ما السر وراء عدم الاستقرار السياسي الذي تشهده دول الربيع العربي؟
ما السر وراء عدم الاستقرار السياسي الذي تشهده دول الربيع العربي؟أهو نقص الخبرة لدى الحكومات المنتخبة؟أم أن الأمر يتعلق بمعارضة فاقدة للرؤية الواضحة؟
مرت سنتان على ما اصطلح عليه بالربيع العربي،هذا الربيع الذي أطاح بأنظمة ديكتاتورية،ونصب محلها حكومات انبثقت كما يعلم الجميع عن انتخابات شهد لها العالم بالنزاهة والمصداقية.ولعل القاسم المشترك بين هذه الحكومات هو اتكاؤها على مشاريع برامج ذات مرجعية إسلامية.وقد استبشرت الشعوب التي هب عليها نسيم الربيع سالف الذكر،خيرا بقدوم قادة جدد ،حيث علقت عليهم كل آمالها في حدوث ذلك التغييرالمنشود، بما يضمن استقرارا سياسيا،و بناء مؤسسات ديمقراطية، وعدالة اجتماعية ،والقطع بالتالي مع كل أشكال الفساد ونهب خيرات الأمة بغير حق، ،هذا الفساد الذي كان حجر الزاوية في اندلاع تلك الثورات.كل هذا لم يحدث مع الأسف إلى حدود الآن على الأقل،بحيث لازالت تلك الدول تعاني من معيقات عدة خاصة على مستوى بناء المؤسسات،ولازالت تعيش المرحلة الانتقالية والتي طال أمدها.ولنا أن نتساءل نحن الذين نراقب هذا المشهد من بعيد:
هل تلك الحكومات ناقصة خبرة وحنكة سياسية؟أم أنها اصطدمت بمعيقات عدة لعل أبرزها معارضة مافتئت تضع العصا في العجلة،خاصة إذا علمنا أن تلك المعارضة لازالت لم تفصح عن رؤية واضحة تؤهلها للمساهمة في إنتاج فكر حقيقي،يعزز المشهد السياسي،ويقويه بالقدر الذي يدفع الحكومات المنتخبة إلى الاجتهاد أكثر مخافة أن تقلب عليها الطاولة في الاستحقاقات الانتخابية القادمة؟
نكتفي بهذا التساؤل الجوهري،الذي ربما يلامس هذا الواقع الذي تعيشه بلدان الربيع العربي،علما أن هناك معيقات أخرى تعمدت عدم الخوض فيها،من قبيل المؤامرات الخارجية والداخلية،ولي من المبررات ما يعزز هذا المنحى،لاعتقادي الجازم بأن المؤامرات ما كان لها أن تجد طريقا،في بلد سطرت فيه الحكومة والمعارضة هدفا أسمى وهوخدمة البلد كل من موقعه،وهل تكالبت دولة أجنبية ،أو عناصر مندسة على بلد ما، في وجود وحدة وطنية متماسكة؟وإلا كيف نجح الربيع العربي؟وأين كانت المؤامرة الأجنبية آنذاك؟
عودة إلى موضوعنا الأساس،والذي نحن بصدد مناقشة حيثياته،نخلص إلى أن هذا التخبط الذي تعرفه دول الربيع العربي على جميع المستويات منذ سنتين، هوفعلا نتاج نقص خبرة سياسية،فسنتان في قاموس الدول المتحضرة ،تعني الكثير من الوقت والجهد الذي ينبغي أن يستثمر لصالح تنمية البلد من جميع النواحي ،إلا أنه مع الأسف ضاعت السنتان في القرارات وإلغاء القرارات،وعملية شد الحبل مع المعارضة ،حتى أضحى القرار يعيش تخبطا حتى على مستوى الحزب الواحد كما هو واقع الحال لدى حزب النهضة التونسي،وهذا شيء خطير قد يؤدي إلى الانشقاق داخل الحزب الواحد،وما يترتب عن ذلك من هدر للوقت والجهد في سبيل إيجاد التوليفة المؤهلة لتسير دواليب الحكم،كل هذا يعزز قولنا بأن الحاكمين الجدد،هم أبعد ما يكون عن الامساك بزمام الأمور، وهذا شيء طبيعي،بالنسبة لحكومات أغلبها يباشر الشأن العام لأول مرة،وهنا ننبه إلى أننا لانقدح في تلك الحكومات بقدرما نفسر واقعا غير خاف على كل متتبع عاقل،يزن الأشياء بموازينها كما يقولون.
أما المعارضة فحدث ولاحرج،لارؤية واضحة تقتنع بها الشعوب،ولاأهداف موضوعية تساهم في إخراج تلك البلدان من هذه الشرنقة ،فيكفي أن نسرد ما تعانيه المعارضة العربية من تجاذبات على مستوى هياكلها التنظيمية،لنعرف السر وراء هذاالمشهد السياسي المتردي ،والذي لن يزيد الشباب إلا نفورا من السياسة وأهلها.
Aucun commentaire