ماذا وراء الإجهاض الآمن ؟
ماذا وراء الإجهاض الآمن ؟
حين أراد الغرب نشر أفكاره وقيمه في مجتمعاتنا لم يجد أفضل من الأمم المتحدة ومؤتمراتها وتوصياتها ومقرراتها ليدخل بها علينا، و يجعل هذه المصطلحات الرنانة والتوصيات في قوة القانون الملزم، و ذلك لتنفيذ مخططاته الجهنمية » ببرامج مختلفة خفية أو معلنة بأسماء
مختلفة قد تكون براقة وبريئة المظهر ليصلوا إلى ما يريدون. من بعض هذه البرامج السلمية المعلنة والتي تهدف إلى تقليل سكان العالم عن طريق خفض نسبة خصوبة النساء: برامج خدمات الصحة الإنجابية »1
و لنفس الهدف الخفي و هو التقليل من عدد سكان العالم و خاصة المسلمين منهم يروج الغرب لمصطلحين آخرين وهما الجنس الآمن و الإجهاض الآمن اللذان وردا في مؤتمر السكان والتنمية بالقاهرة ومؤتمر بكين والذي يهدف من ورائه لحزمة كبيرة من عمليات الفساد والإفساد والتي لا يعلم أحد مداها إلا الله، وهذا ما يجعلني ألقي الضوء حول هذه المصطلحات، وأبيّن الهدف المقصود من وراء إدراجها بهذه الصورة الكبيرة في معظم مؤتمرات الأمم المتحدة المختصة بالمرأة. فمن المصطلحات الخطيرة مصطلح الجنس الآمن، والصحة الجنسية و التي فسرتها وثيقة مؤتمر القاهرة للسكان 1994م بكونها حق لجميع الأفراد و ليس الأزواج! مما يعني إمكانية ممارسة الجنس دون الزواج؛ بشرط أن يكون مأمونا بتوفير حبوب منع الحمل للإناث، والواقيات للذكور، وتوفير الثقافة الجنسية لكل الناشطين جنسيًا من المراهقين، و دعم المراهقات الحوامل بتوفير خدمات رعاية الطفولة المبكرة. فقد أوصى تقرير خبراء الأمم المتحدة في الفقرات 27، 82، 130 بتوفير « معلومات الصحة الجنسية للطفلة وتوفير احتياجات الصحة الإنجابية للمراهقين لتعليمهم – ما أسماه التقرير في الفقرة 124- (ممارسة الجنس الآمن ). مما يصب في صالح تشجيع الممارسات الجنسية خارج الإطار الشرعي .
كما التحق بهذا المصطلح مصطلح آخر ورد في الفقرة 115 وهو حق الطفلة ( أقل من 18 سنة) في تحديد متى وكيف تصبح ( ناشطة جنسيًّا )على حد تعبير التقرير.
وتؤكد مواثيق مؤتمرات المرأة في الأمم المتحدة على حق المرأة في أن تتحكم وأن تبث بحرية ومسؤولية في المسائل المتصلة بحياتها الجنسية، بما في ذلك صحتها الجنسية
والإنجابية، وذلك دون إكراه أو تمييز أو عنف ، كما تشدد على إدراج تعليم الجنس الآمن في المناهج التعليمية بالنسبة للأطفال. فقد تم التأكيد في تقرير وثيقة بكين على ضرورة : » حصول المراهقات على المشورة و المعلومات و الخدمات فيما يتعلق بالصحة و الإنجاب « 1
كذلك أوصى تقرير خبراء الأمم المتحدة، بتوفير معلومات الصحة الجنسية للطفلة وتوفير احتياجات الصحة الإنجابية للمراهقين لتعليم الأطفال والمراهقين كيفية ممارسة العلاقة الجنسية مع توقي الحمل والأخطار المرضية أثناء ذلك، ويؤكد على ضرورة تعليمهم بتوزيع وسائل منع الحمل في المدارس خاصة للفتيات لتكون ممارسة الجنس الحر عندهم أيسر، ومن ثم توفير خدمة الإجهاض بشكل معلن وقانوني وأعطوه اسم (الإجهاض الآمن) في المستشفى والممارسة التي تأخذ في اعتبارها الجنس الآمن تتبناها اليونسكو وتضع لنا برامج ( الجنس الآمن ) وخدمات الصحة الإنجابية في بلادنا.
هذا الإجهاض الآمن الذي يروجون له بطريقة أو بأخرى هو إجهاض أجنة الزنا والحمل غير الشرعي وللمراهقات والذي يجرى بطرق غير مأمونة ومن وراء الكواليس وفيه ما فيه من المضاعفات والمشاكل الصحية. ولكن هل يبرر لنا ذلك إباحة الإجهاض لهؤلاء الفتيات أو حتى المتزوجات تلبية لرغباتهم وحقوقهن الإنسانية ؟ . » إن الإجهاض غير مسموح به في الشريعة الإسلامية إلا في حالات خاصة جدا و محدودة جدا ثم يقام بعد ذلك بالطريقة المأمونة الصحيحة تحت الإشراف الطبي المتخصص » 2 واعتبر في الفقرة (48) أن التركيز الشديد على عذرية الفتاة وخصوبتها (كبتاً جنسياً)، وعدّه شكلاً من أشكال التمييز ضد الطفلة الأنثى. وإن كان مصطلح (الجنس الآمن) وما أحيط به من تعريفات وتوصيات تسهل
ممارسة الفاحشة، إلا أن قضية تعليم الأطفال في المدارس (الجنس الآمن) استوقفتني بشدة فقد دعا المؤتمر إلى أهمية التعليم والإعلام بالنسبة للفتيات خصوصاً المراهقات منهن فيما يتعلق بالجهاز التناسلي، والصحة التناسلية الإنجابية والصحة الجنسية، كما تم تقريره في المؤتمر العالمي للسكان والتنمية. وفي فقرة أخرى جاء التأكيد على : »مسؤولية الذكور
عن سلوكهم في مجال الجنس والخصوبة، بما يساعد على النهوض بالمسؤوليات التي يتحملونها » 1
أما فيما يتعلق بمطالبة وثيقة بكين بـ « ضمان تثقيف البنات ونشر المعلومات بينهن – وبخاصة بين صفوف المراهقات- فيما يتعلق بفسيولوجية الإنجاب، والصحة الإنجابية والجنسية » 2 فهذه مقدمة خطرة تجر وراءها وباء مستطيرا ينعكس أثره على الأخلاق الإنسانية الفاضلة التي تعتز بها إنسانية الإنسان ثم تمتد فيما بعد إلى انتشار الأمراض المستعصية على العلاج وتسهم في انقراض الجنس البشري بمرور الأعوام.
دعا مؤتمر (لاهاي) للشباب عام 1999م إلى إنشاء جهاز خاص في كل مدرسة لتحطيم الصورة التقليدية والسلبية للهوية الجندرية، من خلال تعليم الطلبة حقوقهم الجنسية والإنجابية بهدف خلق هوية إيجابية للفتيات و الفتيان، كما دعا ـ بوقاحة مطلقة ـ الحكومات » إلى تقديم قوانين جديدة تتناسب مع حقوق المراهقين والشباب للاستمتاع بالصحة الجنسية والصحة الإنجابية بدون التفرقة على أساس الجندر » 3
واعتبرت وثيقة السكان والتنمية ذلك حقا للإنسان يقتضيه الجسد ولا تضبطه حقوق الله ـ الذي لم يَرِدْ ذكر اسمه ولو مرة واحدة في مشروع البرنامج ـ ولا يحدد نطاقها دين؛ أيُّ دينٍ ـ والذي لا وجود لإشارة إليه في كل فصول وفقرات المشروع ـ الذي جاء في حجم كتاب غير صغير »4 و من المهارات الخاصة المراد تعليمها لشبابنا في إطار الصحة الإنجابية من
خلال التربية الجنسية جاء في دليل المكونين لتنمية المهارات الحياتية في مجال صحة المراهقين و الشباب :
– » الاقتناع بضرورة اعتماد وسائل الوقاية من الإصابة بالتعفنات المنقولة جنسيا
– الاستعفاف أمام كل علاقة جنسية مشبوهة .
– الاقتناع بأهمية زيارة الطبيب المختص حين حدوث اتصال جنسي مشبوه .
– الجرأة في التحدث عن المرض والأمور الجنسية.
– كيفية اختيار الشريك الجنسي.
– مقاومة الرغبة الجنسية في وضعيات مولدة للخطر .
– مهارة استخدام الواقي الذكري » 1
فلا مكان للحديث عن الأخلاق أو حرمة نوع معين من الممارسات الجنسية ، بل الهاجس كل الهاجس هو الرعاية الصحية ، وتوفير أكبر قدر ممكن من الوقاية دون النظر إلى مدى اعتبار أمر الممارسة الجنسية أو الحمل أو الإجهاض من الناحية الأخلاقية عموماً ومن الناحية الشرعية خصوصا، علما بأن الممارسات غير الشرعية هي باب الداء.
يقول الدكتور خالد محمد علي مشيرا إلى خطورة البرامج الصحية المفروضة على أمتنا متأسفا على اختراق اتفاقية سيداو لثقافتنا و قيمنا : » و من الأساليب التي اعتمدتها الاتفاقية في المجال الصحي من أجل العمل على خفض خصوبة النساء و بالتالي الحد من الإنجاب
المتكرر إدراج ما يسمى ببرامج الصحة الإنجابية و التي – للأسف الشديد- دخلت إلى بلادنا على أنها برامج صحية بأسماء رنانة خصوصا ما يسمى بالأمومة الآمنة أو السالمة التي تدعو إلى حصر الولادات للأمهات على أقل عددية ممكنة و السعي إلى تقديم خدمات موانع الحمل المختلفة على أوسع مجال ممكن بما يسمى بالجنس الآمن لأي امرأة كانت مراهقة أو متزوجة أو عازبة حتى تكون في أمان من الحمل غير المرغوب فيه خصوصا للأمهات المراهقات و العازبات اللواتي يحملن عن طريق الزنى »2
و المغرب ليس بمنأى عن هذه الاختراقات فقد روج مشروع خطة إدماج المرأة في التنمية للكثير من هذه المفاهيم و على رأسها( الصحة الإنجابية) و التي لا يمكن نعتها إلا بكونها « خطة تخريبية تستهدف نسف كيان الأسرة المغربية، و امتهان جسد المرأة و إباحة العلاقات الجنسية بين كل فئات المجتمع: تلاميذ، مراهقين، كبار و أن الصحة الإنجابية
الحقة للمرأة المغربية لا يمكن أن تتوفر إلا في إطار منهج الإسلام و تعاليه و أخلاقه الفاضلة »1
و لأجل هذين الأمرين أي اتخاذ الصحة الإنجابية و الصحة الجنسية مدخلا لنشر الحرية الجنسية ، و عدم اهتمام هذه المؤتمرات بالأمراض النسائية الأخرى، « فقد اعترضت الكثير من الدول الإسلامية و غير الإسلامية على مصطلح الصحة الإنجابية و الصحة الجنسية و ما يرتبط بهما من إجراءات و مفاهيم مخالفة للعقائد و القيم »2
Aucun commentaire