هل كانت الخيزران امازيغية مغربية ؟
الخيزران بنت عطاء دخلت التاريخ من بابه الواسع , وهي الجارية التي بيعت بمكة ولم يكن مالكها الجديد غير الخليفة العباسي ابو جعفر المنصور , اشتهرت بجمالها الاخاذ وذكائها المتقد ,اللذين جعلا منها امرأة استثنائية بكل المقاييس . وقد اغرم بها ابنه المهدي فحررها وتزوجها , وستصبح اما لخليفتين عباسيين هما موسى الهادي وهارون الرشيد . وتميزت بقوة شخصيتها ودهائها وكانت بمثابة الحاكم الفعلي لشؤون البلاد والعباد في عهد زوجها الخليفة المهدي ,وذات الرأي السديد في السلم وفي الحرب , فتقرب اليها الراغبون في المناصب و الجاه والسلطة- كما يحدث في ايامنا هذه مع ذوي النفوذ -, وكان بيتها لا يخلو من افواج الوافدين من اصحاب المصالح الشخصية .
وبعد وفاة زوجها الخليفة المهدي تولى الخلافة ابنها الاكبر موسى الهادي , فاستمرت على نفس النهج تتدخل في شؤون الدولة وتملي على ابنها ما ينبغي القيام به وتشفع لمن تريد وتلح على تولية مقربيها , حتى ضاق صدر الخليفة من تصرفاتها هاته وبلغ السيل الزبى ,فدعاها لعدم التدخل في الشأن العام مخاطبا اياها قائلا : » اما لك مغزل يشغلك , او مصحف يذكرك , او بيت يصونك » .
وكان الخليفة الهادي يتوجس من نفوذ والدته المتزايد , وسطوتها على كبار الشخصيات , واجتماعها بالقادة و المسؤولين على خلاف ما كان سائدا انذاك لدى العرب من عادات وأعراف .
فنشا بين الام وابنها نوع من التنافر زادته دسائس القصور جرعات اضافية , فجرى الحديث عن محاولة اغتيال الام وتخطيط هذه الاخيرة لقتل الابن , وتتناقض الروايات حول هاتين الواقعتين العصيتين على التصديق لما فيهما من تجرد من روابط الامومة والبنوة , رغم ان النفس امارة بالسوء وان كيدهن عظيم .
نهاية الخليفة موسى المهدي كانت بداية لعهد جديد في الخلافة العباسية هو عهد هارون الرشيد , وكانت والدته الخيزران تعيش على ما تبقى من نفوذها ولم تغير من عاداتها شيئا , ونتيجة لذلك فتحت باب صراع جديد مع زبيدة زوجة الخليفة الرشيد التي كانت هي الاخرى من النساء الاستثنائيات بعلمها وورعها وتقواها .
توفيت الخيزران سنة 173 هجرية بعدما شهدت الاقتتال بين حفيديها الاخوين الامين والمأمون , وينسب لها صب الزيت على النار في هذا النزاع الدموي .
وبذلك طوى الزمان صفحة امرأة ليست ككل النساء لعبت ادوارا بارزة في تاريخ الدولة العباسية . ويبقى الغموض سيد الموقف حول صحة نسبها فقيل انها من اليمن , كما قيل بأنها من اصول امازيغية مغربية , وليس هناك دلائل قاطعة للحسم في هذا الموضوع .
Aucun commentaire