رحيل الاعلامي المتميز محمد المودن صاحب البرنامج الحواري  » مع الحدث  » على القناة المغربية الاولى , صنع الحدث هذا الاسبوع , اذ شكلت وفاته اثر ازمة قلبية المت به صدمة لكل من يعرفه عن قرب او تابع مساره المهني منذ سنة 1976 كصحافي مقدم للأخبار المتلفزة في زمن لم يكن فيه وجودا للقنوات الفضائية و لا للشبكة العنكبوتية , وكانت العائلات تجتمع حول شاشة تلفزيون يبث صوره بالأبيض والأسود قبل دخول عهد الالوان والشاشات المسطحة والثلاثية الابعاد , والصورة  الرقمية ذات الجودة العالية ,والبقية تأتي .

لم يكن للمشاهدين في ذلك الوقت  من خيار غير متابعة القناة الوطنية والتي كانت تقدم  – رغم ضعف الامكانيات –  برامج متنوعة منها الرياضية والإخبارية والثقافية والترفيهية وبرامج للأطفال وغيرها , حضيت باهتمام واسع ,واذكر منها على سبيل المثال لا الحصر برامج نادي التلفزة , , مواهب , بين المدن , سمر , سهرات الاسبوع , خميس الحظ  , كما كان للمسرح والسينما حيزا من الزمن رغم ان ساعات البث على الهواء كانت محدودة وكثيرا ما تخللتها اعطاب تقنية في الصوت او الصورة اوهما معا , وكنا في مدينة وجدة محظوظين بالتقاط القنوات الاسبانية والجزائرية  قبل الغزو الفضائي للقمار الاصطناعية وللصحون المقعرة بسنين كثيرة .

من خلال الجريدة المتلفزة كان يطل علينا الوجه البشوش لمحمد المودن الذي اصبح مألوفا لدى النظارة , ورافقتنا صورته طويلا حتى صار كفرد من افراد  العائلة الصغيرة وكان شابا في اوج العطاء والحيوية والنشاط , وقد تدرج في سلم المسئولية من رئيس تحرير الى مدير لقسم الاخبار الى مدير للأنشطة الملكية , وطيلة هذا المشوار ظل وفيا لطبعه المتميز بالتواضع وحسن الخلق والاحترام في تعامله مع رؤسائه ومرؤوسيه .ونموذجا للطيبوبة  و اللطف ومن الاخيار الذين حباهم الله بهاته الصفات الحميدة .

وقد تعرفت عليه عن قرب في الميدان العملي اثناء مواكبته للزيارات الملكية في مختلف ربوع المملكة , وعاينت طريقة اشتغاله مع فريقه المكون من الصحافيين والتقنيين والمصورين والسائقين …, والتي كانت تتميز بالمهنية والمسئولية والانسجام التام , ولم يسجل في يوم من الايام ما يعكر صفو هذا العمل الجماعي النموذجي , ويشهد له الجميع بدماثة الاخلاق ,والورع والتقوى , فجزاه الله خير الجزاء .

ورغم ما بدى على صحته من وهن في السنين الاخيرة بسبب المرض , فقد ظل واجب الوطنية  عنده فوق كل اعتبار وعمل بجدية وتفان الى الى اخر رمق في حياته .

رحم الله الفقيد واسكنه فسيح جناته , والهم ذويه الصبر والسلوان , وإنا لله وإنا اليه راجعون ..