حركة 20 فبراير بالمغرب …… و » الفوضى الخلاقة » !!!!
يعرف المغرب حراكا اجتماعيا و سياسيا لا مثيل له في تاريخه،و الذي يندرج في سياق الربيع العربي ،و ما جسده من تغييرات ثورية ،أطاحت « بجهابذة » الدكتاتورية العربية ،الذي عمروا طويلا،و نجحوا في تطويع شعوبهم،و معاكسة اختياراتهم.
أغلبية الدراسات الغربية،لم تتوقع هذه الانتفاضات،و اعتبرت البنيات الذهنية العربية ميالة إلى الركود،و رافضة للتغيير، لكن ما حدث ،أبان على أن الشباب العربي،كباقي شعوب العالم تواق إلى الأحسن ،و إلى غد جميل ،تخلق فيه الثروات و تتقاسم بشكل ديمقراطي،و يمكن من خلاله الإستفادة من مجانية التطبيب،و التعليم،و تكافؤ الفرص،بعيدا عن « باك صاحبي ».
شباب 20 فبراير ،ضخ دماء جديدة في المشهد السياسي المغربي ،و حرك المياه الراكدة،و أعطى آمالا ببناء مغرب جديد.إنه شباب هوامش المدن، الذي تمرد على ازدواجية و شيزوفرينية الممارسة السياسية الحزبية،شباب أراد أن يكسر الطابوهات المعشعشة في مخيلة القوى التي تخشى التغيير الإيجابي. ورفع شعارات تريد القضاء على الفساد،و نهب المال العام، و الفصل بين ممارسة السلطة و جمع المال. حركية 20 فبراير لم تذهب أدراج الرياح،لقد تم الإنصات إليها بتأني،و ترجم هذا الإنصات باستجابة أعلى سلطة في البلاد،من خلال الخطاب الملكي ل 09 مارس 2011 ،الذي أعطى المرتكزات الأساسية لتعديل دستوري و سياسي سيدخل المغرب في دينامية القرن الواحد و العشرين،و خلق آمالا كبيرة لأغلبية شرائح المجتمع.
و نظرا لتعدد هذه الشرائح،و اختلاف مستوى إدراكها و وعيها السياسي،فإن نسبة كبيرة منها، التقطت الإشارات،و رامت التموقع في مغرب ما بعد الدستور الجديد. فانطلاقا من البائع المتجول الذي احتل الطرقات من أجل بيع بضاعته،و هو يفكر – إبان عملية التفاوض معه مستقبلا -في الإستفادة من محل ما،و المشاغب الذي حرق المؤسسة البنكية يرى أن الفرصة مواتية « للاستفادة » بشكل مباشر !!!مرورا بالفلاح الصغير بمنطقة نائية الذي يرى أن الدولة ستعفيه من الديون التي على ذمته في بصندوق القرض ألفلاحي،و توفر له العلف بأسعار تفضيلية، إلى المثقف الذي يرى أن الدستور سيضمن له فضاءات الإبداع،و تكريس الديمقراطية التشاركية ،و المشاركة في صنع القرار .لقد ولد مشروع الدستور تململا لدى الشارع المغربي،و كل طرف يريد أن يجني ثمار هذا التغيير،كل حسب ثقافته و إدراكه.هكذا لاحظنا بروز حركات احتجاجية متعددة،و بتصورات و أهداف مختلفة.
فإمكانات البلد معروفة،و لا يمكن أن تحل الأزمة كاملة في سياق هذا الحراك. لكن لا يجب نسيان أن الدولة خلقت سنة بالطبع غير حميدة ، تتمثل في أنها لا تتعامل إيجابيا مع المطالب،إلا تحت يافطة الضغط.فبطالة حاملي الشهادات العليا معروفة،و هم في عدد متزايد،و الدولة لم تعبر عن تشغيل أكثر من 4000 منهم،إلا بعد بروز حركة 20 فبراير. و هذا ما يدفع الكل إلى استثمار اللحظة المناسبة.فالمغرب يعرف حركات احتجاجية متعددة ذات طابع اجتماعي غير واضحة. فهل يعيش المغرب » فوضى خلاقة »،على حد تعبير وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس ،في وصفها للعالم بعد انهيار جدار برلين؟ و هل هذه « الفوضى » مرحلة انتقالية ستؤسس لمغرب ما بعد الدستور الجديد ، و التي ستفرز- لا محالة – بنيات يتم من خلالها تدبير الصراع بشكل ديمقراطي و تشاركي ؟ و هل التفكير في التأسيس لمجلس للأمن القومي،هو فكرة لإستباق تداعيات هذه « الفوضى »؟ أسئلة متعددة،سيجيب عنها لا محالة مغرب الألفية الثالثة.
Aucun commentaire