Home»National»أساس العلاقة السوية بين مختلف فعاليات قطاع التربية احترام الاختصاص والقيام بالواجب والتزام النصوص التشريعية والتنظيمية

أساس العلاقة السوية بين مختلف فعاليات قطاع التربية احترام الاختصاص والقيام بالواجب والتزام النصوص التشريعية والتنظيمية

0
Shares
PinterestGoogle+

أساس العلاقة السوية بين مختلف فعاليات قطاع التربية احترام الاختصاص والقيام بالواجب والتزام النصوص التشريعية والتنظيمية

 

محمد شركي

 

من الأمور التي تتسبب في خراب قطاع التربية عندنا بشكل كبير توتر العلاقات بين مختلف  أطرافها وفعالياتها . فلا يسجل خلل في هذا القطاع إلا وكان وراءه فساد في العلاقات بين القائمين عليه مهما كان دورهم ، أو كانت مسؤوليتهم . ومعلوم أن قطاع التربية ككل القطاعات يشبه  في بنائه وهيكله نظام الأسرة ، لهذا ليس من قبيل الصدف أن تطلق لفظة أسرة على قطاع من القطاعات العمومية أو الخاصة  كقطاع التربية  الحيوي مثلا ، فيقال أسرة التربية ، أو أسرة التعليم . والمعهود في الأسرة هو متانة العلاقة بين أفرادها ، وهذه العلاقة هي أساس تماسك الأسرة ، وأساس بقائها واستمرارها ، ونجاحها . والعلاقة  الحقيقية  بين أفراد الأسرة النموذجية  سواء كانت أسرة حقيقية أم أسرة مجازية لا تكون مبنية على أساس اندفاع عاطفي قوامه التعصب الذي لخصه الشاعر الجاهلي في قوله :

وما أنا إلا من غزية إن غوت /// غويت وإن ترشد غزية  أرشد

بل تكون مبنية على أساس عاطفة عاقلة  قوامها التوازن بين الحقوق والواجبات بحيث يصون فيها الفرد حقوقه بقدر قيامه بواجباته . ففي الأسرة الحقيقية يقوم الأبوان بواجباتهما المادية والمعنوية ، وهي عبارة عن حقوق لأولادهما ، كما أن الأولاد يقومون بواجباتهم وهي عبارة عن حقوق للأبوين . فالحق والواجب داخل الأسرة الحقيقية تربطهما علاقة جدلية  قومها التأثير والتأثر . وبقدر ما يحصل التوازن بين الحقوق والواجبات يسود الاحترام بين أفراد الأسرة ، ويتطور هذا الاحترام إلى محبة قد تبدو أمرا فطريا ، والحقيقة أنها أمر مبرر عن طريق المحافظة على التوازن بين الحقوق والواجبات . والدليل على أن تفسير المحبة بين أفراد الأسرة الحقيقية  على أنها أمر فطري هو تفسير غير مبرر ما يعتري هذه المحبة من اضطراب بسبب اختلال التوازن بين الحقوق والواجبات  في بعض الأحيان،  حيث تسوء العلاقة بين أطراف الأسرة  الواحدة بسبب ذلك ، ولا يبدو تفسير المحبة بينهم على أساس فطري منطقيا ومستقيما  في هذه الحالة . وعلى غرار علاقة  الأسرة الحقيقية  تقوم  علاقة الأسر المجازية ، ومن ضمنها أسرة التربية ، أو أسرة التعليم . فالعلاقة التي تربط بين أفراد هذه الأسرة لا تقوم على أساس  عاطفة غير مبررة ، ولا على أساس عصبية  ،بل على أساس توازن بين الحقوق والواجبات بحيث  يحصل كل طرف فيها على حقوقه بقدر قيامه بواجبه . وكثيرا ما يكثر الحديث عن إفلاس  أسرة التربية من خلال إفلاس قطاعها ، ويجهد البعض أنفسهم في  البحث عن أسباب هذا الإفلاس دون ربطه بإفلاس العلاقة بين أطراف وفعاليات هذا القطاع . والنظر في العلاقة بين هذه الأطراف أوالفعاليات يجب أن يبدأ من فكرة  صيانة التوازن بين الحقوق والواجبات. ومعلوم أن القيام بالواجب يعني احترام الاختصاص أو التخصص . ومن المعضلات التي يعرفها قطاع التربية عندنا هو افتقار العديد من الأطراف والفعاليات إلى ثقافة  فقه الاختصاص  والتخصص بحيث لا يعرف العديد منا  حدود اختصاصاته ، وإن كان عارفا بها  تنكر لها  أوتجاهلها ، وهو ما يعني حدوث اختلال في التوازن بين الحقوق والواجبات . فكل طرف في أسرة التربية لا يقف عند حدود اختصاصه يكون قد  اعتدى على اختصاص غيره ، ومن ثم يكون قد أخل بواجبه ، وهو إخلال يفضي بالضرورة إلى إخلال بحقوق الغير. فكثير من أطراف أسرة التربية  لا يقنعون باختصاصهم ، ويطمحون إلى اختصاص غير اختصاصهم ، خصوصا إذا كان الاختصاص موضوع الطموح يغري بنوع من المسؤولية أو بنوع من الامتياز كما يفهمه الذين لا يدركون معادلة التوازن بين الحقوق  والواجبات . فبعض  الأطراف في أسرة التربية  لا يفرقون بين  سلطة النصوص التشريعية والتنظيمية ، وبين سلطة الأفراد  ، ذلك أنه قد  يطلب من أحد الأطراف الخضوع لسلطة هذه النصوص ،فيفهم ذلك  فهما خاطئا وكأنه  طلب منه الخضوع لسلطة من يذكره بسلطة النصوص . ومن المؤسف جدا أن يطرح أطراف داخل أاسرة التربية أسئلة عن  طبيعة مهام أطراف أخرى كان من المفروض ألا تكون موضوع تساؤل أصلا ،لأنها من  المعلوم  بالضرورة أو مما يسمى تحصيل حاصل . فعلى سبيل المثال عندما يسأل رئيس مؤسسة عن  مهمة  مفتش ملاحظ في الامتحانات  يكون إما جاهلا بالمهمة  وهو أمر مستبعد ، أو متجاهل لها وهو المرجح . فمثل هذا التساؤل إن صح أن يسمى كذلك ، وهو ما لا يصح مع وجود خلفية رفض مهمة الملاحظ في الوعي أواللاوعي يعني أن  رئيس المؤسسة الذي يكون رئيس مركز الامتحان يرى في هذه الرئاسة  تشريفا لا تكليفا ، ولا يقبل أن يكون تحت الملاحظة  لأنه يعتبرها  سلطة شخص لا سلطة نصوص ، وهو مطالب بالقيام بواجب رئاسة مركز امتحان ، ولهذا يتعمد عدم فهم مهمة الملاحظة لمجرد أنها تفسد عليه نشوة رئاسة مركز الامتحان التي يراها امتيازا حسب فهمه أو اعتقاده أو رغبته . فلو أن رئيس مركز الامتحان استحضر سلطة النصوص التشريعية والتنظيمية الخاصة بمهمة الملاحظة لتبين  له أن الأمر لا يتعلق  بسلطة الشخص المكلف بالملاحظة عليه  بل بسلطة النصوص الملزمة . وقياسا على هذا المثال يحدث العديد من الشنآن بين مختلف أطراف وفعاليات أسرة التربية أو أسرة التعليم بحيث  يرفض العديد من الأطراف والفعاليات الخضوع لسلطة النصوص التشريعية والتنظيمية ويعتبرونها خضوعا لمن يحيلهم عليها أو لمن يكلف بتنزيلها . والمؤسف أن العلاقات بين أطراف وفعاليات أسرة التربية أو أسرة التعليم سيئة للغاية  بسبب ذلك ، وهي في أمس الحاجة  إلى مراجعة دقيقة وشاملة على ضوء النصوص الضابطة لمجال الحقوق والواجبات . فلا تكاد هذه العلاقة تسلم من شنآن مرده رفض الآخر  كلما  اعتبر سلطة  فوقية ، أو تراتبية 

مع أن التراتبية تعني سلطة النصوص التشريعية والتنظيمية، ولا تعني  سلطة شخص على آخر . ومن المؤسف أن نسمع بحكايات غريبة لبعض الأطراف الذين يسلكون  بعض السلوكات التي تدل على رفضهم لمواقعهم ، وتعمدهم التجاسر على غيرهم . فما معنى أن يستنكف عون كنس مثلا أو سائق أن يقوم بمهامه ، وينصب نفسه مراقبا على مدير أكاديمية أو نائب أو رئيس مصلحة أو مفتش أو رئيس مؤسسة أو مدرس أو مقتصد إلخ …. ؟ فمهمة الكنس أو السياقة لا تعتبر عيبا فهي مهمة ضرورية لتسير دواليب المنظومة التربوية ، وإذا ما أمر مدير أكاديمية أو نائب أو رئيس مصلحة عون الكنس أو السائق بالقيام بواجبه  ، فهو يأمره بالتزام النصوص المنظمة والضابطة لمهمته ، ولا يعني ذلك أنه يستعبده أو يهينه . وما يقال عن رفض بعض أعوان الكنس وصغار الموظفين الالتزام بواجباتهم  طبقا للنصوص الضابطة لها أمام بعض المسؤولين ،يقال أيضا عن باقي الأطراف والفعاليات  على اختلاف  مهامها داخل أسرة التربية حين تتنكر للالتزام بالنصوص المنظمة لواجباتها الشيء  الذي يعني الاخلال بالواجب من خلال عدم احترام التخصص أو الاختصاص ، الشيء الذي يترتب عنه إلحاق الضرر بحقوق الغير ، وبالمنظومة التربوية عموما . فإذا كان على سبيل المثال رئيس مؤسسة تربوية يعمد إلى بعض أساليب التعامل مع غيره من الإداريين أو المدرسين التي  قد تفسر على أنها نوع من التعالي  كأن يتخذ بينه وبينهم عون كنس وسيطا في المعاملات اليومية التي يقتضيها السير العادي للمؤسسة ، فإن ذلك من شأنه أن يسمم العلاقة بينه وبينهم ، ويؤدي بالضرورة إلى ردود أفعال تفضي إلى عدم احترام الاختصاصات وعدم التزام النصوص التشريعية والتنظيمية المحددة للواجبات .  وخلاصة القول أن العلاقة السوية  بين أطراف المنظومة التربوية  أو أطراف الأسرة التربوية إنما تقوم على أساس القيام بالواجب  من خلال احترام التخصص الذي يعني الالتزام بالنصوص التشريعية والتنظيمية . وعلى كل من يتعمد الدوس على هذه النصوص  أو يتعمد تجاهلها أن يتوقع سوء العلاقة مع الأطراف  التي تجمعه بهم الأسرة الواحدة . وليس من العيب  أن يقبل كل طرف  بصدر رحب سلطة النصوص التشريعية والتنظيمية ، في حين من حقه أن  يرفض كل سلطة خارج هذا الإطار. فعلى بعض الأطراف ذات المهام التي تفرضها مسؤولياتهم  ، ويفرضها واجبهم ألا يسيئوا استعمال ما تخوله لهم النصوص التشريعية والتنظيمية  من صلاحيات، فيحولوا سلطة هذه النصوص إلى سلطة شخصية يستغلونها ، ويحاولون فرضها  على غيرهم دون وجه حق ، وهو ما يوسم بالشطط في استعمال السلطة ، والشطط في استعمل السلطة هو نقل هذه السلطة من النصوص إلى الأشخاص ، علما بأن سلطة النصوص تخضع لضوابط ، بينما سلطة الأشخاص قد لا تخضع لهذه الضوابط بسبب  العاطفة والأنانية  وحب الظهور والتعالي  والتسلط . وفي المقابل ليس من حق أطراف أخرى رفض سلطة النصوص  عبر رفض من له حق تنزيل هذه النصوص  بسبب خلافات عاطفية شخصية بحتة .  ومعلوم أن النصوص التشريعية والتنظيمية لا تفاضل بين الأطراف إلا بقدر  قيام هذه الأطراف بواجبها على الوجه الأكمل ، ذلك أن الأفضل في أسرة التربية هو  القائم بواجبه الذي يصون حقوق غيره . ولا يجب  بتاتا أن يعتبر تفضيل هذه النصوص لهذا الطرف أو ذاك باعتبار قيامه بواجبه على الوجه الأكمل استنقاصا من شأن أطراف أخرى . وعلى كل الأطراف التفكير  بجدية في  نجاح وفشل المنظومة التربوية المتوقف على أساس صحة وسلامة العلاقات بين أطرافها وفعالياتها .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *