صورة رجل التعليم والسينيما
بمناسبة الدخول المدرسي الحالي ،قدمت إحدى القنوات التلفزية الوطنية فيلما مغربيا حول وضعية أساتذة التعليم الابتدائي بالعالم القروي وخصوصا العنصر النسوي منهم .
ملخص الفيلم يحكي عن وضعية معلمة شابة التحقت لأول مرة بعملها بمدرسة قروية لتبدأ معاناتها مع رجل ذي فكر إقطاعي حاول التحرش بها وابتزازها ،ومن خلال إيحاآت القصة يبدو أنه كان متعودا على هذا السلوك مع سابقاتها .
هذه الحكاية ليست بعيدة عن الواقع لأن كل شيء ممكن مع سلطة المال والجاه، لأنهما من مصادر الاستحواذ في هذا الكون – الله يلطف-
من شخوص الحكاية مدير المؤسسة التعليمية الذي يشرف ويسير المجموعة حسب ما يخوله له التشريع المدرسي والقانون بصفة عامة ومن جملة مهامه السهر على توفير وسائل وظروف العمل لكافة الأطر التي يسيرها ويعتبر الضامن لسلامتها من كل مكروه يلحقها ،وذلك تبعا لما هو متعارف عليه في النظام التربوي والإداري وعليه فإن
مسئوليته تفرض عليه الحرص على أداء عمله وفقا للمعايير المهنية المتمثلة في الصدق والأمانة والموضوعية في عرضه للأمور ،ومما يجب مراعاته في أي مدير مؤسسة تعليمية ما يلي
1-ألا يكون متحيزا أو متعصبا أو منافقا
2-أن يكون قدوة لغيره في السلوك والمظهر
3- أن يكون قدوة في انتظامه ومواظبته على الدوام وأمانته في عمله
4- أن يكون عادلاً وحازما في أحكامه
5-أن يكون قادراً على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب
6- أن يحافظ على النظام في المدرسة بحيث تكون مكانا أمنا هادئا لعملية التعليم والتعلم
7- ان يحافظ على البيئة الصحية العامة للمدرسة ويحميها من أي أخطار ويوفر لها الأمن والسلامة
• أن يكون عميق المعرفة بالأهداف العامة للتربية .
لقد أظهرت قصة الفيلم مدير المؤسسة شخصا ضعيف الشخصية ،غريب الأطوار ذا سلوك يتنافى مع أخلاقيات المهنة التي ينتمي إليها ،يحركه الإقطاعي وكأنه دمية مطواعة في يديه ،له قابلية لبيع شرفه بثمن بخس ،عاجز عن حماية مرؤسيه ،بل ويقوم بالتواطئ مع الاقطاعي على الإغراء بالمعلمة المسكينة التي لاحول لها ولاقوة أمام هذا الجبروت المتسلط عليها .
عند نهاية الفيلم شعرت بنوع من الحزن والأسى لمآل رجل التعليم في مجتمعنا ،
كيف أصبح ينظر إليه ،وكيف أصبحت تسوق صورته في المجتمع في الوقت الذي تتشرف فيه المجتمعات المتحضرة بهيأة التعليم والأطر التربوية التي تسهر على رعاية أبنائها وتنشئتهم .
الصورة التي سوقت في هذا الفيلم تنم عن عقدة دفينة لصاحب الفكرة عن رجل التعليم ،هذا الذي أفنى حياته في تربية الأجيال ،صاحب هذه النظرة تبين أنه يجهل رسالة المعلم ،الذي قيل عنه كاد أن يكون رسولا ،فكيف أصبح يساهم في نشر الرذيلة مقابل لقيمات في السوق الأسبوعي أإلى هذا الحد هان رجل التعليم في هذا المجتمع .؟
أنا لا أنزه رجل التعليم عن الخطايا فهو يصيب ويخطأ لأنه بشر يخضع لما تخضع إليه جميع الأجناس البشرية ولكن ليس بالدرجة التي روجت في الفيلم ،وهذا إن وجد لا قدر الله ينبغي أن يحاصر ويطهر بل ويجتث من جذوره حتى لا تنتشر العدوى .
رجل التعليم ينتمي لمؤسسة خاضعة لنظام الدولة فكيف يعقل أن تقبل هذا التشويه لصورة من يتحمل مسؤولية تربية الأجيال .
رب قائل إن هذا الإنجاز عبارة عن إنتاج درامي ينتمي لعالم السينما الذي يعتمد على العالم المتخيل وعالم الخيال ليس له ضوابط ولا كوابح يمكن أن تلجمه وكل من حاول ذلك، فهو إما رجعي وإما غير حداثي على أقل تقدير .والرد على هذا القول من زاويتين
الأولى: الخيال عبارة عن واقع محتمل .
،والثانية كل القنوات التلفزية تسوق إنتاتجها لعامة الناس، والكثير منهم لا يفرق بين الحقيقتين .وهنا نطرح أكثر من علامة استفهام حول موقف المجتمع من رجل التعليم من خلال الفيلم .كيف يمكن لرجل التعليم أن يسترد ذلك البريق الذي كان يعتز به في الماضي رغم ما كان يعانيه من مشاكل مادية ومعنوية ؟.
كيف يمكن أن نقبل مثل هذه الإهانة من قناة تمول من أموال رجال التعليم والغريب في الأمر أن هذا الشريط لم يحرك الغيرة لديهم وكأنه قدر محتوم .
2 Comments
المجتمع الذي يفكر في الأكل والعلف والجنس هو مجتمع أمي وجاهل ومتخلف لاتنتظر منه أن يفهم التعليم والثقافة ياستثناء الشرائح الاجتماعية التي تعتبر نسبتها ضئيلة في المجتمع
شوقي يقول وما درى بمصيبتي
قم للمعلم وفه التبجيلا
ويكاد يقتلني الامير بقوله
كاد المعلم ان يكون رسولا
اقعد فديتك كيف يكون مبجلا
من كان للنشئ الغير ذليلا
مأة على مأة اذا هي صححت
وجد العمى نحو العيون سبيلا
واغوص في الشعر القديم لانتقي
ما ليس مبتذلا ولا مرذولا
واجد ابن كلب بعد ذالك كله
رفع الضاف اليه والمفعولا
يا من يريد نصيحتي
ان المعلم لا يعيش طويلا