موسم الحج مناسبة لتجسيد مفهوم الأمة،ونبذ الفردانية.
موسم الحج مناسبة لتجسيد مفهوم الأمة،ونبذ الفردانية.
يشد الحجاج الرحال هذه الأيام إلى بيت الله الحرام،استجابة للنداء الرباني(وأذن في الناس بالحج ياتوك رجالا وعلى كل ضامر ياتين من كل فج عميق)،ويأتي الحج هذه السنة في الوقت الذي تتعرض له المقدسات الإسلامية لهجمة شرسة لعل أبرزها الإساءة لشخص النبي الكريم ،وهي إساءة تزداد يوما بعد يوم لذلك فالحجاج حتما وهم يقفون على قبر الحبيب المصطفى ،سيستحضرون لا محالة تلك الإهانات،ولسان حالهم يقول: ها نحن جئنا نجدد لك البيعة يا حبيب الله.وهذا ما سيفعله ملايين الحجاج الذين كان لهم الحظ هذه السنة لزيارة تلك البقعة الطاهرة .
إن موسم الحج كان ولايزال تجمع إسلامي وحدوي،فيه تتلاقى الثقافات والأجناس البشرية على مختلف مشاربها،إلا أنها تتوحد وعلى اختلاف اللغات واللهجات على كلمات يرددها العجمي كما يرددها العربي والأمازيغي( لبيك اللهم لبيك،لبيك لاشريك لك لبيك ،إن الحمد،والنعمة لك والملك لاشريك لك)بهذه الكلمات يتجدد العهد و الصلح مع الله عز وجل ،يتجدد بها الإيمان وتصفو بها النفوس،وترتفع بها هامة المسلمين في وجه أعداء الأمة والدين،وبالمقابل تندحر أمة الكفر،ولو نفسيا، رغم عدتها وعددها ،خاصة عندما يقف الحجاج على صعيد عرفات في ذلك اليوم المشهود،حيث يتجلى الرب ويقول:هؤلاء عبادي جاءوني شعثا غبرا،أشهدكم يا ملائكتي اني قد غفرت لهم)فيندحر الشيطان وهو يحث التراب على رأسه وينادي على نفسه بالويل والثبور،هذا بالنسبة لشيطان الجن، أما شياطين الإنس وهم كثر، فلاشك أنهم في ذلك اليوم العرفاتي سيتملكهم الشعور بالخيبة والأسى من شدة ما سيرون من وحدة المسلمين في هذا اليوم على كلمة سواء.إلا أنه بالقدر الذي نعتز فيه بمحافظة المسلمين على هذا الركن الخامس من أركان الإسلام،والمتمثل في بذلهم كل مايستطيعون من جهد ومال من أجل أداء مناسك الحج، علما أن أعدادا مضاعفة من المسلمين حرمتهم القرعة من تأدية ركنهم الخامس،فبنفس القدر من الاعتزاز نتأسف والله على حال الأمة الإسلامية،التي أصبحت غير مهابة الجانب،مكسورة الجناح،رغم عددها وخيراتها،فحبذا لو استثمر موسم الحج في بلورة مشروع إسلامي وحدوي ينطلق أولا من إزالة هذه الحدود المصطنعة،لتليه الوحدة الاقتصادية ،فالله عز وجل لم يخلقنا شعوبا لنختلف ويكيد بعضنا لبعض، وإنما خلقنا لنتعارف ونتحد ونحافظ على مفهوم الأمة،صحيح نحن شعوب وقبائل مختلفة في اللهجات والعادات والمذاهب،لكن الله عز وجل رسم لنا الطريق لنبذ هذا الاختلاف في كل شيء حينما قال تعالى :(يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا…)فما تفرقنا واختلافنا وعدم توحدنا على كلمة سواء إلا نتاج عدم تعارفنا بالمفهوم الإسلامي الصحيح،أي التعارف الذي ينتج عنه بناء أمة قوية،والحج مناسبة للتفكير بمنطق الأمة لا بمنطق الفردانية.
Aucun commentaire