Home»National»مناضرات حول بئر زمزم

مناضرات حول بئر زمزم

0
Shares
PinterestGoogle+

كثيرا ما سمعنا عن « الإستثناء و الخصوصية » المغربية، لكن الأغرب في هذا البلد، أنه كلما مرة يدخل على خط الحراك إسم من أسماء التاريخ الإسلامي المعروفة، فهذا البخاري و روايته في قضية بن بركة، و ذاك المكي الناصري ..، أما الآن فقد خرج علينا الغزالي داعيا للإفطار العلني في ظل دولة تاريخية تستمد شرعيتها من الدين.

تاريخية هذه الأسماء و تاريخية الدولة، انضاف إليها « نقاش » و تجاذبات عرفتها الساحة المغربية مؤخرا، فانتقلنا بذلك من ثنائية الشيخ الفيزازي و السيد لكحل، إلى مناضرات حول البيعة، الفتنة و الجاهلية، ينشّطها الشيخ الزمزمي. و بات واضحا و فعلا أن العقل المسلم متأزَم و حبيس ماضيه، يرجع في تفكيره و محاولة فهمه للواقع الحال، إلى حقبة من الزمان هي الأخرى لم تُحسم بسبب التّزوير و التّعتيم الممارس على قراءة الموروث.

و دليل هذا الإرتباط المرضي، أي ارتباط عقولنا بالتاريخ، ما جاء في شكل و مضامين الرسائل و المحاورات، التي تقارع بها المشايخ من جهة و محاوريهم في جهة أخرى، فذكّرونا بذلك بموقعة صِفّين كما تذكّر إخواننا المصريون بدورهم واقعة الجمل في ميدان التحرير. لقد عبّر أحدهم في ردّه على غزالي المغرب بعنوانه « التّهافت » في انتظار أن يردّ ابن رشد المغرب بعنوانه « تهافت التّهافت ».

إننا نظنّ في حشد لغتنا بالتّعابير و تأليف الرّدود، أنّنا أمّة حضارة و لغة رصينة، بل يعتقد مشايخ آخرون أن كثرة الجدران و الزخرفة برهان و دليل على عظمة هذه الحضارة ! و بذلك غاب القصد و الوضوح. لم يعد من المُتناول فهم أمور حياتية يتواضع عليها العقل و العلم و كل العالم، فقالوا لنا أنها غيب لكي تتوسع بذلك دائرة الأمور المعلومة بالضرورة أو ما يسمى غيبيات، لكن لحسن حظنا أن الكرامة و المواطنة و العدالة لا تدخل في هذا المجال. مجال إختصّ به طويلا الفقه الذي أسّس لآلياته منذ زمن، و بذلك لا يسوغ ــــــــ كما يقول الفقهاء ـــــــــ الكلام في الدين حتى

يكون الشخص متخصّصا، بمعنى أنه يجب دراسة الفقه أربعين سنة لكي يستطيع الواحد منا النقاش ! و في هذا الصميم أنا أتعجب كيف أصبح بين عشية و ضحاها فقهاء الدين فقهاءً دستوريين، فاصطفوا يفتون و يدعون الناس للترحيب بالدستور ! و لذلك شهدنا كيف نافحت بعض الجهات بكل ما لها من قوة كي تُدخل هؤلاء « العلماء » في حلبة نقاش الدستور.

أعود و العود أحمد لأقول، إن هناك قيماً متواضع عليها عالميا في القانون الطبيعي و مبادئ العدالة الإجتماعية، كالحرية مثلا، و هي واحدة ليست بالمناسبة كمطالع الهلال ! لا يمكن مناقشتها و حسمها داخل حلبة الفقه الكلاسيكي، لأسباب واضحة نذكر منها أن العقل المسلم و الفقهاء الكلاسيكيون يفكرون بآليات القرن الرابع، فضلا على أننا في محاولة تأصيلنا بالنص المقدس نلجأ إلى ستة آلاف و خمس مائة و أربعة و ثلاثون آية (6534 مجموع آي الذكر الحكيم) إضافة إلى ألوف مؤلفة من الأحايث الصحاح و الضعاف، كل بحجته و دليله.

و المعروف أيضا أن الفقهاء لم يخرجوا بعد، كما خرج مؤخّرا الشيخ النهاري، لكي يطّلعوا على أمور تغيب عنهم في الدين و الدنيا، إذ الغالب من معظمهم لازال يكرّس منطق الفلسفات العقيمة التي خاض فيها الأوائل، و قطعوا رؤوس بعضهم البعض، لكي يبحثوا عن ماهية القرآن الكريم هل هو مخلوق أم غير مخلوق ؟ بل زاد الجبر و الإستبداد و تعذيب الأئمة الأربعة من انحصار الفقهاء فيما يسميه هذه المرة غزالي مصر رحمه الله « فقه المسالك البولية ».

لكن في المقابل، خروج المشايخ من السجون، بقدر ما هو رحمة من الله لهم، قد يدخلنا مرة أخرى في نقاش زواج بنت التّسع و مراجعات الجهادية و فتاوى تغور بنا في الفقه الزمزمي، لكي ننسى بذلك ما خرج من أجله الشباب.

د. سمير عزو

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *