Home»International»الإسلاميون الجدد والدولة

الإسلاميون الجدد والدولة

0
Shares
PinterestGoogle+

زكرياء صفراوي

إن دراسة أو فهم الحركات الإسلامية من طرف المتتبع للشأن السياسي في المغرب يقف عند حركتين بارزتين في أوساط الشعب المغربي ، ألا وهما : جماعة العدل والإحسان و حزب العدالة والتنمية.

 الأولى، أي جماعة العدل والإحسان ، يمكن تلخيص موقفها الفكري في رفضها المشاركة في الشأن السياسي حتى يتغير النظام السياسي القائم في البلاد. والثانية ، والمتمثلة في حزب العدالة والتنمية، ترى أن عليها المشاركة من أجل تغيير النظام من الداخل.

فكلا الحركتين أو الفكرين يتفقان على أمر واحد : وهو ضرورة تغيير النظام السياسي ، إلا أنهما يختلفان في المنهجية : فبينما الفكر الأول يرفض النظام القائم ويعمل على توسيع قاعدة أنصاره، يرى الفكر الثاني أن الوقوف والتفرج أمر سلبي وأن الأمور لا تتغير بدون وضع الأيدي في العمل السياسي.

فهؤلاء الإسلاميون الجدد  المغاربة يعتقدون أن تطبيق الشريعة بحذافرها في المجتمع المغربي واجب مقدس ، وكل مظاهر الابتعاد عن الشريعة وجبت محاربتها والقضاء عليها. إلا أن هذا الفكر لا يمكن له أن ينجح في المغرب وذلك لأسباب سوسيولوجية وسيكولوجية راجعة إلى تركيبة الإنسان والمجتمع المغربي.

فأغلبية المغاربة مسلمون ، إسلام معتدل، إلى درجة يغلب عليه الطابع التقليدي والوراثي. وتبقى المكونات الأخرى من أقليات يهودية وكذا أقليات غير مسلمة (علمانيون، شيوعيون، ملحدون وآخرون) حاضرة تتمتع بكل الحقوق المدنية حسب ما ينص عليه القانون.

فنجاح هاته الحركات الإسلامية إلى حد ما في اكتساح الشارع المغربي، والتي لم تصفح بعد عن نواياها الحقيقية، خلقت بلبلة في الفكرالمغربي وحركت تساؤلات حول الهوية بالنسبة للمغاربة.

فالنظام القائم في المغرب، نظام ملكي سني مالكي معتدل ، يضمن للأقليات حرية العقيدة ويضمن للأفراد حرية الاختيار، في ظل احترام واجب للآخر . هذا النظام يدافع عن قيم التسامح والتعايش ويشجع التضامن والتآزر ، وهو سر تشبث المغاربة بنظامهم ودفاعهم عنه، كانوا في داخل الوطن أو خارجه.

وعلى العكس من ذلك فالفكر الإسلامي المغربي المتأثر بفكر الإخوان في مصر ، بل و قد يعتبره البعض امتدادا له في المغرب، برغبته في التطبيق الحرفي لما يراه من أسس الدين ، يجره دون أن يشعر إلى التشدد ومن ثم إلى التطرف، وهو ما لا يمكن أن يقبله غالبية المغاربة.

إن الحركتين الإسلاميتين البارزتين في المشهد المغربي تجتهد عن حسن نية ورغبة منهما التقرب إلى الله عز وجل باجتهادهما هذا  فهي تواجه بالرفض تارة، وبالعنف اللفظي تارة أخرى، وذلك راجع إلى أن هؤلاء الإسلاميين الجدد المغاربة لم يفهموا بعد أن المغاربة مسلمون معتدلون في أغلبيتهم ولا يمكن أن ينجروا نحو التطرف ورفض الآخر.

هؤلاء الإسلاميون الجدد يريدون وضع نظام في المغرب، مستنبع من فكر الإخوان في مصر، أحادي التفكير، يرفض الاختلاف ولا يتقبله، يريدون تجربة نظام وحيد في العالم متقوقع على نفسه لا يتعايش مع الأنظمة الأخرى بل وقد يشن الحرب عليها. نظام يجتهد في قمع الحريات الفردية والجماعية، نظام قد يحد من حريات المرأة ، بل والرجوع بها إلى عصور الظلمات، نظام ذو إذاعة واحدة، وخطاب واحد، ولباس واحد وفكر واحد، و…

يسوقون صورة عنهم بأنهم رعاة الدين في البلاد وهم الوحيدون الذين يمثلونه ويفهمونه ولهم الحق بالتحدث باسمه.

إنهم يتوهمون كل هذا، عن حسن نية. فهم ، في دفاعهم المتشدد عن الإسلام، يضعفونه وينفروا الكثيرين منه. لأن الإسلام كان دائما ضد التشدد ، بل أتى بقيم التسامح والمحبة والتآخي حتى مع من يختلفون معنا عقائديا.

وإنني ، وبقناعة عميقة لدي  في عدالة نظامنا الملكي المغربي، ودفاعه عن الأقليات بنفس درجة دفاعه عن الأغلبية، والذي يعتبر الضامن لسلامتنا وأمننا والمحتضن لكل أولاده وبناته، ودفاعه عن مصلحة الأمة، ضد من قد يضرها من داخلها أو خارجها، بقصد أو عن غير قصد ، أدعو بعض الاسلاميين من إخوتنا المغاربة أن يعتدلوا في فكرهم ويقبلوا بالآخر ، رغم ما قد يختلف معهم بسبب معرفته أو جهله لخبايا الأمور، وأن يتحلوا بالتسامح الفكري، وسعة الصدر.

وما هدفي في هذا إلا استقرار وطننا في ظل القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين والذي يبقى دائما هو الضامن لوحدة هذه البلاد وأمنها واستقرارها وازدهارها.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. غير تايبان ليك
    26/12/2012 at 00:58

    لم نفهم بعد لما كل هذا الخوف والتخوف والقلق و الحيرة والذعر والذهول من النظام الديني في الدول العربية! مع العلم أن الدين لا يملك التكنولوحيا والتقدم العلمي كي يتطور ويضمن لنفسه الاستمرار والبقاء. كما أن الدين شأن شخصي لا يمكن تعميمه على كل المحتمع كون الذين يمثلوه لا يتوفرون على مشروع مجتمعي واضح المعالم، يحاولون دون جدوى التوفيق بين ماهو غيبي و ميتافيزيقي وماورائي أي سمائي وما هو على الارض؛ من تم خطئهم وفشلهم في بناء مجتمع للجميع، اذ لايتسنى لهم ذلك الا اذا قطعوا العلاقة بين السماء والارض. انها تجربة صغيرة منحها اياهم الربيع العربي باشراف من التطور التكنولوجي القادم من الغرب الذي يتتبع الوضع عن كتب قبل البث والافتاء فيه والحكم عليه.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *