الأرواح تزهق باسمه تماما كما تزهق باسم شعار » الروح العدوانية » . وشاءت الأقدار أن توضع المقولتان » الدين أفيون الشعوب » و » كرة القدم مخدر الشعوب » على المحك فوق أرض الكنانة بعد ربيعها الذي هد عرش الفرعونية الجديدة ، وحرر المصريين من العبودية للاستبداد. وتابع العالم كيف نسجت جريمة ملعب الكرة بدقة ،والتي ذهب ضحيته أكثر من سبعين قتيلا بسبب تعاطي مخدر كرة القدم الذي يعبث بالعواطف كما تعبث الخمرة بالعقول .
وحدث هذا في ظرف تحول مصر من تاريخ الفرعونية الجديدة إلى تاريخ البعثة الإسلامية الجديدة . وتابع العالم ردود أفعال الذين يتعاطون مخدر كرة القدم بعدما قالت العدالة كلمتها في الذين أزهقوا الأرواح البرئية بسبب فعل مخدر كرة القدم في المشاعر . وثارت ثائرة المتعاطين لهذا المخدر الخطير في المعسكرين الكرويين عند أنصار الضحايا وعند أنصار القتلة على حد سواء. وتأكد أن كرة القدم من خلال النموذج المصري صارت متورطة في الشأن السياسي بشكل كبير حيث رفع الذين يتعاطون مخدر كرة القدم نفس الشعارات التي رفعتها فلول النظام السابق ، وفلول المسخرين من الخارج من أجل إجهاض تجربة حكم الأحزاب الإسلامية في الوطن العربي بعد الربيع . فعبارة » ارحل » التي رددتها فلول النظام السابق ، وفلول الطابور الخامس ضد الرئاسة الإسلامية كررها المدمنون على مخدر كرة القدم من جديد ، وقد اختلطت بهم الفلول ، وعززت صفوفهم البلطجية ، وانساق وراءهم الرعاع والسوقة. ولقد تأكد بالملموس أن المقولة التي صحت من خلال النموذج المصري هي أن » كرة القدم أفيون الشعوب وليس الدين أفيون الشعوب » خصوصا في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به الأمة بعدما أفاقت من سباتها ، وانتفضت ضد الأنظمة الفاسدة المستبدة . واليوم فقط تأكد لمن كان يخامرهم بعض الشك أن الأنظمة الفاسدة والمستبدة تحرص كل الحرص على رعاية أفيون كرة القدم وتنفق من أجله الغالي والنفيس من أجل تخدير شعوبها ، وصدها عن الوجهة الحقيقة التي هي رفض الفساد والاستبداد . وتأكد اليوم أيضا أن الطقوس التي تحاط بها لعبة كرة القدم في العالم إنما هي إجراءات لحماية هذا الأفيون ، وجعل درجة تخديره أكبر خصوصا في الساحة العربية والإسلامية . فمتى ستتنبأ الشعوب العربية والإسلامية إلى خطورة أفيون كرة القدم ؟ ومتى ستتأكد من أن الشفاء منه هو دين الإسلام الذي ظلم لعقود ، وتبين بعد ظلمه أنه هو العلاج ؟ وتأكد ذلك بسبب الحملات الشرسة ضده من الخارج والداخل على حد سواء .
1 Comment
لايمكن ان نسلب من الرياضة -عموما-ايجابياتها وغاياتها النبيلة وكرة القدم احدى هذه الرياضات.ان الشغب الذي تعرفه الملاعب احيانا ليس مرده الى اللعبة ولا الى اللاعبين بل مرده الى فئة قليلة من المتفرجين المرضى ، أقول مرضى ويجدون في تلك الفضاءات متسعا لتفجير مكبوتاتهم وامراضهم واعتقد ان الخلل يكمن في غياب اي تأطير لجميع المتعاطين مع هذه اللعبة او غيرهاوواقع الحال يؤشر على وجود تجاوزات كبيرة في صفوف المتفرجين واضيف الى كلامك ما يعرفه مجتمعنا من مناصرة مستهجنة لبعض الفرق الأجنبية ،فينقسم المشاهدون الى فوجين داخل المقهى وكثيرا ما تحدث مشاجرات بينهما في حين نشاهد رئيسي الفريقين المتباريين على التلفاز يجلسان جنبا الى جنب ويتبادلان الحديث ويهنئ المنهزم منهما الفائز، كما يتصافح اللاعبون بل ويعانق بعضهم بعضا احيانا.فأين الخلل؟