شعب واحد و تاريخ مشترك
شعب واحد و تاريخ مشترك
اطلعت على مقال الأستاذ رمضان مصباح بجريدة هسبرس المتعلق بولايتي كل من وجدة المغربية و وهرن الجزائرية » الجارتان اللدودتان »، و تبين لي أن كل ما ذكره الأستاذ هو عين الحق، و أن ما أورده من معمومات و حقائق كلها ثابتة و يشهد على صحتها كل من لازالوا على قيد الحياة ممن لم تتعرض ذاكرتهم للخرف أو التلف سواء بالجزائر أو المغرب.
و ما سرني أكثر هو اقتراح الأستاذ لفكرة ترك الجغرافيا تتحكم في حياث الناس يتعود الأخوة و تسود المحبة ليتبادل سكان المنطقتين المصالح و المناففع فيما بينهم، كما كان الشأن في العهود السابقة حينما كانوا مندمجين و ممتزجين لا يعرفون حدودا و فرقا بين هذ و ذاك. و كيف لا و هم نسب واحد (أمازيغ و عرب) و دم واحد يسري في عروقهم، و دين واحد هو الإسلام. و لم يكن الفرق بين المغربي و الجزائري إلا كما هو الفرق بين أفراد القبائل المتعددة داخل وطن واحد. و للتوضيح أكثر: فأنت تقول هذا جزائري و هذا مغربي كأن تقول هذا زكراوي وهذا يزناسني أو هذا مراكشي و هذا تطواني أو هذا وهراني و هذا تلمساني.
و مايثير الإهتمام كذلك هو أن الأستاذ تناول الموضوع بأسلوب شيق و رصين، معتمدا على ما لديه من معلومات تزكي رأيه في حل مشكل الحدود المغلقة في وجه الأحبة، و لم يقصد التجريح أو إثارة الأحقاد و النعرات.
لكن، و مع الأسف الشديد إنبرى بعض المعلقين الذين لم يفهموا ما يرمي إليه الأستاذ من وراء مقاله إما عن جهل أو عن قصد فأبوا إلا أن يسبحوا ضد التيار، و أداروا ظهرهم للواقع و الجغرافيا و التاريخ و فضلوا التفرقة و التفكك واطمأنوا إلى القطيعة معتبرين أنها هي الحل الأصلح للشعبين، و هذا لعمري هو ما يعبر عن فساد الرأي، و كأني بهم لا يعرفون حديث المصطفى صلى الله عليه و سلم: »إذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ». فهؤلاء لم يردوا التحية و إنما هاجموا صاحب المقال و بأسلوب بعيد عن المنطق و اللياقة و لم يستعينوا حتى بالمثل الشعبي » العداوة ثابتة و الصواب يكون »، بل آثروا الفتنة على الحكمة معتقدين عن خطإ أن الشر لا يإتيهم إلا من المغرب، و هكذا يكون جزاء سنمار و إلا فلا.
و ما يحز في النفس هو ادعاء أحدهم ظلما أن المغرب يتآمر مع الصهاينة على الجزائر بلد الإسلام، هكذا بدون حجة أو دليل يتحامل على المغاربة و كأنهم شعب يدين المجوسية أو يعبد الأوثان، مع العلم أن المغرب هو الذي نشر الإسلام بمجموعة من دول إفريقيا جنوب الصحراء و وصل به إلى أوروپا. من هذا المنبر أسألك أيها الأخ في الله هل تعرف شيئا عن التاريخ المشترك ؟ هل بلغك أن المغاربة قدموا للثورة الجزائرية الشهداء و الدعم المادي و المعنوي و الملاذ الآمن ؟ و قد تعرض المغرب بسبب نصرته للقضية الجزائرية في في حربها ضد الإستعمار الفرنسي إلى شتى أنواع العقاب بما في ذلك شن هجوم جوي على مدينة وجدة المجاهدة، و قد وقع هذا القصف على حي كولوش لأنه كان يأوي قاعدة للمجاهدين الجزائريين. و لعلك لا تعرف أن قبور شهدائنا لنصرتكم موجودة ببلدكم، و أن آثار خيام المهاجرين الجزائريين إبان فترة الإستعمار لا تزال موجودة بالمدن الحدودية، و أعرف منها مخيم ظهر المحلة ،لازاري سابقا.
عجبا لهذا الزمن و أهله، في الوقت الذي تتكتل فيه أمم و تتحذ رغم اختلاف ثقافاتها و لغاتها و تقاليدها، يحاول بعضنا أن يفرق بين شعبين أو شعوب المغرب الكبير الأمازيغي العربي كله، مع أنه ليس فينا إلا ما يجمعنا نسبا و لغة و دينا و ثقافة و اقتصادا.
و لأختم الموضوع أطمئن هؤلاء الإخوان إلى أن منطق التاريخ و الجغرافيا لا بد أن ينتصر في النهاية لأن الحق يعلو و لا يعلى عليه، و لا شك أن غالبية المواطنين المغاربة و الجزائريين يؤيدون ما يراه الأستاذ رمضان مصباح و ما اقترحه من رأي سديد. ثم إننا لعلمك لا نستجدي الصداقة و لا نستدري عطف أحد، فنحن شئنا أم أبينا شعب واحد فرض الله علينا الجوار، لا نستطيع رفضه كما لا يستطيع النهر تغيير مجراه، فمن كان معنا فأهلا و سهلا به فهو بين ذويه و أهله، و من أراد الإنكماش و الإنعزال و التقوقع على نفسه فلا يسعنا أن نقول له إلا كما قال الشاعر:
لقد ذهب الحمار بأم عمرو /// فلا رجعت و لا رجع الحمار
1 Comment
شكرا للاستاذ محمد مصباح على المعلومات القيمة الواردة في مقاله حول العلاقات المشتركة بين الشعبين الشقيقين والتي تناولها باسلوب متزن ينم عن اخلاق رفيعة لامجال فيها للتعصب والتشنج كما هو الشان لدى بعض الاشقاء في الجزائر ,انها عين العقل ورصانة في التفكير و التحليل وقدوة في ادبيات الحوار والنقاش .
اما عن التاريخ المشترك فلا ينكره الا جاحد ,فسكان وجدة ذاكرتهم قوية تختزن صفحات مشرقة عن تعايش المغاربة والجزائريين في السراء والضراء ونضالهما من اجل الحرية والاستقلال ,واشاطرك الراي باننا لا نستجدي احدا للاعتراف بتضحيات الشعب المغربي في سبيل استقلال الجزائر ودعم المجاهدين وايوائهم في بلدهم الثاني بدون خلفيات كما هو الشان للامير عبد القادر الجزائري والشيخ بوعمامة الذي استقر بقبيلة الزكارة لفترة طويلة بدعم ومساندة القائد رمضان الزكراوي ذو المواقف البطولية والشجاعة النادرة باعتراف باحثين وكتاب اجانب في ما يعرف بالكتابات الكولونيالية .
.فهذا نموذج من حقائق تاريخية موثقة لايمكن نسيانها الامن طرف قاصري النظر والذاكرة ه