Home»International»حكومة الحكامة

حكومة الحكامة

0
Shares
PinterestGoogle+

حكومة الحكامة

بقلم : عبد المجيد التجداد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أقدمت وزارة النقل و التجهيز في شخص وزيرها حامل لواء المصباح السيد رباح على سابقة في تاريخ الإدارة المغربية ، حيث عمل كما سبق له أن وعد على كشف لائحة بأسماء المستفيدين من رخص النقل ( الحافلات فقط ) ما بين المدن . هذه البادرة الطيبة تندرج ضمن شعار حكومة ابن كيران في الحكامة و الشفافية … لقد غابت عن اللائحة سيارات الأجرة على اعتبار أنها من اختصاص وزارة الداخلية ؛ غير أن هذه العملية لوحدها كانت كافية لاستفزاز مشاعر الكثير من المغاربة و هز عروش تلك الأسماء المنتفعة بتلك الرخص .

كان من المدهش فعلا أن نجد أسماء معينة كنا نظنها أقرب إلى التعفف على الخوض في هذا الميدان ، أسماء كان لها في فترة معينة صيت وطني : مثل الأبطال الرياضيين نوال المتوكل التي سبق لها الاستوزار ، و بعض لاعبي كرة القدم … ناهيك عن شخصيات سياسية أخرى أو ورثتهم تؤكد حالتهم قبح و فضاعة زواج السفاح الحاصل بين السلطة و الثروة ..؛ و أن الذين كنا نعول عليهم لكي يخدموا الشعب المغربي من خلال وظائفهم في السلطة قد خذلوا الشعب فيما عوّل و استغلوا وظائفهم في الإدارة العمومية لقضاء مصالحهم الشخصية ..؛ و بالتالي فإن قيمة النزاهة كانت شبه غائبة في التدبير السابق للشأن العام .

غير أن أشد ما يستفز هو ورود أسماء شخصيات معينة كان عليها من منطلق التحوط لدينها تجنب الخوض في مثل هذا الماء الآسن . فمن بين الأسماء التي تستثيرنا نجد اسم العلامة الفقيه الشيخ عبد الباري الزمزمي الغني عن التعريف ، و الذي كان نائبا برلمانيا عن حزب النهضة و الفضيلة ؛ غير أن هذه الإثارة كان يمكنها أن تخفت لولا رد فعل الفقيه الزمزمي بحسب ما نقلته صحيفة هسبريس . لقد بدا بأن الفقيه الزمزمي كان منزعجا من كشف اسمه ضمن تلك اللائحة ، كأننا به لربما حاك في نفسه شيء من ذاك الذي يحيك في قلب المؤمن و لو أفتاه الناس و أفتوه ، شيء مما يخاف أن يطلع عليه الناس ، و هذا ما يتبين من خلال تصريحه حيث قال : << إن هذه العملية ماذا وراءها ؟ فهؤلاء الناس قاموا بعمل عابث >> ، ثم مباشرة انطلق في هجوم على وزراء المصباح من خلال إصدار حكم على نواياهم ــ الله وحده وكيل بها ــ بأنهم متملقون ، قال الشيخ عبد الباري الزمزمي غفر الله لنا و له << أنا أرى بأن هذه الحكومة ومنذ وصولها لمقاعد الحكم ، و هم يتملقون الجمهور بأمور إشهارية لإثارة العواطف ، فهذا يسوق سيارته بنفسه ، و هذا لا يزال مقيما في بيته القديم ، و هذا يصلي في مسجد حيه … يعني أنهم اعتبروا أنفسهم ملائكة نزلوا من السماء ، فالشعب لا ينتظر منهم هذا ، فالشعب ينتظر منهم الإصلاح ، و ليس أن يجلس هذا في داره أو يمشي للفران ، فهذا لا يخدم الشعب >> ، ثم في إطار الحكم عليهم بالتملق يضيف الشيخ الزمزمي قائلا : << إن الغرض كله هو الإثارة فقط ، و أن عملية الكشف عن الرخص هي من أجل الإثارة تملقا للجمهور و إرضاؤه بأمور تافهة >> .

الشيخ الجليل ، و من منطلق موقعه العلمي و الأخلاقي و الديني العظيم في المجتمع كان عليه أن يكون من أول المساندين لجهود وزراء المصباح للكشف عن جحور العفن التي تفسد عمل الإدارة المغربية و من تم تطهيرُُها ..، كان عليه أن يشجعهم على قربهم من الشعب و سلوكاتهم التي تذكره هو قبل غيره بسير الصالحين من حكام هذه الأمة الذين لم تكن بينهم و بين رعاياهم حُجُب .

الشيخ الزمزمي غفر الله لنا و له في تبريره لحصوله على رخصة النقل قال : << منذ 30 سنة و أنا أحث الجمهور في الوعظ و الدعوة و المحاضرات .. فمنذ ثلاثين سنة أو تزيد ، و الخدمة التي قدمتها هي أهم من الرياضة و من الأعمال الأخرى التي يقدمها الآخرون .. فكل واحد يقدم للبلاد خدمة حسب موقعه و اختصاصه >> ، و بعيدا عما يمكن استنتاجه من مثل هذا الكلام من أخطاء فادحة يحرق بها عمله العظيم ذاك ، نقول له أن هؤلاء الرجال الذين يتهمهم بالتملق لعلهم حصيلة جهوده العظيمة في الوعظ و الدعوة و المحاضرات …

نرجو  أن يكون هذا الكشف العظيم البداية الفعلية للحكامة الجيدة ، و ننتظر من باقي الوزراء و من جهاز حكومة ابن كيران برمتها أن تكشف عمّا تبقى وفقا لما يشير إليه الشيخ الزمزمي بقوله : << هناك عشرات الرخص التي تُدرُّ الملايين لم يكشفوا عن أسمائها مثل مقالع الرمال و الصيد في أعالي البحار و رخص خاصة بالتسويق و التصدير لم يتكلموا عنها >> .

إننا في الشعب المغربي لا ننتظر المستحيل من حكومة السيد عبد الإله بن كيران . كل ما نرجوه هو أن تعمل بكل حسن نية على تطهير إدارتنا العمومية من كل جحور عفن الفساد ، و تعيد الحق إلى أصحابه ، و أن تضع قواعد عادلة لكي يأخذ كل ذي حق حقه مهما عجزت حيلته و عيي لسانه …

الحكومة تواجه يوميا امتحانات عسيرة ، نرجو أن تجتازها ــ و بلدنا من خلالها ــ بسلام .

… أمّا إن وجدت الحكومة بأن هناك من يعمل على عرقلة و وقف جهودها في التطهير ، و له من القوة ما يجعلها عاجزة عن الوفاء بما التزمت به للشعب فإننا ندعوها مخلصين إلى تقديم استقالتها فورا و دون أدنى تردد ــ كما سبق أن صرح بذلك ابن كيران نفسه … حتى لا تكون تجربة الحكومة الجديدة نسخة مكرورة عن تجربة حكومة اليوسفي ( كما يرى البعض ) ، حيث يحرق دعاة النزاهة أوراقهم ، و تخيب أمال الناس فيهم و في دعوة النزاهة نفسها ..، كأنما هذا البلد أهون من أن يرقى إلى قيم النزاهة و الشفافية و الحكامة الجيدة ..؛ و يبقى النصر حليف لوبيات الفساد كما كان منذ ما يزيد عن ستين سنة ..؛ فتضيع أحلام المغاربة في الغد الأفضل لهم ، أو على الأقل لأبنائهم ..، و نفتح على بلدنا أبواب المجهول من جديد …

http://tajdadi.blogspot.com  /

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. المكي قاسمي
    05/03/2012 at 12:29

    كان الله في عون حكومة بنكيران. فهي محاصرة ة من الجهات الأربع. منها جهتان يحتكرهما التطرف والتعصب الإيديولوجي المنغلق، بشقيه الديني واليساري « العتيق ». وأهل هاتين الجهتين لا يهمهم ما يمكن أن تحققه الحكومة الحالية للوطن، بقدر ما يهمهم فشل هذه الحكومة، فقط لأنها محسوبة على العدالة والتنمية. فالعدل والإحسان تريد أن تكون هي البديل الإسلامي وليس غيرها.و اليساريون التقليدانيون لا يهمهم غير سيلان الدم، لتحقيق حلم الثورة الحمراء، وليذهب البلد بعد ذلك إلى الجحيم.أما الجهة الثالثة فهم لوبيات الفسا د الموجودة حيثما وضعت الحكومة يدها، تماما كالأخطبوط.ولعل أكبر تجل لاشتغال الفساد ضد حكومة بنكيران هذه الأيام هو كثرة الأقلام والأصوات وحتى الكاميرات المأجورة والتي لم تعد تستطيع التستر عن حقيقتها.وأما الجهة الرابعة، وإن كانت أخف وطأ، فهي تلك الفرملة التي يتحكم من خلالها النظام في الحركية الإصلاحية للحكومة، ولو من حين لآخر فقط.لكن، كم من فئة قليلة غلبت…………… يكفي فقط أن تكون تلك الفئة القليلة في ضفة الحق، وليحتل الباقون بعد ذلك كل ضفاف الباطل

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *