أول خطوة نحو محاربة الفساد فتح تحقيقات جادة في إسناد المناصب إلى غير أهلها في كل القطاعات
أول خطوة نحو محاربة الفساد فتح تحقيقات جادة في إسناد المناصب إلى غير أهلها في كل القطاعات
محمد شركي
الفساد الذي نخر جسم المجتمع المغربي بعد وباء الاحتلال الفرنسي الخبيث والبغيض شبيه بداء السرطان المتعدد المظاهر . فإذا كان السرطان يصيب الدم واللحم والجلد والعظم والمخ ، فإن الفساد أيضا يصيب السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة . وكما يؤثر نوع من أنواع السرطان الخبيث على كامل الجسد فيهلكه، فكذلك الفساد الخبيث في مجال من المجالات أو قطاع من القطاعات يؤثر في المجتمع برمته فيدمره تدميرا . ومن أنواع الفساد الخطير خطورة السرطان الخبيث والمدمر إسناد المناصب إلى غير أهلها في مختلف القطاعات . فالمناصب تتراوح بين أعلى الرتب وأدناها ، من رتبة وزير إلى رتبة بواب أو عون كنس أو ما دون ذلك حسب سلم الترتيب في مختلف القطاعات . وإذا كانت أعلى رتبة ، وهي رتبة وزير تنال بطريقة غير مشروعة عن طريق المحسوبية والزبونية ، فكذلك الشأن بالنسبة لكل المناصب التي دونها بما فيها مهمة الكنس أو ما دونها . ومعلوم أن منصب وزير في الغالب تستبيحه الأحزاب السياسية حيث قد يسند إلى من لا يتوفر على مثقال ذرة من مواصفات وزير. وفي أحسن الأحوال تقدم الأحزاب إلى منصب وزير المطلعين على قدرها وما يطبخ فيه ، وقد تقدم أصحاب الألسنة الحداد اتقاء لشرهم الوبيل . وشرط الانتماء الحزبي من أجل الحصول على منصب وزير كركن الوقوف بعرفة بالنسبة لعبادة الحج . فإذا ما كان الحج عرفة ، فالوزارة هي الحزب عندنا . ومما تموه به الأحزاب على سطوها على منصب الوزير الذي يقدم هدية أو هبة لمناضليها اعتماد شواهد علمية قد تكون في حكم المطبوخة طبخا. فكم من طماع سيال اللعاب أعد الشواهد المطبوخة الفاقدة للقيمة العلمية أو الأدبية ثم صار ينتقل بين الأحزاب انتقال الذباب القذر بين قاذورات القمامات للبحث عن حزب يستبيح له منصب وزير أو ما يليه . وعلى طريقة استباحة الأحزاب لمنصب الوزير يستباح ما دون منصب الوزارة من مناصب مركزية وجهوية وإقليمية حيث يستبيح الوزير الذي استباح له حزبه المنصب المناصب لبطانته تماما كما تفعل أول ذبابة قذرة تحط فوق القذورات فتخبر بطانتها الذبابية ، فإذا هي تعج فوقها . والمثير للسخرية وللضحك مع المرارة والألم أن تستباح حتى أبسط المهام في بعض القطاعات حيث يصير البواب والسائق وعون الكنس أيضا عبارة عن ذبابة حزبية قذرة تقع فيما لا يحق لها . ومعلوم أن الأمور إذا آلت إلى غير أهلها اقتربت ساعة نهايتها كما جاء في الأثر . وإذا كان الوزير ضاربا للطبل في وزارة من الوزارات،فلا بد أن ترقص بطانته الحزبية على إيقاع نقره للطبل ، وهو ما يتولد عنه فساد الوزارة برمتها ، ومن ثم يؤثر هذا الفساد في باقي الوزارات والقطاعات كفعل نوع من أنواع السرطان الخبيث في الجسم . وأنا أتحدى من آل إليهم أمر تدبير هذا البلد المسكين أن يفتحوا تحقيقات جادة ودقيقة في طرق موضوع إسناد المناصب خصوصا المركزية والجهوية والإقليمية إلى غير أهلها للوقوف على جريمة استباحة هذا الوطن من خلال استباحة هذه المناصب محسوبية وزبونية . ومن قال عكس هذا الكلام أو شكك فيه ،أقول له ما قال الله تعالى لمن نسب له الولد : (( فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين )) . ومن أغرب ما يوجد في مجتمعنا ظاهرة توريث بعض المناصب التي هي أصلا في حكم المستباحة، الشيء الذي يكرس الفساد ويجعله معقدا كتعقيد أنواع السرطان الخبيث. ومن أغرب ما يوجد أيضا في مجتمعنا ابتذال بعض القطاعات عندما يصير من استبح له أدنى منصب يتحكم في قطاع برمته حيث يصير على سبيل المثال البواب أو عون الكنس أو السائق أو ما شابه أداة في يد من استبيح له أعلى منصب يسلطها على كل من في القطاع إذلال لهم واحتقارا ،لأن أخطر ما يخشاه من استبح له المنصب هو الكشف عن تطفله عليه ، وعن حصوله عليه دون وجه حق محسوبية وزبونية لا أهلية ولا كفاءة ولا استحقاقا . وهكذا تصاب مختلف القطاعات بالعناصر الفاسدة المفسدة تماما كما تصاب الأجسام بالأورام السرطانية الخبيثة . ومن سوء حظ بعض القطاعات أنها موبوءة بالكامل من أعلى منصب إلى أدناه حتى تصير القطاعات برمتها تنسب إلى آل فلان أو فلتان بسبب تسلط عائلة بعينها عليها، فتستباح للمعم والمخول وللصهر والنسب ، وقد تستباح أيضا بالولاء وبكل أنواع القرابة والعصبية . وبناء على ما سبق نقول إذا كان من آلت إليهم الأمور والمسؤولية والأمانة يعتقدون حقيقة أنهم سيقفون بين يدي الله عز وجل يوم القيامة وسيسألون ، فإنه من الواجب المفروض أن يعجلوا بفتح التحقيقات الدقيقة والنزيهة في كيفية إسناد المناصب في كل القطاعات إلى من لا يستحقها ، ولا يجوز أن يقربها ، ولا تحل له أبدا حتى يلج الجمل في سم الخياط ، وما هو بوالج . وإذا ما تم سكوت المسؤولين خاصة أولئك الذين ينتسبون إلى الإسلام الذي لا يظلم فيه الناس على فساد إسناد المناصب في مختلف القطاعات إلى غير أهلها محسوبية وزبونية ، فإنهم سيصبحون أيضا مفسدين لسكوتهم عن الفساد ، وسيصيرون بدورهم نوعا من أنواع الفساد الخبيث المترتب عن السكوت عن الفساد ، تماما كما ينشأ نوع من السرطان الخبيث عن آخر أفتك منه ، فينتقل من جلد إلى لحم إلى عظم إلى دم لينتهي الأمر بهلاك الجسم المصاب . وأخيرا نقول لك الله عز وجل يا مغربا عاث فيه المفسدون فسادا ولم يجد من يستطيع قطع دابرهذا الفساد .
1 Comment
بل ان أول وآخر خطوة للاصلاح ومحاربة الفساد هي ارجاع أو استرجاع أموال الدولة والشعب التي نهبت وسرقت والقاء القبض على لصوصها ومصادرت كل ممتلكاتهم لأنها مسروقة بطريقة أو بأخرى ثم محاسبة أولائك اللذين اغتنوا وجمعوا ثروات هائلة بواسطة التجارة في المخذرات والخمور والدعارة والرشوة وأشياء أخرى، أما اسناد المناصب ولا كدا فتلك أمور شخصية لا تهم الشعب الذي يطالب بانصافه واسترجاع أمواله وثرواته.