Home»International»بين أعيادنا وأعيادهم

بين أعيادنا وأعيادهم

0
Shares
PinterestGoogle+

يحي إبراهيمي

إن طبيعة العيد في الإسلام  تختلف عن
الأعياد في الأديان والمذاهب الأخرى ،
فالعيد     في غير الإسلام مرتبط غالبا
بقضايا  مادية، ولذلك  تأتي أعيادهم
انعكاسا  لهذه  الفكرة ، فترتكز على
الإشباع المادي للرغبات الجسدية  فقط.
بينما العيد في الإسلام يختلف جوهريا
عن هذه الأعياد  من حيث المعنى والدلالة
، فالإسلام الذي يرى الإنسان جسما وروحا
، ومادة ومعنى يعادل بين هذه المكونات
ويوازن بينها ، فكما يستفيد المسلم
المحتفل  بالعيد من مظاهر ذات طبيعة
مادية   ينخرط  كذلك   في سلوك ذو بعد
روحي ومعنوي .
فإذا كان العيد في الإسلام يوم سرور
وفرح وزينة ولهو ، يحب الله أن تظهر فيه
أثر نعمه على عباده ، بلبس الجديد
وتناول الطيب من الطعام فهو كذلك يوم
عبادة وتزكية وصلاة ، حيث تضج المساجد
والمصليات بالتكبير والتهليل ويشترك
الناس في التهاني ومواساة بعضهم البعض .
كما أن العيد في الإسلام ختام واحتفال
بانجاز عبادة مهمة ، فعيد الفطر مرتبط
بإتمام شعيرة الصيام ، وفيه كذلك تذكير
بنعمة البداية المنقذة للأمة
الإسلامية من الضياع والتيه ، حيث نزل
القرآن في هذا الشهر الكريم ، فناسب أن
يكون الاحتفال بنهاية هذا الشهر الكريم
تعبير عن الشكر له سبحانه على ما أنعم به
علينا من إنزال القرآن في ذلك الشهر
العظيم .
وكذلك الحال بالنسبة لعيد الأضحى الذي
نحتفل به هذه الأيام ؛ إذ يأتي بعد عبادة
من أعظم العبادات وهي شعيرة الحج حيث
يحتفل المسلمون به  في عاشر ذي الحجة بعد
إتمام المناسك شكرا لله عز وجل على
توفيقه وتسديده ؛ كما يذكرنا هذا اليوم
بيوم إكمال وإتمام النعمة .
فإذا كان عيد الفطر يعتبر يوم بداية
نزول القرآن وتكليف محمد – ص – بالرسالة
فان عيد الأضحى  يعتبر يوم إتمام
الرسالة وإكمال الدين ، وإتمام النعمة ،
حيث نزل قوله تعالى في يوم عرفة في حجة
الوداع قوله سبحانه (  اليوم أكملت لكم
دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم
الإسلام دينا )سورة المائدة  آية 3 .
ثم أن عيد الفطر وعيد الأضحى عيدان
الاهيان غير بشريين ، ولا مكان فيهما
للحزن والخرافة خلافا لبعض أعياد الأمم
الأخرى كالأعياد الجنائزية عند
الفراعنة و عيد الغفران عند اليهود في
الثامن من شهر غشت وهو يوم حزن وبكاء على
حائط المبكى ؛ وكعاشوراء عند الشيعة حيث
يحزنون على مقتل الحسين  (رض ) .
وليس لأعيادنا صلة قريبة أو بعيدة بقتل
الإنسان أو تهجيره وإفساد الأوطان
وتدميرها كما في عيد الشكر الأمريكي
الذي تحتفل به الأمة الأمريكية في رابع
خميس من شهر نونبر من كل عام ، وتأكل فيه
الديكة الرومية لتتذكر جرائمها الوحشية
وإبادتها للهنود الحمر في حكاية جديرة
بأن تكون وصمة عار وخزي لا موسم احتفال ؛
فأي فطرة تلك التي تحتفل بقتل حوالي
مائة مليون إنسان وتخريب ديارهم ،
والقضاء على ثقافتهم ونسلهم ثم يكون ذلك
اليوم عيدا !!.
إن الأعياد في الإسلام عبادة ورمز القوة
والوحدة ، حيث يرنو كلا العيدين إلى
البعد الاجتماعي ، والمؤاخاة بين
المسلمين قبل العيد واثناءه  ففي عيد
الفطر فرض الله زكاة الفطر لسد حاجات
الفقراء والمحتاجين ، وقبله وخلال شهر
رمضان كله  سن رسول الله    ( ص )  الإكثار
من الصدقة والتغلب على شح النفس ؛ وخلال
العشر الأول من ذي الحجة   – والتي هي
أفضل أيام السنة  بحديث الرسول ( ص) –  حيث
رغب الرسول الكريم خلال هذه الأيام التي
تسبق عيد الفطر من الإكثار من الصدقة
والتوسعة  على الفقراء ، ثم سن صلى الله
عليه وسلم إهداء الثلث من لحم الأضحية
طلبا لمضاعفة الأجر واغتناما لفضل
الزمانين.
إن  الأعياد الإسلامية يحوطها
الصيام،والصدقة، والأضحية ،والغسل،
والطيب ،وحسن المظهر، والتكبير،
والذكر، والخطبة ،والدعاء، والزكاة،
تقربا لله وطلبا لمغفرته وامتثالا
لأوامره ، وهذا ما لا نجده في أعياد
الأمم الأخرى .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. علي حيمري
    29/10/2012 at 00:49

    بارك الله فيك يا استاذ يحي ,موضوع ينم على غزارة الفكر والمعرفة,وقد استطعت شرح الابعاد التي سن الله فيها الاعياد الدينية,كوسيلة لتذكير الانسان باموره الدنيوية والاخروية,وسبيل للتضرع لخالق الكون وشكره على نعمه وفضائله على البشرية,عكس اعياد الامم الاخرى التي تذكر بالجرائم وسفك الدماء,وجحد نعم الله والكفر بها,وهذا ليس بغريب على امم تشرك بخالقها ,وتحارب كل من يؤمن بالله ورسله,وها انت ترى اخي كيف يتعامل اليهود ومن يسير في فلكهم مع المستضعفين من المؤمنين والمسلمين بصفة عامة,رغم ان المسلمين هم من ضيعوا فرص التقدم والزعامة بفعل دينهم الحنيف القوي,بتخاذلهم وتقاعسهم وتفرقهم:ونسوا قول الله تعالى:واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا.نسال الله ان تعود امة الاسلام الى مكانتها لتكون خير امة اخرجت للناس:
    شكرا الاستاذ يحي نتمنى مزيدا من مقالاتك

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *