حمى الحقد اليساري والعلماني ضد الحكومات الإسلامية في بلدان الربيع العربي
حمى الحقد اليساري والعلماني ضد الحكومات الإسلامية في بلدان الربيع العربي
محمد شركي
من المعلوم أن اليسار والعلمانية في الوطن العربي تعايشت لعقود من السنين مع الأنظمة الفاسدة ، وشاركت في حكومات هذه الأنظمة ، وكان شغلها الشاغل هو الكيد والوشاية بكل من له علاقة بالإسلام لدى هذه الأنظمة الفاسدة بكل الطرق والوسائل. ولما حل الربيع العربي ، وبدأت الأنظمة الفاسدة تتهاوي بشكل أو بآخر، وجد اليسار والعلمانية نفسيهما في حالة شرود خصوصا بعدما رفعت الشعوب العربية شعار الإسلام ، وراهنت على حكومات محسوبة عليه ،بعدما يئست من شعارات اليسار والعلمانية اللذين تخلى الصنم السوفياتي عنهما وعن مبادئه لصالح الامبريالية ، فكان ذلك نكسة قاسية لمريديه . ومباشرة بعد الربيع العربي خاب حلم اليسار والعلمانية في استعادة وضعهما الذي كانا عليه في ظل الأنظمة الفاسدة بعد لعبة الديمقراطية التي خسراها ، والتي كانت لصالح الأحزاب المحسوبة على الإسلام في كل دول الربيع العربي. وأمام صدمة الخسارة والخيبة ارتفعت حمى حقد اليسار والعلمانية على الأحزاب المحسوبة على الإسلام. وكانت بوادر هذه الحمى قبل اللعبة الديمقراطية وخلالها وبعدها مباشرة ، حتى أن اليسار والعلمانية روجا لفكرة الفشل المسبق والمحقق لتجربة الأحزاب المحسوبة على الإسلام . وما كادت هذه الأحزاب تشكل حكوماتها حتى بدأت المعارضة اليسارية والعلمانية المحمومة على كل الأصعدة . فلا تكاد تتصفح موقعا ولا جريدة يسارية أو علمانية حتى تجد النقد الجارح لحكومات الأحزاب المحسوبة على الإسلام . وطرحت من جديد قضايا أكل الدهر عليها وشرب من قبيل موضوع الفن ، وموضوع الأحوال الشخصية …. وغيرها من القضايا التي طرحت للنقاش من جديد قبل أن تظهر نتائج الاستحقاقات الانتخابية . وراجت بعض إشاعات اليسار والعلمانية في الدول التي صار القرار فيها إلى الحكومات المحسوبة على الإسلام بأنه سيتم التضييق على الحريات العامة باسم الدين ، وستحارب الفنون ، وستمنع المهرجانات والشواطىء ، والعري ، والسكر …. وما بقي إلا القول إنها ستقطع أيدي اللصوص ، وسيجلد الزناة ويرجمون ، وستقطع أيدي وأرجل المفسدين من خلاف ، وسينفون من الأرض ….. إلى غير ذلك من إشاعات التخويف والتهويل من وصول الأحزاب المحسوبة على الإسلام إلى مراكز صنع القرار. وما كادت بعض حكومات الأحزاب المحسوبة على الإسلام تشير من بعيد إلى بعض ملفات الفساد التي لم يشر إليها اليسار والعلمانية في يوم من الأيام حتى كانت تهمة المزايدة الإعلامية قد قدت على مقاس هذه الحكومات من قبل هذا اليسار ، وهذه العلمانية. ففي مصر تباكى اليسار والعلمانية على الفن المهدد من طرف حزب الإخوان المسلمين وحزب السلفيين، ونفخا في مخاوف الأقباط ، بل قدحت نار الفتنة الدينية عن طريق الاعتداءات المتعمدة والمغرضة . وفي تونس قامت قيامة شيوخ وعجزة اليسار والعلمانية من حليقي الذقون المتجعدة ،وغنوا من جديد أناشيد الثورة اليسارية التي لم تغن زمن الطاغية الفار، و كان أصحابها منشغلين بتخويفه من حزب النهضة والسلفية ، وتشجيعه على حماية الفساد الخلقي في منتجعات الرذيلة المملوكة من طرف زوجته العشيقة وعشيرتها ، ومن طرف عصابات الفساد. وعندنا في المغرب بدأ النفخ من جديد في الخلاف حول مدونة الأحوال الشخصية ، وحاول اليسار والعلمانية ، وحملت حكومة بنكيران مسؤولية انتحار الزوجة الشابة ضحية الاغتصاب ، وكأن مغتصبها كادر من كوادر حزب العدالة والتنمية . والوضع مرشح للمزيد من التشنج ، ونحن مقبلون على موسم المهرجانات ، والشواطىء ، والكشف عن المفاتن … وهلم جرا مما يتحين اليسار والعلمانية الفرصة لركوبه من أجل تأكيد أحد أمرين : إما تأكيد تهمة تضييق حكومة بنكيران على الحريات العامة باسم الدين ، أو إثبات فشلها في تحقيق ما كانت ترفعه من شعارات القيم والأخلاق الإسلامية ، وهي شعارات كانت وراء وضع الشعب ثقته فيها ، ومراهنته عليها. المهم أن اليسار والعلمانية لن يعدما الأدلة على فشل التجربة الإسلامية ،لأنه لا يمكنهما هضم نجاحها بعد تجربتهما الفاشلة لعقود من السنين . وحكاية حقد اليسار والعلمانية على حكومات الأحزاب المحسوبة على الإسلام تجعلنا نتذكر حكاية الصبي المدلل الذي هدد والده بفضحه أمام ضيوفه من خلال اختلاق مظلمة وهمية ، فحرص الأب على تحقيق كل مطالبه يوم زيارة الضيوف من أجل شراء صمته ، إلا أن الصبي لم يعدم ما يفضح به والده أمام ضيوفه ، فدخل عليهم ، وكشف عن حجره قائلا : بالله عليكم أيها الضيوف أهكذا يكون الختان ؟ . فعلى غرار هذه الحكاية ستكون حكاية اليسار والعلمانية مع حكومات الأحزاب المحسوبة على الإسلام إذا ما أعوزهما تلفيق تهم حقيقية لها ، وحينئذ لا بد من الإشارة إلى سوء الختان .
Aucun commentaire