Home»National»مناسبة المولد الشريف تتحول من تقديس شخص النبي الكريم إلى تقديس غيره من شيوخ الطرق الصوفية

مناسبة المولد الشريف تتحول من تقديس شخص النبي الكريم إلى تقديس غيره من شيوخ الطرق الصوفية

0
Shares
PinterestGoogle+

مناسبة المولد الشريف  تتحول من تقديس شخص النبي الكريم إلى تقديس غيره من شيوخ الطرق الصوفية

محمد شركي

سنة بعد أخرى تتكرس  وبوتيرة أسرع ظاهرة انحراف الاحتفال بمناسبة المولد الشريف حيث يصرف الناس عن تقديس شخص النبي الكريم إلى تقديس غيره من شيوخ الطرق الصوفية  على اختلاف مشاربها . و المؤسف المحزن هو أن  يصير هؤلاء الشيوخ بدائل عن شخص النبي الكريم عند كثير من الناس ، حيث يسبغون عليهم قداسة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويعاملونهم  معاملة  تفوق معاملة الصحابة للنبي من قبيل التنافس على تقبيل أيديهم وأرجلهم ، و كذا التنافس على شرب الماء الذي يغسلون به أيديهم … وما إلى ذلك من مظاهر التقديس  الكاذب والمبالغ فيها ، والتي لا يرضاها الله عز وجل و لا رسوله صلى الله عليه وسلم  . وقد  تسوق وسائل الإعلام الرسمية التي تستغل من طرف بعض أتباع هؤلاء الشيوخ  لمظاهر التقديس هذه لحمل الأمة على التطبيع معها ، واعتبارها ظاهرة سليمة وطبيعية  ومقبولة ، في ظل صمت العلماء الذين من مهامهم حراسة العقيدة من كل أنواع الانحرافات والضلالات. ومن المعلوم أن الطرق الصوفية إنما نشأت في عصور متأخرة عن عصر النبوة بزمن طويل مما يؤكد بدعيتها . وكانت نشأتها بسبب تطور الحياة في المجتمع الإسلامي في العصر العباسي الذي عرف دخول العديد من الأمم إلى الإسلام . وقد ظل الكثير من معتنقي  الإسلام على  خلفياتهم العقدية قبل إسلامهم الشيء الذي تسبب في خلط بين فاسد المعتقدات ، وبين عقيدة الإسلام السمحة . وبتطور الحياة في العصر العباسي ، وبظهور الترف  والبذخ  وما صاحبهما من  رقة في الدين ،نشأت في المجتمع طبقات الأثرياء الذين انصرفوا للهو واللعب والمجون ، وانتشر بسبب ذلك شيوع الخمر ، والغناء ، والقيان ، والغلمان . وانتشرت الزندقة ، وهي إبطان الكفر ، وإظهار الإسلام بسبب النزعة الشعوبية ، وهي نزعة عرقية  فارسية تعصبت  ضد النزعة العروبية التي عرفها العصر الأموي. وكرد فعل على ظاهرة المجون التي سببها الترف ، ظهرت ظاهرة الزهد بين أوساط الفقراء الناقمين على الأثرياء . وكانت هذه الظاهرة هي بداية ظهور ما يسمى التصوف  ، وهو في حقيقة أمره زهد في متع الدنيا تحول  مع مرور الزمن إلى فلسفة موغلة في التجريد والأوهام . وتذكر المصادر التاريخية أنه في زمن الخليفتين العباسيين الأمين والمأمون ، وتحديدا أيام الفتنة بينهما حيث حوصرت بغداد استطال شر المجان والعهار بها  وبباقي المدن ، وكان ذلك سببا في ظهور الزهاد المنكرين للفساد المستشري في المجتمع العباسي . واشتهر من بين الوعاظ الزهاد عمرو بن عبيد ، وصالح بن عبد الجليل ،وابن السماك. وكان وعظ هؤلاء الوعاظ استمرارا لطريقة  وعظ تميم الداري في عهد الخلفاء الراشدين . واستمر هؤلاء الوعاظ في التصدي لحياة المجون ، وكان منهم سفيان الثوري ، وداود الطائي ، وعبد الله بن المبارك ، والفضيل بن عياض ، وسفيان بن عيينة  ، وعبد الواحد بن زيد وغيرهم  . وكان هذا الوعظ بداية ظهور التصوف عند أمثال إبراهيم بن الأدهم ، ورابعة العدوية ، وعبدك الكوفي ، وأبو سلمان الداراني ، وبشر بن الحارث  ، وغيرهم  قبل أن يظهر المتصوفة الذين نقلوا الزهد إلى التصوف التجريدي بمقولاته الفلسفية وطقوسه المطلسمة. ولقد ظهر من صعاليك الزنادقة  أيضا من كان  يتستر بالزهد الكاذب ليحصل على الأموال كدية واستجداء . ولقد انتشرت هذه العادة أيضا عند بعض مدعي التصوف حيث صار التصوف عند بعضهم مصدر ارتزاق وسؤال الناس . والمتأمل في التصوف  يلاحظ أنه يحاكي الرهبانية عند أهل الكتاب  خصوصا النصارى. فالله تعالى في كتابه الكريم انتقد الرهبانية واعتبرها ابتداعا في قوله تعالى : ((  ثم قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى بن مريم وآتايناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها )) وبيان هذه الرهبانية المبتدعة والتي لم ترع  حق رعايتها ما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه ابن مسعود وفيه :  » يا ابن مسعود هل علمت أن بني إسرائيل افترقوا على ثنتين وسبعين فرقة ؟ لم ينج منها إلا ثلاث فرق ، قامت بين الملوك والجبابرة بعد عيسى بن مريم  عليه السلام فدعت إلى دين الله ودين عيسى بن مريم ، فقاتلت الجبابرة ، فقتلت فصبرت ونجت ، ثم قامت طائفة أخرى لم تكن لها قوة القتال ، فقامت بين الملوك والجبابرة فدعوا إلى دين الله ودين عيسى بن مريم فقتلت ، وقطعت بالمناشير وحرقت بالنيران فصبرت ، ونجت ، ثم قامت طائفة أخرى لم يكن لها قوة بالقتال ، ولم تطق القيام بالقسط ، فلحقت بالجبال فتعبدت وترهبت وهم الذين ذكر الله تعالى : (( ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم ))  » . فبموجب هذا الحديث الوارد في تفسير الآية القرآنية الكريمة  يتبين أن الرهبانية من ابتداع بني إسرائيل ، وليس مما شرع الله عز وجل . والرهبانية من فعل رهب بمعنى خاف ، والراهب هو الخائف المعتزل الناس في دير للعبادة. وإذا كان أهل العلم قالوا أنها الخوف من الله عز وجل ، فإن الذين  لحقوا بالجبال والشعاب إنما خافوا من مواجهة الجبابرة ، ولو كان خوفهم مقتصرا على الله عز وجل لماتوا في  سبيله كما مات الذين قاتلوا ، أو الذين واجهوا بألسنتهم  الجبابرة ونشروا وحرقوا. ولهذا تحتمل الرهبانية الخوف من الله عز وجل ، كما تحتمل الخوف  على الدين من الجبابرة والانزواء في الجبال والشعاب . المهم أنها رهبانية لم تفرض من طرف الله عز  وجل ، وإنما ابتدعت من طرف الرهبان . ويلتقي التصوف مع الرهبانية في طلب العزلة والاختلاء والانزواء، ومن ثم جاءت كلمة خلوة أو زاوية. وترتبط الرهبانية بالكهنوت عند النصارى حيث  يعتبر الرهبان كهانا . والكاهن يدعي معرفة الأسرار أو أحوال الغيب . وكلمة كهنوت مشتقة من  لفظة  » كهن  » بضم الكاف ، وكسر الهاء وتسكين النون ، وهي عبرانية تعني السر الكنسي المتعلق بتقديس جسد المسيح ودمه ، والتطهير من الخطايا من خلال تقديم القرابين وتلاوة نوع من القداس.   وكلمة كاهن تقابل كلمة شيخ . وعلى غرار رهبان النصارى الكهان يدعي شيوخ الصوفية المسلمون معرفة الأسرار المغيبة ، أو أحوال الغيب . ويقومون بنفس الدور الذي يقوم به الرهبان من التطهير من الخطايا عن طريق  السلوك بالمريدين الطرق الصوفية أو الروحية . ولا يستبعد أن تكون بداية التصوف فضلا عن دعوات الزهد ذات علاقة بتسرب التنصر أو تسريبه إلى الإسلام . وهذا ما يجعل معظم النصارى الذين يدخلون الإسلام ، إنما يفعلون ذلك عن طريق سلوك الطرق الصوفية التي لا تختلف في جوهرها عما كانوا عليه من رهبانية مبتدعة. والتصوف في الإسلام رهبانية مبتدعة لم يأمر بها الله تعالى ولم يكتبها ، وإنما ابتدعها المبتدعون ، ولم يرعوها حق رعايتهم هم كذلك . وكما وقع  أهل الكتاب من نصارى ويهود عن طريق تقديس الرهبان والأحبار في عبادتهم  لقوله تعالى : (( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح بن مريم )) كذلك وقع مريدو الطرق الصوفية في عبادة  شيوخ الطرق عن طريق الغلو في تقديسهم.  وليس من قبيل الصدفة أن تكون دلالة الحبر هي الرجل الصالح ، وهو قريب من دلالة الولي الصالح عند الصوفية  . والنصارى يطلقون الحبر الأعظم على البابا ، وهو خلف المسيح على الأرض . والصوفية  يعتبرون الولي الصالح  أيضا خلفا للنبي  محمد صلى الله عليه وسلم . وكما أن الأحبار والرهبان  يستغلون أتباعهم الذين يقدسونهم ، و يبتزون أموالهم   كما أشار إلى ذلك الله عز و جل في قوله : ((  يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله )) ، فإن  كثيرا من شيوخ الطرق الصوفية أيضا يأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله ، حيث تجبى إلى الزوايا الأموال الطائلة ، حتى أن بعض الزوايا ، أو بعض الطرق الصوفية تضاهي ميزانيتها  أو تفوق ميزانية دولة من الدول . ولما كانت مزاعم الطرق الصوفية في الغالب  تتركز حول قضية وراثة النبي  صلى الله عليه وسلم ، أو خلافته على الأمة ، فإنها تستغل مناسبة المولد النبوي الشريف  لتمرير مزاعمها  للعوام مستغلة حبهم وتعلقهم برسول الله صلى الله عليه وسلم . ونظرا لبساطة العوام ، فإنهم وبسبب المزاعم الصوفية  يسقطون أوصاف النبي الكريم على  شيوخ الطرق الذين يدعون هذه الأوصاف  كذبا وزورا . وهذا الإسقاط هو السبب في إضفاء القداسة على هؤلاء الشيوخ  ، وهو السبب في  اتخاذهم أربابا من دون الله تعالى . ويلجأ شيوخ الطرق الصوفية ، ومن يدعو بدعوتهم إلى الأساليب الملتوية لتكريس تقديس العوام لهم ، ويعتمدون تأويل نصوص القرآن الكريم ونصوص الحديث الشريف  لتناسب مزاعمهم ، من قبيل  وصف الذكر في قوله تعالى : (( ولذكر الله أكبر ))  بأنه الأوراد التي  يعطيها شيوخ الطرق للمريدين ،علما بأن الذكر المقصود في قوله تعالى هو القرآن الكريم  لقول الله تعالى : (( ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم )) أو قوله تعالى : (( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له  لحافظون )) فواضح أن القرآن هو الذكر في العديد من الآيات ، إلا أن التأويلات الصوفية تأبى إلا أن يكون  الذكر هو أوراد الشيوخ التي تشغل الناس عن القرآن الكريم .  ولما كانت أساليب الطرق الصوفية اللعب بالعواطف فإن  تأويلهم على سبيل المثال  لقوله تعالى : (( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله )) يجعل العوام من الناس يعتقدون بالطمأنينة في أوراد شيوخ الصوفية ، ويقتنون المسبحات كما تقتنى صكوك الغفران ، ويستأذنون شيوخ الطرق في الأوراد كما  يستأذن الأتباع الرهبان الكهان في تلاوة القداس. ويقام بين يدي شيوخ الطرق الصوفية قداس على غرار القداس الذي  يقام بين يدي الرهبان ، أو بين يدي الحبر الأعظم الذي يدعي النيابة عن المسيح ، كما يدعي الشيخ القطب أوالشيخ الكامل ، أو الولي الصالح النيابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . ومعلوم أن العوام يستهويهم الغيب لغرابته ، ويسهل تصديقهم لمن يدعي  معرفة أسرار هذا الغيب ، لهذا يسلسون القياد لشيوخ الطرق الصوفية ، تماما كما يسلس أهل الكتاب القياد للأحبار والرهبان. ولهذا لا بد من ندوات علمية يعقدها أهل العلم  للكشف عن  حقيقة الطرق الصوفية ، وتأثرها برهبانية أهل الكتاب المبتدعة. ولا بد من جرأة لمواجهة بعض الطرق الصوفية التي  تعتمد  كل الأساليب من أجل الدعاية لصالحها ،بما في ذلك استغلال كل  السلط الممكنة  حتى سلطة الإعلام الرسمي الذي يجب أن يلتزم الحياد ولا يكون أداة في يد طائفة  أو طريقة من الطرق الصوفية ، أو جماعة من الجماعات لأنه إعلام الأمة والشعب  .  ورادأ

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *