المرأة وسفينة المجتمع حذار من الفتنة
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله وصحبه أجمعين
المرأة وسفينة المجتمع: حذار من الفتنة
بقلم: عبد المجيد بنمسعود
تسلم سفينة المجتمع بانضباط كل عضو من أعضائها مع قوانين السلامة التي وجدت لحمايتها من الغوائل والأخطار، ويتضافر في نسيج هذه القوانين، ما هو نفسي متعلق بالوازع الداخلي لدى الأفراد، والذي هو رهين بما يحملونه من تصورات ، ويعتقدونه من معتقدات، وهو الأصل وقاعدة الارتكاز، وما هو خارجي يتعلق بالرادع السلطوي الذي يمارس عملية الرقابة، لإيقاف أي تحرك كبير أوصغير، من شأنه أن يتسبب في إحداث خلل ما، في مفاصل السفينة، مما قد يودي بها في لحظة حرجة من لحظات إبحارها، بسبب تفاقم الخروق التي تنفذ المياه منها إليها.
والمرأة، بلا جدال، إلى جانب الرجل، تحتل مركز الثقل في تقرير مصير سفينة المجتمع ورسم خريطة محطاتها، وأسلوب التعامل مع المواقف والتيارات التي تعتلج في خضمه، وهي بهذا الاعتبار، إما أن تكون لها عامل أمن وأمان، وإما أن تكون معول خرق وافتتان. ولا نذيع سرا إذا قلنا إن المجتمع المسلم الراهن، إذا راهن في ترميم ذاته واستعادة مجده الحضاري على تحرير المرأة بالمفهوم الإسلامي للتحرير، يكون قد أتى البيوت من أبوابها، وهذا ما عبر عنه بجلاء أحمد شوقي رحمه الله في قوله:والأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق.
وبمفهوم المخالفة يمكن أن نقول:
والأم مدرسة إذا أهملتها ضيعت شعبا طيب الأعراق.
والذي يجري في مجتمعنا للأسف الشديد، هي عملية تضييع سافرة للأمة، من خلال تضييع المرأة بنتا وزوجا وأما، وذلك بتدجينها وتغييب وعيها وفصلها عن مواريثها الأصيلة، وفك ارتباطها بمنظومة القيم المستمدة من كتاب الله عز وجل، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وصولا إلى شل قواها العقلية والأخلاقية، وتحويلها إلى مجرد سلاح للغواية والفتنة، كل ذلك بطرق منهجية بالغة المكر والدهاء، بالليل والنهار.
ولدفع تهمة الإفساد عن أنفسهم، فإن الذين يستهدفون كيان المرأة بالهدم والتخريب، يمارسون إفسادهم تحت لافتات الإصلاح والتحرير، والحداثة والتنوير، ظنا منهم أن ذلك كفيل بتمرير مخططاتهم في هدوء، تحت طائلة البهارج الخادعة. وما أكثر الضحايا الذين سقطوا صرعى فعلا لتلك المخططات، فكانوا وبالا على المجتمع، وألغاما منصوبة في ممراته وشعابه، وسموما ناقعة تشل أعصابه، وتنقصه من أطرافه.
وحتى توتي المخططات ثمارها المرة، فإنها تجمع بين الشق التصوري النظري المتمثل في تغيير الجهاز المفاهيمي المتحكم في منهج التفكير، وبين الشق التطبيقي الذي تجسده النماذج السلوكية المعروضة عبر قنوات الإعلام المتنوعة، سمعية ومرئية وشابكية.
فالشق الأول يهدف إلى إحلال مفهوم التنازع والصراع بين المرأة والرجل، محل مفهوم التطاوع والوئام، وإحلال مفهوم التمرد والعصيان محل مفهوم الطاعة والاحترام، وإحلال مفهوم الجحود والنكران، محل مفهوم الامتنان والعرفان، ومفهوم المساواة بمعنى التطابق والتماثل، محل مفهومها في إطار التمايز والتكامل، وقس على ذلك سائر المفاهيم.
أما الشق الثاني، فيهدف إلى إجراء عملية قصف رهيبة للعواطف و المشاعر، عن طريق الوسائل المذكورة آنفا، بتهييج الغرائز وأزها أزا، يقوي شحناته ما تحفل به البيئة الاجتماعية من مظاهر التحلل والميوعة والانحراف، وما توفره من وسائل الإغواء والإغراء، التي تجد تربتها الخصبة في انهدام الحواجز كليا بين الرجال والنساء، وإطلاق العنان لحركة التفلت من مقتضى الشرع، حتى لتصبح مع مرور الأيام معتادة مألوفة، ويصبح من يعاكسها ويثرب عليها في حكم الغريب المعاكس لتيار الحداثة وحركة التطوير، بل إنه ليوصم بخرق حقوق الإنسان، كما هي في عرف الغربيين، مما يراد للشعوب المسلمة أن تدين به بديلا عن ميثاق حقوق الإنسان كما جاء به الشرع الحكيم.
ومن المفارقات العجيبة أن تيار الحداثة الذي يسعى إلى الأخذ بزمام الأمور، واحتلال غرفة القيادة في سفينة المجتمع، ليقودها إلى المجهول، لم يعد يكتفي بتعزيز جانب التصورات بجانب التطبيقات، بالمفهوم الذي سبق إيراده، بل إنه تجاوز ذلك إلى خطوة أخرى » متقدمة »، هي خطوة التدريب التي تنقل الصور والتصورات، إلى ممارسة المهارات، وتلك ذروة المكر الذي يراد به إحداث نقلة واسعة نحو المجتمع الحداثي المنشود، كما يتخيله المنبتون عن الجذور.
وكنموذج لهذه الرؤية التي تسير في هذا الاتجاه الرهيب، يبرز البرنامج المسمى » مدام مسافرة » كصيغة من الصيغ الشيطانية التي تفتقت عنها مخابر الفكر الحداثي التي لا تفتر في جهودها ومساعيها في اتجاه سلخ المجتمع المغربي، ليس عن جلده، بل وعن جوهره ومعناه.
وتتمثل فكرة هذا البرنامج، وهي فكرة مستوردة طبقت في بلدان كثيرة، في إخراج عشر نسوة متزوجات من أوكارهن برضى بعولتهن، وتسفيرهن إلى مدينة مراكش، تاركين مهمة تسيير البيوت وتعهد الأطفال لهؤلاء البعول المساكين لمدة ثمانية أيام. إنها طبخة حداثية بامتياز، يراد بها إرساء سنة سيئة يحمل وزرها كل من يساهم في تفكيك الأسر وتقطيع أواصرها، والاعتداء على الميثاق الغليظ الذي يربطها، وزرع البلبلة والاضطراب في زواياها وأحشائها، وصولا إلى تمزيقها وجعلها أثرا بعد عين.
إن من بين أهداف هذا البرنامج الأساسية، إقبار قيمة الغيرة بين الأزواج، وجعلها تتلاشى مع دخان السفر، وإعداد الأطفال الأبرياء، الذين تنفتح نفوسهم الغضة البريئة على هذه التجربة المسمومة الملغومة، لمستقبل مظلم وممارسات شاذة. إنها عملية خرق سافرة لسفينة المجتمع، من خلال تحويل المرأة إلى معول خطير، وتحويل الفتيات الصغيرات اللائي يمارس عليهن هذا القهر، من خلال البرنامج الأخرق، إلى مشاريع نساء متمردات متفلتات. إنها عملية اغتيال سافرة للفطرة، ومضادة لقيم الشرع التي تجعل من مؤسسة الأسرة مؤسسة محاطة بالقدسية والبهاء والجلال، ذات حرمة مرعية وحمى محروس، وكيانا تستكن فيه الأسرار، وتحفظ من العابثين والمتلصصين.
إن فتنة عمياء تصدر من هذا البرنامج وما سار على منواله، وتصيب بشررها قلاع سفينة المجتمع وأشرعتها، وتنذر بشر مستطير، فلا بد لحماة سفينة المجتمع من استنقاذ المرأة بنتا وزوجة وأما من براثن من يبغونها عوجا، وعدم تركها عرضة لكل من يتخذها مطية للتخريب والفساد.
31 أكتوبر2011، موافق3 ذو الحجة1432
2 Comments
إني لاستغرب أشد الاستغراب الضجة التي أثارها البعض في صفوف الرجال على برنامج مادام سافرات ، أكل هذه الانانية و الأبوية تكنونها للمرأة لمجرد ان برنامجا ألفت الرجال عن تناسيهم للمجهودات و التضحيات التي تقوم بها المرأة في سبيل الاسرة فبدل التنويه بهذه الفكرة و تشجيع الرجال علي مساعدة زوجاتهم في الاعمال المنزلية و الأخد بالرسول كقدوة في هذا المجال تربطون أشياء بالحداثة والدين الذي يتبرأ عما تتحدثون به باسمه. شكرا.
tbarklah 3la si abdelmajid allah ya3tik lkhir ta7iyati fouad,saidia,canada