Home»National»لا يود كتم شهادة الحق ولا يبغض أصحابها إلا آثم القلب

لا يود كتم شهادة الحق ولا يبغض أصحابها إلا آثم القلب

1
Shares
PinterestGoogle+

لا يود كتم شهادة الحق ولا يبغض أصحابها إلا آثم القلب

محمد شركي

الشهادة  من فعل  شهد يشهد ، وهو فعل  يحمل العديد من الدلالات  حيث  يعني علم ، وأدرك ، وحضر ،  وعاين ، واطلع على  ، وحلف . والشهادة عبارة عن خبر قاطع ، وقد تكون عبارة عن وثيقة ذات مصداقية كما هو حال الشهادة الطبية التي تثبت الصحة أو العلة  ، وكما هو حال الشهادة التي تثبت الفوز والنجاح ، أو الشهادة التي تثبت  مختلف  الأحوال التي يمر بها الإنسان في حياته  . وفي ثقافتنا الإسلامية للشهادة مكانة خطيرة ، لهذا أمر الله عز وجل  بالقيام بها في قوله تعالى : ((  وأقيموا الشهادة لله )) ، كما نهى سبحانه وتعالى عن كتمها ، وجعل ذلك إثما في قوله : (( ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه )) . كما اعتبر الله عز وجل كتم الشهادة ظلما في قوله تعالى : (( ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله )). ومعلوم أن الظلم هو وضع الأمور في غير ما وضعت له ، وكتم الشهادة ظلم . وشرط الشهادة في ثقافتنا الإسلامية العلم أو الحضور والمعاينة أو الاطلاع. وصاحب الشهادة بسمى الشهيد ـ بفتح وكسر الشين ـ  وهو الذي لا يغيب شيء من علمه ، وهو الشاهد أيضا. ولا يشهد إلا عالم بالخبر القاطع ،لهذا يسمى الملاك شاهدا  ، وبسمى اللسان شاهدا كذلك . وفي الذكر الحكيم يقول الله تعالى : (( حتى إذا ما جاءوها  شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم )) فالسمع والأبصار والجلود  شهود لحضورها مع أصحابها ومعاينتها لأحوالهم .  ومن ذلك أيضا قوله تعالى : (( وشهد شاهد من أهلها ))  وكان هذا الشاهد على علم بأحوال امرأة العزيز، لذلك حق له أن  يقضي بما قضى ، وكان ما قضى به هو الحق القائم على البينة  والدليل  والحجة القاطعة . والشاهد عند أهل اللغة هو كلام من يوثق بعربيته أو بعلمه  بها ، ويؤتى به إثباتا لقاعدة نحوية . والشهيد الذي يقتل في سبيل الله، وقد سمي كذلك  لقيامه بشهادة الحق في أمر الله عز وجل  حتى أنه وهب نفسه من أجل ذلك ، وهو أمين في شهادته .  والشهادة في ديننا  نوعان : شهادة حق ، وشهادة زور أو باطل . فمن شهد بغير الحق  كانت شاهد زور أو باطل. وكثيرا ما  يضيق الناس  ذرعا بشهادة الحق  ، ويؤثرون عليها  شهادة الزور أو الباطل إذا كانت لهم مصالح شخصية في ذلك ، وهم أهل الإثم كما سماهم الله عز وجل . وقد يلابس الزور أو الباطل  حتى الشهادات الرسمية مثل الشهادات الطبية والعلمية  وغيرها من الشهادات تماما كما يلابس  شهادات القول . فكم من شهادات زور  زورت ونال  بها أصحابها  ما لا يحق لهم  ، وربما  أخذوا بها حقوق غيرهم . فمما  بلغني كأمثلة على سبيل التمثيل لا الحصر أن  بعضهم  حضر الامتحان مكان غيره فحصل هذا الغير على شهادة زور بنجاحه ، وتبوأ بها ما لا يحق له من المناصب . ومثله من  كلف غيره بإعداد أطروحة نال بها درجة علمية وحاز بها المنصب ،  وهي من عمل غيره ، وهو لا يبالي بمطعمه الحرام من كسبه الحرام بسبب منصب ناله بشهادة زور، ومع ذلك يصلي ويصوم ، وينتسب إلى الإسلام ، وربما قد يعلو المنابر ويخطب الناس ويقرأ عليهم قول الله عز وجل : (( ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه ))  وينطبق عليه حكم :  » رب تال للقرآن والقرآن يلعنه  » ، وحسبه ذلك إثما مضاعفا. ومشكلة هؤلاء أن خبرهم شائع بين الناس ،وأنهم عرضة للسخرية والاستهزاء ،وهم إما غافلون  يظنون أن أمرهم خاف لا يعلم ، أو عالمون  بذلك ولكنهم من طينة وضيعة يستطيبون الدنية ، ويهون عليهم الهوان ، ولو شهد شهود من أهليهم لكان حالهم كحال امرأة العزيز ، ولكن الله عز وجل ادخر لهم شهادة السمع والأبصار والجلود التي ينطقها من أنطق كل شيء جل في علاه . ومن شهادات الزور أيضا أن  يتبوأ البعض مناصب ليست من حقهم ، ويكون شهود الزور من  شهد باستحقاقهم لها كذبا وزورا . ومن شهادة الزور أيضا أن  يتستر شهود الزور على فضائح البعض ، ويكون فيها إضرار بالصالح العام . ومن شهادة الزور أيضا تزوير التقارير الشاهدة  لتصير أدلة على باطل وكذب وزور. والعادة أن يضيق شهود الزور بكل  شهادة حق لإثم قلوبهم إذ لا يقدم على شهادة الزور  سواء كان شاهدا أو مشهودا له سوى آثم القلب المصر على الاستفادة من باطل  وزور . ويضمر أصحاب شهادات الزور والباطل الحقد والكراهية لكل ما له علاقة بشهادة الحق ، وقد  يعلنون الحرب التي لا هوادة فيها  على أصحابها إلا أن مآلهم الفشل الذريع والفضيحة والعار والشنار، لأن طبيعة الباطل أن يكون زهوقا لسوء حظ شهود الزور والمشهود لهم به  .  

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *