ملحمة مغربية من حاضرة زيري بن عطية ( مطولة شعرية )
ملحمة مغربية من حاضرة زيري بن عطية ( مطولة شعرية )
محمد شركي
( المقطع الأول )
تاريخنا صحف مدداها ذهب إنا مغاربة مازيغ والعرب
عرقان نحن ودين الله يجمعنا شعب أبي لتقوى الله ينتسب
مازيغ حام وكنعان أرومتهم والنسل من مضرأنسابهم عرب
بحر البلاية بالظلمات يمنعنا والشرق ملوية ما بعدها يجب
والرمل كالتبر في الصحراء نملكها وبحر روم لنا ما خلفه أرب
هذي معالمنا في الأرض شامخة والجن تحذرنا والإنس ترتعب
أم الربيع من الفردوس منبعه وأطلس شامخ بالثلج يعتصب
والشرق نجد وبالبأساء ممتنع والريف وعرعلى من رام يحتلب
والغرب سد له الأعلام مانعة وأسده في عرين العز تنتصب
والسوس ثغر علا حماته بهم وقفرنا قبر من يدنو ويقترب
هذي جبلتنا والله ميزنا عن خلقه بالندى للعز ننتسب
نغضي عن العيب للأغيار نستره والعفو ديدننا والعار نجتنب
وعد الوفاء لنا والعهد نحفظه والجارمؤتمن والكل يكتسب
والضيف نقري إذا ما غيرنا بخلوا والعون منا لمن تجتاحه النوب
أباة ضيم وكل الخطب نقرعه غلاب ملك وللأمجاد ننتدب
نحمي النزيل إذا ما رام ذمتنا بالنفس نمنعه والحمد نصطحب
دان الثناء لنا فالمجد يمدحنا والذكر يذكرنا والشعر والكتب
على المكاره في هيجائنا صبر وفي الشدائد أثبات ونحترب
وأرضنا غاية المسكين يقصدها على الدوام وأرض الغير يجتنب
كبيرنا واجب التوقير محترم وذو المعارف فينا زانه حسب
بعنا النفوس لذات الله مرخصة في نصرة الدين لما استنصرالأحد
إسلامنا نعمة لله نشكرها في أرضنا خالص إبريز أو ذهب
من سنة المصطفى شيدت عقيدتنا والأشعري بها مستوثق أرب
ومالك حجة في الفقه نتبعه من منبع رشفه أنعم به حبب
طاف الأئمة بالأمصار رغبتهم في سنة مالك يعزى له الحلب
إمامهم جامع بالفضل سابقهم وقطبهم شامخ دانت له الرقب
من نبعه فقهنا مذ كان مرتشف وغيرنا بعدنا يحسو ويحتلب
أما الجنيد فقد سادت طريقته فينا وأوراده للذكر تنتخب
ما عابها ضارب للطبل يقرعه أو نافخ نايه مزموره طرب
أذكاره سبح لله أخلصها وغيره عابث أوراده لعب
خيارنا شهب بالعلم لامعة في الغرب طالعة والشرق يرتقب
من علمنا نهلت أشياخه وروت وفقهنا عندهم بالذوب يكتتب
لنا المتون كشرب الماء نحفظها والحاشيات لهم وسبقنا قصب
حفاظنا في ربوع الأرض قد برعوا في الذكر يتلونه ورش له نسبوا
ونافع شيخنا في الحفظ حجتنا أحكامه درر يهفو لها الدرب
ونحونا في نظام العقد نسلكه نحدو به إبلا أبوابه نخب
صغارنا في هجير الصيف نحبسهم للذكر تحفظه لله تحتسب
والحافظات له في ربعنا كثرت وغيرها همها التنميص والخضب
أعلامنا في فنون العلم قد نبغوا وباعهم في ضروب القول مستهب
أقطابهم بجميل الذكر نمدحهم والشعر في مدحهم تحنو له السحب
شيوخنا فتية بالنهى عرفوا فاضت معارفهم ضاقت بها الكتب
يحصي الحصى عددا والعد ممتنع إن عدهم حاسب للعد ينتدب
أما مساجدنا تزهو بها مدن أبراجها قمم في الجو تنتصب
جدرانها مرمر والسقف لؤلؤة ساحاتها بسط محرابها خشب
بالصور يجمعنا مؤذن غرد ومثله مقرىء بالذكر ينتحب
وخلفه خشع لله قد خضعوا صدورهم كأزيز القدر تضطرب
نهفو إلى حلق بالعلم قد زخرت أشياخها كلهم مستلهم ذرب
هذي المعاهد للديجور طاردة أنوارها سرج سبيلها سرب
من كل فج لها زور ومنتسب روادها نخب للعلم تجتلب
أحيى الإله بها منظومة درست لله در الذي يعزى له السبب
حاز الريادة في الدنيا له شرف والخلد في جنة الفرودس يحتسب
نأبى الدنية لا كالذل مثلبة في مغرب شعبه حر له نسب
همت بنا طمعا في أرضنا أمم رامت حمى دونه آسادنا تثب
فردها بأسنا بالخزي خائبة دون العرين فلول الغزو تنسحب
رامت شواطئنا للريع تطلبها صور وقرطاج وابن الزوش يلتهب
أسطورة نسجت لقمة نسبت حتى غدا بعده طارق لها لقب
إذ أحرق الفلك في بحر له لجج لا كالهرقل بلا سيف ويختشب
هذي الحقيقة لا أسطورة نسجت وقنة طارق أولى بها ويكتعب
أسواقهم نفقت آثارهم درست والخلد في مغرب من داره صقب
رومانهم دحروا وندالهم غلبوا في مغرب شعبه للغزو يرتقب
بالنار يرجمه والذل يلبسه والعار يلحقه والخزي يحتطب
ما فاز في مغرب غزو له أبدا ولا صفا عيش غاز حين يغتصب
هذي سجيتنا للفخر نذكرها والصدق يدعمها والمجد منجلب
إباؤنا لم يجد أجدادنا لقبا كمثله لقب في الناس أو نسب
مازيغ نحن بهذا النعت يعرفنا من ذاق من بأسنا كأسا لها شرب
أحرار نحن إله الناس أوجدنا للعز نقدمه والناس تحتقب
كل الشعوب لقهر الملك قد خضعوا إلا الأمازيغ عزوا في الورى شهب
معبودهم أبدا الله مذ خلقوا وغيرهم كافر أوثانه نصب
ظن الغزاة بأن الدين مرغمة فغرهم عجلهم والنار تلتهب
ثم الصليب له الأجراس قارعة فصدهم أننا للشرك نجتنب
نار المجوس خبت في ربعنا خمدت خاب الصليب ورب العجل ينتحب
لما دعا أحمد المختار مغربنا لدين رب له الأكوان تنتسب
وجاء ركب من الفاروق ينقذنا من جرجر خاسيء بالرزىء ينقلب
خان الكسيلة والديان عاقبه من خان عقبة فالبلوي له حرب
أبو المهاجر صوال ومنتصر وعقبة الليث في الهيجاء يجتنب
مصمودة خدعت للشرك قد دعيت وزناتة نصرت ودأبها حدب
وغر كاهنة قوم لها كفروا والله أهلكها فملكها خرب
حسان حاصرها وأوراسها خربت بالله قد فتحت والله ينتجب
وابن النصيرغزا بالله منتصرا وجنده بربر إخوانهم عرب
وكلهم قاتلوا في الله أو قتلوا وعدا على ربهم في الذكر يكتتب
وطارق خاض بالفرسان أندلسا والفلك أحرقها في اليم تلتهب
وقال والقول في الهيجاء مفخرة أعداؤكم قبل واليم يصطخب
والصدق ينفعكم لله فاصطبروا فجاءه الفتح يجثو ما له ركب
وطارق لم يمز من بربر عربا في غزوة خاضها لله يحتسب
بالضاد خاطبهم والنون والقلم ما عابهم نطقها مازيغ أو عرب
فالذكر أفصحهم بالضاد أنطقهم واللوح علمهم ما خطه القصب
والله أخلصهم بالدين أكرمهم سبحانه أبدا فأمره عجب
لطارق كانت الفردوس مغنمة وجنة الخلد في الأخرى له تجب
وعلم البربر القرآن ملتمسا بذاك من ربه أجرا ويقترب
فلاكت البرير القرآن معربة به تغنت وبالفصحى لها طرب
آياته حفظت يتلونها غسقا وفي الأصيل إذا تتلى هي الوجب
كالنحل أصواتهم بالذكر صادحة في الفجر والليل بالترتيل قد دربوا
وسنة المصطفى كالعقد قد نظمت حفاظها أمة وشرحها كتب
1 Comment
حفظك الله أخي السي محمد والله ذكرتني بالشاعر الجزائري الكبير مفدي زكريا وملحمته الشهيرة