حركتي 20 فبراير و 13 يناير – بين التقليد و التجديد —
حركتي 20 فبراير و 13 يناير – التقليد والتجديد —
في 19 دجنبر 2013 ثم التأسيس صفحة على الموقع الاجتماعي فايسبوك تدعو للتظاهر يوم 13 يناير وسميت بشباب 13 يناير من أجل التغيير الجدري، في البداية كان هناك خلط لدى المتتبع بين كون هذه المبادرة تدخل في اطار الأنشطة والاحتجاجات التي لازالت حركة 20 فبراير تنظمها هنا وهناك، وبين كون الحركة مكون جديد يضاف إلى التنظيمات الاحتجاجية والاجتماعية والسياسية التي تكاد لا تنتهي في مغربنا الحبيب.
لكن الأمر سرعان ما بدأ في الاتضاح، خاصة بعد الورقة التقديمية التي نشرت في الصفحة السابقة الذكر حول مطالب هذه الحركة، والتي عبرت عن رفضها تحديد سقف لمطالبها، معتبرة أن التسقيف تحدده القوة على أرض الميدان، وللاشارة فإن عدم تحقيق سقف للمطالب يعني المغامرة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فقد يعجز التنظيم عن ضبط الشعارات من جهة، وعن ظهور اختلافات في المبادئ والثوابت من جهة أخرى، وبالتالي سيستحيل توحيد الصف، مما قد يؤدي إلى صراعات وانشقاقات وهذا أهم أسباب أو منذرات الفشل قبل البداية.
فاللافت هو الاشارة الى أنه لا سقف محدد للمطالب لا في المجال الاجتماعي ولا في المجال السياسي، وهذا يعني أن حركة 13 يناير ليس لها مانع أن يصل سقف المطالب إلى درجة المطالبة بإسقاط النظام، خاصة وأن الصفحة قد حملت » المؤسسة الملكية مسؤولية ما يعانيه المغرب من اختلالات » ، وهو الأمر الذي أكدته الشعارات التي ضبطت في بعض المدن المغربية مثل « إسقاط النظام » و « 13 يناير…نهاية النظام »…، فالأمر إذن كما يراه شباب 13 يناير يتعلق بثورة، والثورة في أبسط أبجدياتها تعني تغيير النظام وهو الأمر المرفوض من طرف جل افراد الشعب المغربي مما يعني ان هذه الحركة ستولد ميتة .
إذن إدا ما ركزنا فقط على مسألة السقف المطلبي في إطار المقارنة مع شباب 20 فبراير، فيجب أن نقول بأن هناك تفاوت ملحوظ بين التنظيمين، سواء على مستوى المطالب حيث نجد 20 فبراير كانت قد ركزت في بدايتها على المطالب الاجتماعية، كحاجة ظرفية ملحة لها الأولوية، كما كانت ناجحة إلى درجة كبيرة في ضبط الشعارات وتوحيدها رغم بعض التجاوزات هنا وهناك، لكن الطابع الغالب كان هو التمكن إلى درجة كبيرة في توحيد الصفوف الداخلية خاصة، في حين نجد أن شباب 13 يناير يعيشون في فوضى المطالب الأمر الذي قد يعرضهم إلى تعثرات حقيقية قبل البداية الفعلية.
أما فيما يتعلق بالتأسيس، فقد اختارت حركة شباب 13 يناير نفس الطريق الذي سلكته 20 فبراير في الإعلان عن الحركة، فقد أحدثت صفحة خاصة في الموقع الاجتماعي الفايسبوك رغم أن هذه الالية التواصلية، لا يمكن أن توصل النداء لمختلف شرائح المجتمع لكونها تستهدف فئات معينة (الشباب، المثقفون، …)، كما أن حركة 20 فبراير رفعت كشعار رئيسي لها، « الشعب يريد التغيير » بينما نجد حركة شباب 13 يناير رفعت شعار التغيير الجدري، والشعارين يعكسا البعد الإصلاحي لدى كل منهما.
رغم أن شباب 13 يناير أبان عن انفتاح على جميع مكونات المجتمع، شريطة أن تكون لها نفس المبادئ، لدلك قامت بحملة تعبئة واسعة لدعوة المواطنين الى المشاركة والخروج يوم الأحد 13 يناير، والملفت أن التعبئة لم تقتصر على أبناء الوطن داخل المغرب وإنما أيضا الجالية، فعلى سبيل المثال فقد أبانت الحالية المغربية في مصر عن رغبتها واستعدادها للمشاركة من موقعها بالخروج يوم 13 يناير في أحد الميادين بالقاهرة حسب ما جاء في صفحة 13 يناير، إلا أنها لم تستطع أن تلغي علامات الاستفهام لدى عامة المواطنين حول مرجعية هذا التنظيم الغامض وأهدافه، ولا أن تكسب ثقتهم بعد رفع شعارات اسقاط النظام التي كتبت على جدران بعض المدن المغربية مقرونة ب « 13 يناير ». لذلك فالشارع المغربي لازال منقسما بين مؤيد للنزول يوم الأحد المقبل وبين معارض يعتبر ان الملكية خط أخمر ، خاصة بعد فشل الحراك العربي في أن يحقق المطالب التي قامت الثورات من أجلها، فالخوف كل الخوف من أن تتكرر المأساة العربية بمختلف حيثياتها في المغرب خاصة وأننا شعب يسهل تفريقه لكن يستحيل جمعه على كلمة واحدة. فبدل أن نبتكر طرق لتوحيد صفنا وكلمتنا أصبحنا نتفنن في ايجاد طرق تزيد من الانقسام وتكرس لثقافة التجزئة خصوصا من طرف حركات مجهولة الهوية .
هناك غموض كبير يلف مصدر هذه المبادرة الاحتجاجية ومن يقف وراءها، الأمر الذي تسبب في انقسام داخل المراقبين بين اعتبارها امتداد لحركة 20 فبراير ومن يراها تجديد لها، والانقسام وصل إلى داخل البيت الفبرايري الذي أيدت بعض فروعه المشاركة، في حين تحفظ على ذلك الجزء الآخر.
سننتظر إذن يوم الأحد لنرى ما إذا كان الأمر فعلا يرتبط ب »ثورة » كما سماها » » » شباب 13 يناير » ، أم أن الأمر لن يكون سوى موجة عابرة بشحنة حماسية زائدة، ورغبة اصلاحية زائفة
================
أسماء بركيطة باحثة في العلوم السياسية
حاصلة على شهادة الماستر في القانون
الدستوري والعلوم السياسية ، مهتمة بالشأن المحلي.
Aucun commentaire