المدرسة في حاجة إلى تعاقد حقيقي
تمر المدرسة المغربية في الوقت
الراهن بوضع دقيق تجعل المغاربة جميعا
ملزمين بالإنخراط في نقاش هادئ، هادف
وصريح حول واقعها ورسم مستقبل لها
يليق بتطلعات المغاربة وبحجم الامال
المعقودة عليها …لقد أثبتت التجارب
الإصلاحية الفاشلة وتزايد حدة
الإضرابات في السنين الأخيرة
والمطالبات المتكررة من مختلف الفئات
المشتغلة بحقل التعليم بتسوية
مشاكلها المادية والإجتماعية ،ضرورة
إعادة مقاربة الوضعية الراهنة للمدرسة
وجعلها مسؤولية الجميع بالبحث عن
تعاقد إجتماعي بين كل المتدخلين في
الشأن التربوي وجعلهم ملزمين بتحمل
المسؤولية عن كل تهاون أو تقصير أو فشل
…إن الواقع الحالي لمدرسة الشعب هي
نتيجة بديهية لتخطيط واختيارات أشخاص
معدودين لم يكونوا على دراية كافية
بمعطيات الواقع ولم يراعوا مختلف
العقبات التي يمكن أن تعترض تطبيق
سياسة تربوية معينة .والأخطر من ذلك
أنهم لم يشركوا كل المهتمين والمتدخلين
حتى تكون المسؤوليات محددة وواضحة . إن
ثقافة الإشراك والتعاقد مبنيةعلى على
الرضى والقبول ،فالمدرس شريكا معناه
أنه راض عن وضعه ولن يشتكي من ضيق
الحال وكثرة المشاكل ،أي أن مشاكله
ستحل أثناء الشراكة ولن يحتاج إلى
الإضراب لتركيع الوزارة وإجبارها على
الرضوخ.الاباء شركاء يعني تحميلهم
قسطا من المسؤولية عن فشل أبنائهم
عوض ترديد العبارات الإحتقارية عن
المدرسة كما يعني أن هؤلاء مجبرين
على الإهتمام بالمدرسة واحتضانها
وحمايتها واعتبارها جزءا من المحيط
الإجتماعي وليس جسما غريبا تطرح حوله
استفهامات وتثار حوله الشكوك .
بعث الحياة في مدرسة الشعب من جديد
ليس معجزة ،إنه يحتاج أولا إلى القضاء
على الفكر الإنغلاقي والتحجر
التدبيري والإستفراد في اتخاذ القرار
.من الواجب الإعتراف أن الدولة سخية
مع المدرسة إذا ما اعتبرنا حجم
الإعتمادات المادية التي ترصد لها
لكن بالمقابل تزداد حالة هذه الأخيرة
سوء …الأموال تهدر إذن لكن أين
تذهب؟إن زيارة فصل دراسي في منطقة
قروية (وحتى في المدن)قد تجعل المرء
يدرك بعض مكامن هذا الخلل .الإكتظاظ
ظاهرة مشتركة بين أغلب مدارس المغرب
.الظاهرة لم تعد حصرا على المدارس
الإبتدائية بل غزت حتى المؤسسات
الثانوية .في إحدى الثانويات التابعة
لنيابة الدريوش مثلا تجاوز عدد
التلاميذ في الفصل الواحد 50تلميذا،في
بيئة غير تربوية وغير ملائمة مطلقا
لمزاولة فعل التعليم والتعلم مثل هذه
هل يمكن الحديث بعدها عن الجودة
والنجاح؟مشكل الإكتظاظ سببه إما نقص
في الموارد البشرية وإما عدم توفر
الحجرات الدراسية بالعدد الكافي
بمعنى أنه مشكل هيكلى مرتبط بسوء
التدبير والتخطيط .بالمقابل تضيع
الأموال »بلا حساب » لتنزيل بيداغوجيا
الإدماج وبأسلوب تعجيزي ودون
الإكتراث باراء وملاحظات المشتغلين
بالميدان . « العريان » في حاجة إلى لباس
لستر عورته لكن عوض إحضار لباس له
نحضر له خاتما؟؟؟من المؤكد أنه لو
صرفت الأموال المخصصة لهذه
البيداغوجيا وأجل تطبيقها مثلا لبضع
سنين لحلت الكثير من المشاكل
البنيوية السالفة…
يجب أن نعترف أن المستقبل لا يبتسم
لنا ،لأننا نخشى حتى النظر في وجهه
،وفي الوقت الذي يقطع الأخرون أشواطا
نظل نحن نراوح مكاننا نردد نفس الكلام
نتقن توجيه الإتهامات ونتنصل من تحمل
المسؤوليات…هم يتظاهرون أنهم يحسنون
التخطيط والتدبير ونحن نوهمهم أننا
ننفذ كل شيء .المدرسة في حاجة إلى رسم
خارطة طريق جديدة يلعب فيها الجميع
دورهم ويتحملون مسؤولياتهم …
21_10_2011
Aucun commentaire