لماذا يهنأ راكب العود ـ بضم العين ـ بركوب العود ـ بفتح العين ـ في ثقافتنا الشعبية ؟؟؟
لماذا يهنأ راكب العود ـ بضم العين ـ بركوب العود ـ بفتح العين ـ في ثقافتنا الشعبية ؟؟؟
محمد شركي
كثير من خلق الله يحب أن يحمد بما لم يفعل ، ويطرب للمدح الكاذب ، وعندما يصارح بما لا يرضيه يزبد ويرغي ، ويعد بالويل والثبور وعواقب الأمور. وأحيانا قد يقدم النصح لبعض الناس ، وهم في وضعيات يرثى لها إلا أنهم يسيئون فهم النصح ، وقد يعتبرونه حسدا مع أن وضعياتهم لا يحسدون عليها ، ولا يتمناها غيرهم من أكياس الناس . وثقافتنا الشعبية التي تطبعها الحكمة ، والحكمة ضالة الأمة المؤمنة تعبر عن حالة الذين يضيقون ذرعا بالنصح الصادق . ومما تتداوله ثقافتنا الشعبية الحكيمة قولهم لراكب العود ـ بضم العين ـ جمع أعواد ـ بتسكين العين وفتح الواوـ وأعود ـ بتسكين العين وضم الواو ـ وعيدان ، ويطلق على الغصن إذا قطع من الشجر هنيئا لك العود ـ بفتح العين ـ جمع عودة ـ بكسر العين وفتح الواو ـ وهو كل مطية مسنة ، والعرب تقول عود ـ بفتح العين وتضعيف الواو ـ البعير إذا صار عودا أي صار مسنا . والعوام عندنا يسمون الحصان والجواد والفرس عودا ، ولا يخطر ببالهم أن هذا الاسم يطلق على المسن من المطايا ، وقد يطلق على الرجل المسن أيضا . وكم يبدو منظر راكب العود أي الغصن مسليا ، وهو يعتقد أنه يركب حصانا كما يفعل الصبية الصغار وهم يقلدون الكبار في ركوبهم ظهور الخيل ، كما أن تهنئة هذا الراكب المخدوع المغرور أكثر تسلية من تسلية ركوبه . ويعمم حكم هذا الركوب الوهمي على كل من يركب المراكب الخادعة من الناس الذين يمتلكون استعدادا فطريا للإطراء الكاذب حيث يطربون له أيما طرب ، ولا يروقهم قول من يصارحهم بحقيقة ما هم عليه في واقع الحال . فهنيئا لكل من غش نفسه ، وصدق غشه ، وهنيئا لمن اتصف بما لا يناسبه ورضي ذلك وارتاح له ، وهنيئا لمن خدعه مدح وإطراء الكاذبين والمتملقين ، وهنيئا للذين يتكلفون إظهار عكس ما يبطنون من سجايا كاذبة خاطئة . وهنيئا لمن لا يرضيه النصح الصادق ، وهنيئا لمن يطرب للمدح الكاذب ، وهنيئا للذباب بجناحي النسر الكاسر. وأخيرا هنيئا للراغبين في التهنئة المجانية على كل ما لا يستحق تهنئة ، بل يجر مذمة وخزيا .
Aucun commentaire