تدبير أم تبذير الزمن المدرسي؟
وكأن الصراعات في مدارسنا مقدر لها
ألا تنتهي …ففي الوقت الذي كان من
المفروض فيه تعبئة كل القوى وتظافر
الجهود من أجل إخراج قطار الإصلاح
التربوي من النفق المسدود تتناسل مرة
بعد أخرى صراعات جديدة تضيف إلى الجسد
التربوي المترهل والموبوء جرعات أخرى
من السموم …الزمن المدرسي يعود إلى
الواجهة بكل قوة وحدة رغم مرور موسم
دراسي كامل على صدور المذكرة 122 التي
أثارت هذا الجدل كله ، والتي رغم كل
ردات الفعل العنيفة التي أثارته
صدورها السنة الماضية لم تفتح على
ضوئها نقاشات لبحث مختلف السبل
والرؤى لتفعيل أمثل لمضامين المذكرة
مع توفير مرونة كافية تأخذ بعين
الإعتبار مختلف الظروف والعوامل .
مثالية المذكرة 122 : نصت المذكرة بصراحة
على أن أي تصور لتدبير الزمن المدرسي
يجب أن يضع مصلحة المتعلم فوق كل
اعتبار . فهل المذكرة تخدم مصلحة
المتعلم؟ سؤال صعب والإجابة ليست
بتلك السهولة كما اعتقد مدبرو الشأن
التربوي .فالمبررات المساقة لتذريع
ضرورة إلغاء العمل بالتوقيت المستمر
تصطدم أمام صخرة الواقع المر والمعقد
.فالأبحاث التربوية والنفسية التي
لمحت إليها المذكرة قاربت الموضوع من
زاوية واحدة هي الجانب النفسي ،وإنه
لخطأ كبير إعتماد نتائج تلك الأبحاث
بحذافرها وتعميم تطبيق المذكرة دون
مراعاة للجانب السوسيولوجي والجغرافي
.تخيلوا طفلا في سن السابعة من عمره
يقطع 5 كيلومترات أو أكثر أربع مرات
في اليوم فهل من الممكن له المحافظة
على إيقاع تعلمي مكافئ لقرين له يبعد
بعشرات الأمتار فقط عن المدرسة؟
على عكس « النية الحسنة » التي ابتغتها
المذكرة فقد تسببت في تعميق الجراح
حيث كثرت تغيبات التلاميذ القاطنين
بعيدا عن المدرسة خصوصا خلال الحصص
المسائية . والأكيد أن الظاهرة تستفحل
أكثر كلما ازداد المدرسة بعدا عن مسكن
المتمدرسين …
إنه لمن الغباء الإعتقاد بإمكانية
فصل مصلحة التلميذ عن مصلحة
المدرس…فهذا الأخير لا يعمل دوما في
ظروف مثالية ويضطر أحيانا إلى قطع
مسافة كبيرة بين مقر سكناه والمدرسة
.إن « لجم » المدرس وإرغامه على قضاء
اليوم كاملا في الخلاء بعيدا عن أهله
، ربما دون أكل ولا ماء ولا مرحاض أيضا
ودون كرامة بالتأكيد لن يجعله ذلك
مستعدا لأداء مهمته حتى في شروطها
الدنيا ،فبالأحرى أن ننتظر منه إبداعا
وتجديدا …هذا دون الحديث عن مساهمة
تذمرهم من هذا الواقع في كثرة
تغيباتهم بطرق مشروعة أو غير مشروعة .
فأين هي مصلحة التلميذ من كل ذلك ؟
إن تعميم تطبيق المذكرة على الجميع
يستوجب وجود تشابه وليس تباين في
الظروف والمتغيرات الواقعية ،وكأن
الذين صاغوا المذكرة يعتقدون أن مدارس
المغرب كلها تشبه مدارس الرباط والدار
البيضاء …
مذكرة مثيرة للمشاكل: بدل انكباب
المسؤولين على إيجاد صيغة واضحة قابلة
للتطبيق وإصدار مذكرة وزارية ناسخة
لمضامين المذكرة 122 أو معدلة لها فقد
تركوا الأمور على حالها مما تسبب في
خلق فوضى حقيقية … وقدساهم في ذلك
« فضفضة « القراءة والتأويل وجعلها
مرتبطة بمزاج ورغبات النواب والمفتشين
والمديرين …فالبعض لا يرى في المذكرة
إلغاء للتوقيت المستمر المعتمد بمقتضى
المذكرة (12/08)الصادرة في عهد الوزير
السابق إسماعيل العلوي . بينما البعض
الاخر يرفض هذا التوقيت كليا ويرى
فيه صيغة غير قانونية ….
في نيابتي الناظور والدريوش مدارس في
المدارات الحضرية تشتغل بالتوقيت
المستمر دون ضغظ أو تشويش و يرفض في
المقابل في مجموعات مدرسية متواجدة
في مجال قروي مثل مجموعة مدارس
الشهداء المنتمية إلى نيابة الدريوش
…حيث تسبب في هذه الأخيرة في حدوث
شقاق ونزاع لم يجد طريقه إلى الحل لحد
الساعة …وقد ضاعف من حدة المشكل تنصل
السيد النائب الإقليمي من التدخل
للحسم في الموضوع وإصراره على جهل
الصراع محليا بين الأساتذة والمدير …
سيدي الوزير ، سادتي النواب ، لا
تؤجلوا مشاكل اليوم إلى الغد ، فهي
حتما تستفحل وتتضاعف …مفاتيح الحلول
في يدكم فلا تخفوها ، لتخلقوا مزيدا من
المشاكل للفاعلين بالميدان .فلا
تنتظروا نجاحا لبيداغوجيا الإدماج ما
دام الإصرار على دمج المزيد من
المشاكل في المنظومةالتربوية.
2 Comments
المعلم والاستاذ ما يخدم لا بالمذكرة 122 و بالمذكرة 2650 التسيب هوسيد الموقف في غياب الزجر وتطبيق القانون والضرب بقوة غلى ايدي المقصرين وبه وجب الاعلام
يا أخي إن من يصدر مثل هده المذكرات ليس له اية دراية بالواقع فالاساتذة كما التلاميذ يعانون الويلات في اقسام تشبه المعتقلات بظروف عمل اقل ما يمكن وصفها بانها غير انسانية و بدون اي تعويض و في غياب الامن حسبي الله و نعم الوكيل