آفة اللغو عند نواب الامة
آفة اللغو عند نواب الأمة وانعكاساتها السلبية على المجتمع:
ذ.إسماعيل علالي
إن المتتبع لجلسات برلماننا يصاب بالتوتر والضجيج جراء آفة اللغو التي ابتلي بها هذا الأخير، إذ بمجرد ما تفتتح الجلسة البرلمانية حتى تظهر سلوكات قولية شاذة تشوش على الجماهير الشعبية من داخل بيوتها، الشيء الذي يجعل المواطن ينفر من تتبع هذه الجلسات التي تعنيه بالدرجة الأولى، مما يجعلنا نطرح السؤال التالي: هل هذا التشويش مقصود- سواء من قبل المعارضة أو الأغلبية- أم هو تشويش عفوي تفرضه الممارسة السياسية؟
إذا كانت الإجابة تكمن في التساؤل الأول ، فعلى نواب الأمة الإفصاح عن هذه القصدية التي لا تخدم الوطن وأبناءه، لأن آفة اللغو مهما حاولنا تبريرها فإنها لاتعكس سوى وضع مأزوم يتمثل في انحطاط مستوى الوعي السياسي عند ممثلينا واضطراب أفقهم السيكولوجي خاصة في بعده التواصلي.
من الواجب –إذن-على نواب الأمة التركيز على مسألة الصدق السياسي والالتزام بأدبيات الحوار التي من شروطها احترام الآخر ومقارعة الحجة بالحجة، قصد الوصول إلى نتيجة منطقية تخدم الوطن و المواطنين، وتجلي المعمى والمغيب في الأداء الحكومي، بغية تجاوز النقائص وسد الثغرات.
أما إذا كان الجواب ثاويا في التساؤل الثاني، فلا بد من إشعار هؤلاء بأن هذه الممارسة العفوية إنما تنتمي إلى عصور سحيقة تبرأ منها ساسة العالم منذ ارتأى الحيوان الناطق التنكر لحيوانيته ومغادرة الطبيعة عبر قنطرة العقود الاجتماعية التي وسعت من عقله السياسي.
لذا يتحتم على النائب البرلماني احترام ذكاء المواطن المغربي، لا تكريس فعل التواصل الشعبوي بدعوى عفوية القول الخطابي.
وبيِّن أن كل آفة من هذه الآفات-أعني اللغو والارتجالية-إذا تسربت إلى الخطاب ، أضرت به وبمختلف وظائفه خاصة الوظائف الإخبارية والتوجيهية ، مما ينعكس سلبا على مشهدنا السياسي ويجعله ضربا من التخبطات العشوائية التي تفسد وظيفة الخطاب السياسي في بعدها التواصلي والتفاعلي، بحيث لا يجد المواطن مستندا حقيقيا للدعوة إلى تجديد الثقة في النواب، وبالتالي الكفر بجدوى الممارسة السياسية .
وهكذا فإن خرم القواعد المتعارف عليها في أبجديات الحوار والمناظرة و التواصل أثناء الممارسة السياسية يفضي إلى الشعبوية التي ينتج عنها تحجر الفكر واللغو السياسي أو إلى التمويه الذي يتولد عنه النفاق السياسي الذي ينشأ عنه-هو الآخر- آفات مختلفة تؤدي إلى تعطيل رغبة المواطن في الإسهام الفعال في تخليق الحياة السياسية و توجيه المشروع المجتمعي المغربي بغية تحقيق رقي الوطن والحفاظ
على منظومته القيمية .
ذ.إسماعيل علالي
2 Comments
مقال في الصميم أستاذ علالي إسماعيل،
إن تحسين جودة أداء نواب الأمة رهين بمثل هذه المقالات الرصينة،أحييك ذ.إسماعيل علالي على وطنيتك وعلى مقالك القيم فقد عرفت الداء وأتقنت تشخيصه