الغيرة على البيئة بين أسلوب الأستاذ نجيب بشيري « وزير اللقلاق » وأسلوب الأستاذ رمضان مصباح الإدريسي محامي الجبل والغابة
الغيرة على البيئة بين أسلوب الأستاذ نجيب بشيري « وزير اللقلاق » وأسلوب الأستاذ رمضان مصباح الإدريسي محامي الجبل والغابة
محمد شركي
على إثر نشر الأستاذ الفاضل سيدي رمضان مصباح الإدريسي صيحته المدوية من شرق المملكة وعبر الشبكة العنكبوتية انطلاقا من محطة وجدة سيتي من أجل الدفاع عن الأخطار المحدقة بالبيئة الجبلية والغابوية في الوطن عامة ، وفي منطقة الزكارة خاصة ، وهو الذي دأب منذ أن ترك الخدمة في مجال التأطير والمراقبة مضطرا بسبب فساد تدبير المنظومة التربوية على معانقة الطبيعة يوميا، وبشكل دائم بحكم هوايته ككشاف خارج إطار المؤسسات الكشفية ، وكقناص يمارس القنص الهادف والمسؤول ، وكغيور على البيئة وهي الغيرة المستمدة من غيرته الوطنية وإخلاصه في حب هذا الوطن ، وجدتني أستحضر حكاية » وزير اللقلاق » من قبل ، و ذلك منذ ما يربو عن عقد من السنين حيث أجهز أستاذ اللغة الانجليزية بمؤسسة أبي الخير ببركان على محاولة إجرامية استهدفت إعدام أشجار الصفصاف الباسقة المعانقة لوادي شراعة ، وهي عبارة عن مساكن لطير اللقلاق الذي نقش في الذاكرة الثقافة الشعبية المغربية نقوشا تضاهي نقوش الأهرام الفرعونية والبابلية . فهذا الطائر الذي اختار أن يجاور المغاربة عبر العصور ، واتخذ من صوامع مساجدهم سكنا له ، ولم يغادرها حتى حين غزتها تكنولوجيا مكبرات الصوت الزاعقة والمزعجة صار مهددا، وهو الطائر المتدين في الذاكرة الشعبية المغربية إذ قررت السلطة ذات يوم في مدينة بركان تدمير مساكنه فوق شجر الصفصاف الباسق على ضفة وادي شراعة في زمن استقواء السلطة التنفيذية على ندتيها السلطة التشريعية والقضائية ، وأظن أنها لا زالت كذلك في انتظار حلول عهد فصل السلط لتحقيق الديمقراطية الحقيقية المنشودة عوض الديمقراطية الصورية التي كانت ولا زالت مستمرة . لقد ثارت ثائرة الأستاذ نجيب بشيري ، وقصد الشرق والغرب ، وأقسم أن يتحالف حتى مع الشيطان من أجل أن يظل طائر اللقلاق الناسك آمنا في مسكنه . ولما ارتفع صوت الأستاذ نجيب بالتهديد والوعيد ، وهو على شاكلة الأستاذ رمضان مصباح ابن البيئة ،وكشاف خارج إطار المؤسسة الكشفية الرسمية ، وقناص صاحب ضمير حي ، وصديق الحيوانات والطيور ، اضطر إعلامنا إلى مجالسته في حلقة من حلقات القناة الثانية التي تقتنص الشهرة من خلال ركوب ظهور أهل الفضيلة .ومن ضمن ما وصف به مذيعها يومئذ الأستاذ نجيب عبارة : » وزير اللقلاق « ولعله كان يريد التقليل من شأن الجريمة البيئية التي كانت السلطات في مدينة بركان تريد اقترافها في حق البيئة والطائر المسكين . وبدا وصف هذا الرجل الغيور من خلال نعته بوزير اللقلاق نوعا من السخرية والتعريض بفكرة دفاعه عن هذا الطائر المسكين . وأذكر جيدا أن الأستاذ نجيب وزير اللقلاق ـ وأقولها افتخارا وليس عبثا واستهزاء ـ حدثني عن خطر ثقافي بات يهدد طائر اللقلاق في المجتمع المغربي عموما ، وفي مدينة بركان خصوصا ، حيث زعم بعض المتخلفين أن لحم هذا الطائر فيه شفاء لداء السكري . ولقد تدخل الأستاذ نجيب لفك أسر هذا الطائر من يد أحد بساط الناس في يوم من الأيام بماله الخاص بعد إقناعه بتهافت إشاعة علاج لحم اللقلاق لداء السكري . وكان الأستاذ نجيب يومها وهو يدافع عن براءة لحم اللقلاق كمن تجشم إثبات كروية الأرض زمن إنكارها . وأعتقد أن صيحات الأستاذ رمضان مصباح الإدريسي لن تذهب سدى ، ولا أشك في أن القناة المغربية الثانية ، أو قناة ميدي سات ستسارع إلى بيت الأستاذ رمضان في الريف خصوصا مع اقتراب موعد الزيارة الملكية ، وحرص السلطات على عدم وصول صوت هذا الرجل الفاضل المدافع عن البيئة في الجهة الشرقية وتحديدا في منطقة الزكارة التي حظيت بزيارة ملكية دلت على حجم الرعاية الملكية بها إلى السدة العالية كما صرح بذلك ، وحق له أن يهدد ما دامت قد أنذر فأعذر . وربما ستصفه القناة الثانية كما وصفت الأستاذ نجيب من قبل بأنه سفير أو وزير الجبال والغابات . ولن يجانب نعت هذه القناة ـ حتى لو كان عبثا ـ الصواب، لأن السفارة في اللغة العربية تعني التدخل من أجل الإصلاح بين طرفين ، كما أن الوزارة تعني تحمل الإنسان الحمل الذي ينقض الظهر. وما اتخذ الملوك وزراء إلا لينوبوا عنهم في حمل أوزار هموم الرعية . فسفير الطبيعة في منطقة الزكارة هو الأستاذ رمضان مصباح الإدريسي الذي يريد أن يصلح علاقة ساءت بين البيئة الزكراوية الضحية من جهة ، وبين الساكنة الزكراوية والمسؤولين الجلادين من جهة أخرى ، كما أنه وزير هذه الطبيعة ، لأنه يحمل وزر ما يتهددها من مخاطر . وحتى لا تكون دعوة الأستاذ رمضان مجرد صيحة في واد كما يقال ، فلا بد أن تكون مختلف المحطات على الشبكة العنكبوتية انطلاقا من محطة وجدة سيتي في الموعد ، وفي مستوى غيرة هذا الرجل الإيكولوجي بالمعنى الدقيق للكلمة . وعلى كل من وصله نداء الأستاذ رمضان أن يبلغه إلى المؤسسات البيئية الدولية من أجل التدخل الأخلاقي لإنقاذ بيئة برئية مظلومة توشك أن تخنق وتعدم . وأدعو من هذا المنبر مركز الدراسات والبحوث الاجتماعية والإنسانية بوجدة إلى استضافة الأستاذ رمضان في رحابه ، واحتضان ندائه البيئي ، ويكون ذلك مناسبة لحملة جهوية في شرق المملكة للتحسيس بالمخاطر المحدقة ببيئتنا عسى أن تلفت أنظار كل الغيورين على البيئة قبل فوات الأوان . ولن تكفي في نظري خطب الجمعة ، ولا البرامج الإعلامية المناسباتية للفت الانتباه إلى الأخطار المهددة للبيئة ، فلا بد من مشاريع إجرائية على ضوء تقارير وملاحظات الغيورين على البيئة . وآمل أن يبدأ الأمر بتوقيعات على الشبكة العنكبوتية من طرف كل الغيورين على البيئة ليتحول الأمر بعد ذلك إلى ربيع مغربي بيئي من أجل إسقاط فساد وإفساد البيئة . وأعتقد أن الأستاذ رمضان سيكون بالنسبة للدفاع عن البيئة الجهوية والوطنية بمثابة زعيم حركة كفاية المصرية الدكتورعبد الوهاب المسيري رحمة الله عليه ، والذي كان منظرا للربيع العربي ، وقد قدر الله تعالى ألا يرى باكورة تنظيره المسدد والموفق للربيع المصري . وأملي أن يرى سيدي الفاضل رمضان مصباح ثمرة غيرته على البيئة في موطنه وسائر أرجاء الوطن ، وأن يمد الله عز و جل في عمره من أجل أن يتحقق حلمه الرائد .
Aucun commentaire