Home»National»اقتراحات أولية لتدبير الشأن اللساني في المغرب معيارية اللغة الأمازيغية بين مبدأي الشخصية والترابية الجهوية

اقتراحات أولية لتدبير الشأن اللساني في المغرب معيارية اللغة الأمازيغية بين مبدأي الشخصية والترابية الجهوية

0
Shares
PinterestGoogle+

ان التخطيط اللساني في مجال الأمازيغية – في نظرنا – يجب أن يبدأ بتخطيط وضعية اللغة Le statut de la langue، فهذه العملية السوسيولسانية يجب أن تسبق عملية معيرة اللغة التي تتمثل في عملية تخطيط المتن اللغوي، فهي التي ستجيب بواسطة قوانين تشريعية واضحة عن تحديد الوظائف السوسيولسانية التي ستضطلع بها الأمازيغية، وهل سيتم إدماجها في النسيج التربوي كمادة اختيارية فحسب أم يجب تعميمها على كل المواطنين المغاربة أم يجب ترك الاختيار على المستوى الوطني… الخ. والأهم من هذا فتخطيط وضعية اللغة الأمازيغية سيبين اللغة التي يجب أن تتبناها لإدماجها في المؤسسات التربوية المغربية، هل سندرس كل منوعة لسانية في أماكن تواجدها الجغرافية؟ أم سنختار تشكيلة لغوية ذات مرجعية تاريخية وثقافية، أم سنشكل أمازيغية موحدة لإدماجها في المدرسة المغربية، هذه هي الأسئلة الأساسية – في نظرنا – والتي سنحاول فيما يلي أن ندلو فيها برأينا.
إن السياسات اللسانية التي جربت في مجموعة من الدول التي تبنت التعدد اللغوي يمكن أن تلخص في مبدأين: مبدأ الشخصية Le principe de personnalité  ومبدأ الترابية Le principe de territorialité.
إن مبدأ الشخصية هو الذي يضمن للفرد خدمات مؤسساتية في لغته بغض النظر عن المكان أو الجهة التي يتواجد بها فاختيار اللغة يدخل ضمن الحقوق الشخصية للفرد وقد طبق هذا المبدأ في جمهورية إفريقيا الجنوبية وبعض الجهات في أوروبا الوسطى وبمنطقة الكيبيك بكندا.
ومبدأ الترابية في بعدها الوطني هو المبدأ المطبق في غالبية دول العالم لتدبير التعدد اللغوي، وانطلاقا منه فإن استفادة الفرد من خدمات مؤسساتية في لغته تتوقف في حدود جغرافية محددة. والتطبيق الحرفي لهذا المبدأ يحرم مجموعة من الأقليات من تلقي خدماتها في لغتها.
إلا أن بعض الدول حاولت أن تكيف وضعها اللغوي حسب هذا المبدأ وعرفت استقرارا لغويا مثيرا للانتباه. فسويسرا مثلا تحتوي على 17 ونصف جهة Canton لا تستعمل فيها اللغة الألمانية وثلاث جهات تستعمل فيها اللغة الفرنسية وجهة واحدة تستعمل فيها الإيطالية، والجهات الأربعة المتبقية تستعمل فيها أكثر من لغة قسمت حسب مبدأ الشخصية، وهذا لا يعني بطبيعة الحال بأن جميع السكان لهم لغة أم موازية كلغة الجهة، بل إن تطبيق مبدأ الترابية يعني رضوخ الأقليات اللسانية للغة الجهة.
هذه بعض الأشكال والصيغ التنظيمية للدول التي تتبنى بشكل رسمي مبدأ الازدواجية والتعدد اللساني لتدبير المسألة اللغوية. فما هو المبدأ الذي يمكن تطبيقه في بلدنا لإدماج الأمازيغية في النسيج التربوي؟
–    إمكانية تطبيق مبدأ الترابية الجهوية على الأمازيغية:
إن المبدأ الذي يتلائم مع توجهاتنا في تبني الأمازيغيات الثلاث في المغرب هو مبدأ الترابية، فبغض النظر عن احترامه للواقع اللغوي الذي تسود فيه العربية الفصحى وبعض اللغات الأجنبية، فإنه سيضمن حقوق اللغات المحلية الأخرى المتواجدة في المغرب من دارجة وحسانية.
وتجدر الإشارة إلى أن إنجاح هذا المبدأ يقتضي مجموعة من الشروط أهمها التوجه إلى الاستقلال الذاتي للجهات. وتقطيع إداري يأخذ بعين الاعتبار المسألة اللسانية في كل المناطق المغربية، وهذا التنظيم يقتضي بدوره إعداد أطلس لساني مدقق يتضمن التوزيع الجغرافي والسكاني والوظيفي لجميع المنوعات المستعملة في المغرب.
فيما يخص الأمازيغية فإن هذا الأطلس يجب أن يتضمن المناطق الثلاث ذات التواجد الجغرافي للأمازيغيات. واحتكاما إلى مبدأ الترابية، سنحاول أن ندرس كل منوعة في الجهة التي تسود فيها، فتاريفيت يجب أن تدمج بشمال المغرب أي في الريف ما بين الناظور والحسيمة إلى حدود تازة. ومن القبائل المهمة التي تتحدث بهذه اللغة نذكر ابقوين أيت ورياغل تمسمان اقرعين اكزناين ايت يزناسن…الخ كما تسود بالمدن التالية الناظور والحسيمة ومليلية.
أما تامازيغيت فيجب أن تدمج في الوسط أي في أغلب مناطق الأطلس المتوسط والأطلس الكبير وفي بعض المناطق الشبه الصحراوية في الجنوب. وأهم المناطق الناطقة بهذه اللغة نذكر ايت وراين وايت سغروشن وزمور وكروان وايت مكليد وزيان وايت عطا… كما يهيمن بمجموعة من المناطق الحضرية كآزرو وصفرو وخنيفرة والخميسات وبولمان والرشيدية وكلميمة.
وأخيرا تاشلحيت التي ستدمج في جنوب المغرب أي في المناطق الموجودة في الأطلس الكبير الغربي والأطلس الصغير وسهل سوس. وأهم المجموعات اللسانية التي تتحدث بتاشلحيت نشير إلى إصاحان وإدار اوتانان وشتوكي وايت بعمران بغرب المنطقة المذكورة، وايدمسرن واشتوكي في الوسط، وايت اوركيت واندوزال بالجنوب، وأهم المدن التي تنتشر فيها هذه التشكيلة اللسانية الأمازيغية، أكادير وتيزنيت وتارودانت وانزكان وورزازات والصويرة.
ولابد من الانتباه أثناء عملية التخطيط اللغوي المبني مع مبدأ الترابية إلى مناطق التلاسن اللساني Contact des langues  ، سواء منها المناطق الحدودية اللغوية الأمازيغية/الأمازيغية والعربية/الأمازيغية أو في المدن التي عرفت هجرة مكثفة لمجموعات لغوية/أمازيغية كتطوان وطنجة فيما يخص تاريفيت أو مكناس بالنسبة لتامازيغت أو الدار البيضاء ومراكش والرباط لتشلحيت. هذه المناطق يمكن أن تستنير فيها بتجارب بعض الدول ككندا وفنلندا اللتين رغم تصنيفهما لمبدأ الترابية فإنهما يلجآن إلى مبدأ الشخصية المبني على اختيار اللغة من طرف الفرد، وذلك لخلق بعض المناطق المزدوجة اللغة وتطبيق هذا المبدأ في الدولتين المذكورتين مبني على معيار عددي يتم استخراجه من الإحصائيات العامة للسكان التي تجرى كل عشر سنوات فعندما تصل الأقلية اللسانية ذات لغة أم معينة إلى 10% يتم خلق منطقة مزدوجة يتم فيها تطبيق مبدأ الشخصية، وفيما يخص المناطق المغربية المذكورة يمكن أن نقترح نسبة معينة بالنسبة لناطقين باللغة الأمازيغية وفي المناطق والمدن المذكورة لنطبق فيها مبدأ الشخصية.
هذه مجرد اقتراحات أولية لتدبير الشأن اللساني في المغرب، وأما التطبيق الفعلي لسياسة لغوية مبنية على احترام كافة مكونات التعدد اللساني للوطن فإنه لا يمكن أن تتم دون نقاش هادئ لهذه الإشكالية من طرف كافة الفاعلين اللسانيين والاجتماعيين والسياسيين.
وقبل القيام بإعداد أطلس لساني دقيق للمغرب وإعادة النظر في التقسيمات الجهوية التي يجب أن نأخذ المكون بعين الاعتبار، كما لا يمكن تطبيق هذه السياسة دون نقاش هادئ وجاد مجرد من التعصب والعاطفة من كافة الفاعلين اللسانيين والسياسيين والاجتماعيين في المغرب.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *