Home»International»الاحتماء بالإرادة الشعبية في التدافع السياسي‎

الاحتماء بالإرادة الشعبية في التدافع السياسي‎

0
Shares
PinterestGoogle+

كشفت النتائج النهائية غير الرسمية للاستفتاء على الوثيقة الدستورية في مصر في الدورة الثانية ارتفاعا كبيرا لنسبة المؤيدين للدستور فاقت سبعين في المائة نتج عن ذلك ارتفاع النسبة العامة للمؤيدين إلى قرابة 64 في المائة، وأظهرت هذه النتيجة فشل جميع المناورات السياسية التي تداخلت فيها إرادات نخب سياسية ومدنية بإرادات دولية لم تخف تطلعاتها إلى إجهاض التجربة أو على الأقل منع الإسلاميين من المساهمة في بناء قواعدها.

الجديد في هذه المحطة المفصلية في تاريخ مصر السياسي، أنه وقعت في اللحظات السياسية الأخيرة انعطافة كبيرة في مواقف الفاعلين السياسيين وحتى بعض الفاعلين الدوليين لجهة القبول بنتائج الاستفتاء وعدم الطعن فيها، بل والإعلان عن نية المشاركة في العمليات الانتخابية التي ستعقب الخطوة الدستورية.

والواقع أن هذا التحول في الموقف لا يعني بالضرورة أن التدافع السياسي قد انتهى بتحكيم الإرادة الشعبية التي حسمت الجدل، وإنما يعني فقط أن النخب السياسية والإرادات الدولية التي تواطأت على إجهاض التجربة أو الانقلاب عليها قد فشلت في جولتها الأولى، وأن الجولات القادمة ستكون أكثر ضراوة في التدافع السياسي.

الفرق الوحيد الذي سيكون بين الجولة الأولى وغيرها من الجولات القادمة، أن التدافع السياسي سيكون في الجولات القادمة محكوما بالوثيقة الدستورية و لا يمكن أن يحيد عنها، أي أن الصراع الذي كان في أصله حول قواعد اللعبة، سيفرض عليه في المستقبل أن يتأطر بهذه الوثيقة وأن لا يخرج عنها، وسينتقل من الصراع حول المؤسسات إلى صراع من داخلها تماما كما هي الحالة المغربية اليوم، وأن أكبر تحد ستتم مواجهته على المدى القصير والمتوسط، هو تحمل كلفة التأسيس وبناء القواعد والمؤسسات السياسية، وفي الوقت ذاته بناء السياسات العمومية القادرة على الاستجابة لتطلعات الشرائح الواسعة من الشعب المصري لاسيما في ظل الظرفية الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الاقتصاد المصري.

ومع أن التجربة المغربية قطعت أشواطا كبيرة في التدافع السياسي إلا أنها، مثلها في ذلك مثل التجربة المصرية، كانت تحتاج في لحظات معينة إلى الاحتماء بالإرادة الشعبية لتثبيت رصيدها ونجاحها في المسار الإصلاحي والبرهنة على التفاف أوسع الشرائح الشعبية حولها، وفشل مناورات خصومها. وقد حدث ذلك في ثلاث مناسبات من الانتخابات الجزئية في كل من طنجة ومراكش وفي أنزكان مؤخرا، ويرتقب أن يعرف الشهر القادم خمس جولات أخرى لاختبار هذه الشعبية من جديد طبقا لقرارات المجلس الدستوري بإعادة خمس استحقاقات انتخابية.

طبعا، مثل هذه الاستحقاقات التي يتم فيها الاحتكام إلى الإرادة الشعبية تعطي مؤشرات لا التباس فيها على ثقة الشعب في التجربة الإصلاحية وفي المسار السياسي الذي انخرط فيه المغرب، كما تعطي رسالة واضحة تحذر من مخاطر النكوص الديمقراطي، لكنها، على أهميتها في الدلالة على هذه الرسائل، لا تكون دائما حلا ممكنا يمكن استدعاؤه للحسم في معركة التدافع السياسي، فهذه المحطات الانتخابية مشروطة بحيثياتها الدستورية والقانونية، مما يعني أن الحاجة تلح على ضرورة تطوير أساليب التدافع السياسي، ومحاولة ملأ الفراغات التي تستغل في ساحة التدافع.

إن التجربة في كل من مصر والمغرب، تكشف الحاجة إلى تطوير جهود التواصل السياسي، وإعادة طرح سؤال المسألة الإعلامية بجميع أبعادها، والتركيز على كثافة الإنجاز في المرحلة القادمة، والرهان على استراتيجية تواصلية مكثفة لمواجهة التبخيس الإعلامي للإنجازات الحكومية.

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *