ماذا لو كان الرئيس المصري ليبراليا أو علمانيا وكان المحتجون عليه إخوانا مسلمين ؟
ماذا لو كان الرئيس المصري ليبراليا أو علمانيا وكان المحتجون عليه إخوانا مسلمين ؟
محمد شركي
لقد كشفت أحداث مصر عن مؤامرة محبوكة خارجيا وداخليا من أجل منع حزب ذي مرجعية إسلامية من حكم البلاد بعد الاحتكام إلى صناديق الاقتراع ، وتحقيقه فوزا يعكس مدى تمثيله لإرادة الشعب المصري. فحكاية التضييق على الإسلاميين في مصر قديمة حيث كان المحتل البريطاني يحسب لهم ألف حساب ، ويخشى من وصولهم إلى سدة الحكم بعد رحيله . وبعد رحيل المحتل البريطاني تولى ما يسمى بالضباط الأحرار تصفية الحساب مع الإخوان المسلمين بالرغم من سجلهم المشرق في مقاومة المحتل البريطاني . ومن يتابع محاكمات الإخوان المسلمين على يد الضباط الأحرار يظن أن الإخوان كانوا خونة وعملاء للمحتل البريطاني ولم يكونوا مقاومين ومجاهدين . وطيلة الحكم المستبد لواحد من هؤلاء الضباط ظلت السياسة محرمة على الإخوان المسلمين ، وظلت الملاحقات والمحاكمات تطاردهم حتى انتفض الشعب على النظام المستبد ، وكانت النتيجة فرض إرادة الشعب، وهي حرية اختيار النظام ديمقراطيا . وشارك حزب الإخوان المسلمين في اللعبة الديمقراطية وفق قواعدها المتعارف عليها دوليا ، ففازوا بمنصب الرئاسة ، كما فازوا بأغلبية مقاعد البرلمان إلا أن قواعد اللعبة لم تحترم فتمت مصادرة نتيجة فوزهم بمقاعد البرلمان بقدرة قادر وحيلة محتال . وبعد التخلص من الأغلبية البرلمانية للإخوان بدأ التفكير في التخلص من الرئاسة. وتظافرت جهود كل الأطراف التي تكن العداء سواء الظاهر أم الباطن للإخوان من أجل إفشال مشروع حكمهم للبلاد .
ففلول ما يسمى الضباط الأحرار لا يمكن أن يهدأ لها بال والضابط الذي كان يطلق أيديهم في البلاد والعباد رهن الاعتقال، والشعب يطالب بإعادة محاكمته على جرائمه سواء جرائم قتل الشعب أم جرائم نهب أمواله . وفلول المفسدين في السلك القضائي والسلك الدبلوماسي وغيرهما لا يمكن أن تهدأ وهي تخشى أن تفضي التحقيقات إليها بتهم الفساد في عهد النظام المنهار . والمتعصبون الطائفيون لا يمكن أن يهدأ لهم بال وهمهم الوحيد هو التعصب لما يعتقدون مما يخالف اعتقاد الإخوان حتى بلغ الأمر حد المطالبة بإنشاء المعابد في بلد مسلم فيه أقلية قبطية لم تحرم من عبادتها عبر العصور ، وما كان الإخوان ليحرموها من ممارسة طقوسها ومعتقداتها لأنهم أعلم من غيرهم برأي الشرع في الملل والنحل التي تكون في بلاد الإسلام . والبلطجية واللصوص وقطاع الطرق لا يمكن أن يهدأ لهم بال والإخوان في الحكم يطبقون شرع الله في من يفسد في الأرض . والأعداء في الخارج لا يمكن أن يهدأ لهم بال والأمر قد عاد إلى أصحاب عقيدة على الطرف النقيض مما يعتقدون . فكل الأطراف التي تتوجس من حكم الإخوان تحركت ، وهي على قلب رجل واحد من أجل الانقلاب على الشرعية التي أفرزتها صناديق الاقتراع بموجب قواعد اللعبة الديمقراطية ـ ياحسرتاه ـ .
فماذا لو أن الرئيس الذي فاز كان ليبراليا أو علمانيا أو قبطيا أو غير ذلكوأ ، وخرج الإخوان المسلمون لمحاصرة مقر رئاسته ؟ فوالله لو حصل ذلك لقامت قيامة الدنيا ولم تقعد ، ولتحرك يومئذ حلف الناتو ، ووجه حاملات الطائرات قبالة السواحل المصرية بدعوى المحافظة على الشرعية المهددة . ولما كان الأمر يتعلق برئيس من جماعة غير مرغوب فيها ، ولم تصل إلى مركز صنع القرار إلا بعد مشيب الولدان، فإن القوى الخارجية لم تتردد في إظهار التعاطف مع المحتجين ضد الرئيس الشرعي المنتخب ، وفي مطالبته بالانصياع لما تريده الفلول من أجل إعادة البلاد إلى ما كانت عليه من فساد وظلم واستبداد. وصار الرئيس الشرعي يسب ويشتم ويلعن ، ويوصف بأبشع الأوصاف أمام مقر الرئاسة ، وعلى مرأى ومسمع الحرس الجمهوري ـ يا حسرتاه ـ وهو الحرس الذي من مهامه حماية الرئاسة الشرعية في كل الظروف. ولو شتم وسب رئيسا محسوبا على الليبرالية أو العلمانية أوالقبطية أو غيرها لفتحت ملفقات التحقيقات القضائية في الداخل والخارج ، ولكن سب الرئيس الإخواني الشرعي لا يستدعي فتح هذه التحقيقات . واحتلت الجموع المحسوبة على فلول الفساد ميدان التحرير ومحيط الرئاسة ، ولها الحق في ذلك ، ولكن لا حق للإخوان في احتلال هذه الأماكن للتعبير عن الرأي المخالف وإلا عد ذلك استفزازا ومنعا لحرية التعبير. ومن حق الجموع المحسوبة على الفلول أن تقتحم وتحرق مقرات حزب الإخوان ، ولا يحق للإخوان المطالبة بمتابعة الجناة وويل لهم إن هم أقدموا على إحراق مقرات أحزاب غيرهم . يا لها من قيم ساقطة صارت تحكم عالم تصم فيه الآذان شعارات الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان والحيوان والجماد .
ولقد تأكد بشكل واضح وجلي أن إضمار وحتى إظهار العداء للإسلام يأخذ أشكالا مختلفة ، و يحاول أصحابها التمويه عليه تحت شعارات مزيفة لا يحترمها هؤلاء أنفسهم . فلو كانوا بالفعل يحترمون شعار الديمقراطية وحده لقبلوا بروح رياضية نتائج الاقتراع سواء التي أفرزها الاقتراع على منصب الرئاسة أو التي أفرزها الاقتراع على مقاعد البرلمان . ففي مفهوم الديمقراطية عند فلول الفساد أن الرابح في الانتخابات يكون في حكم الخاسر إذا كان محسوبا على الإسلام ، ويكون في حكم الفائز حتى وإن خسر إذا ما كان غير محسوب على الإسلام ، إذن المشكلة تكمن في الإسلام .
1 Comment
مقال لايخلو من مصداقية وبعد نظر و دقة في التحليل والرؤيا الواقعية والموضوعية للامور,كل مايتمناه اي عربي مسلم هو ان يكشف الغطاء عن الايادي الخفية التي تلعب وراء الستار.وان اللعبة الديموقراطية ليست الا وسيلة خسيسة لايصال المتملقين والعملاء والماسونيين الى سدة الحكم تحت لعبة صناديق الانتخابات. فشكرا اخي محمد على المقا ل وان يكون عبرة لمن تساوره الشكوك في نزاهة الصهاينة والعالم الغربي من السياسيين .فامة الكفر واحدة