معبر زوج بغال المغلق: هل سيزول أم سيتم استنساخه شرقا؟
مع سقوط نظام بن علي في تونس واتساع رقعة الثورة في ليبيا وانخراط المغرب في إعادة بناء نظرته الدستورية، فضلا عن الحراك الاجتماعي والسياسي في الجزائر، وجد النظام الجزائري نفسه في سباق ضد الساعة.
وتيرة الحراك تزداد حدة واتساعا، مسيرات واعتصامات وإضرابات ذات صبغة اجتماعية، وحراك سياسي يقاطع جلسات المشاورات حول الإصلاحات، بحجة أن الطرف الذي يقف وراء هذه الإصلاحات هو من كان دائما ضد إرادة الشعب، حيث أعلن الأفافاس، صراحة، مقاطعته لجلسات المشاورات حول الإصلاحات التي أوكلت مهام إدارتها إلى رئيس مجلس الأمة عبدالقادر بن صالح، لكونها، حسب كريم طابو، تعكس لوحدها غياب إرادة لدى السلطة للتغيير، أما موسى تواتي لا يرى هو الآخر جدوى مما وصفه »الحوار وراء الجدران المغلقة »، وهو نفس ما ذهب إليه رئيس عهد 54 فوزي رباعين الذي وصف إصلاحات السلطة بأنها »على مقاس نظام الحكم ». موقف يلتقي مع آراء مندوبي حركة العروش، الذين قالوا بأنه »لا أمل يرجى من إصلاحات يشرف عليها أشخاص يعملون كل شيء للبقاء في السلطة ».
النظام الذي لم يرحب باختيار الشعب التونسي، ووقف ضد ثوار ليبيا، أصبح في نظر الشعبين التونسي والليبي خصما لا يؤتمن جانبه. وإذا كان القدافي يعيش « حالة فرار مقَنّع » فإن النظام الجزائري يعيش « حالة هلع » يحاول إخفاءها، بتدابير، هي أقرب إلى الانفعالات تجلت على أكثر من صعيد؛ ولعل التصريحات التي تظهر هنا وهناك حول الضغوط الأمريكية و الفرنسية من أجل فتح معبر زوج بغال، يفسرها دجالو النظام على أن الهدف من هذه الضغوطات هوتخفيف الضغط الاجتماعي على النظام المغربي. وهذه التصريحات تحاول تقديم النظام الجزائري في صورة القوي؛ والحقيقة أنه هو من يبحث عن مخرج من عنق الزجاجة التي لا تفتأ تضيق من فرط انتفاخه. في هذا الخضم هرع يعزز من وجوده العسكري والبوليسي، يد تناور في الجزائر وأخرى في محيطها؛ فقد زار الفريق أحمد فايد صالح، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي جمهورية مالي، بهدف تفعيل التعاون والتنسيق والتشاور لمجابهة التحديات المشتركة في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
تندرج هذه الزيارة لقائد أركان الجيش الوطني الشعبي إلى مالي، مثلما جاء في بيان لوزارة الدفاع »في إطار التشاور والتنسيق المستمر بين بلدان منطقة الساحل، الأعضاء في لجنة الأركان العملياتية المشتركة التي تضم الجزائر، مالي، موريتانيا والنيجر، فيما يخص مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. وحول التفجير الإرهابي بمراكش، قال وزير الداخلية دحو ولد قابلية: » هذه الإعتداءات الإرهابية بينت أنه لا توجد ولا دولة في منآى عن مثل تلك الجرائم، وعلى دول المنطقة أن تفكر في كيفية التنسيق الأمني والتعاون العسكري لمضاعفة جهود محاربة الإرهاب ». وهي دعوة للمغرب إلى الانخراط في معركة من المعارك المصطنعة على حساب المعركة الحقيقية التي انخرط فيها من أجل بناء دولة الحق والقانون. فكل ما فكر فيه السيد دحو هو التنسيق الأمني، مع أن نظامه البوليسي لم ينقذ الجزائر من « الإرهاب »، وكل المؤشرات تؤكد أن نظامه الذي أوقف « حياة الجزائريين » بحجة محاربة الإرهاب، فشل في بناء دولة آمنة. كما اكتشف النظام أن منظومته الإعلامية متخلفة، وأن الرأي العام الجزائري تحت تأثير قنوات عربية وفرنسية، وهو يعتقد أنه سيخلق منبرا إعلاميا في حجم الجزيرة أو ميدي تيفي، ومن اكتشافاته أنه قرر مراجعة شروط الاتفاق الجمركي مع الاتحاد الأوروبي، وهو مسعى لا يمكن تفسيره إلا بتهديد الاتحاد الأويوبي أو مساومته على غض الطرف عن سياسة القمع في الجزائر.
إن كثيرا من المحللين يرون أن الأنشطة الإرهابية لا يمكنها أن تكون إلا بتنسيق من فاعلين داخل أجهزة الدولة، خصوصا إذا كانت هذه الدولة يحكمها نظام قمعي، فليس من المنطق أن ينشط الإرهابيون بسهولة في ظل نظام يراقب كل شاردة وواردة إذا لم يكن هناك نافذون من داخل النطام يسهلون مامورية الإرهابيين لأهداف باتت معروفة. أما إذا كان هذا النظام فعلا، بريئا مما ينسب له، ولا علاقة له بالإرهابيين، وأنه صادق في حربه على الإرهاب، فهذا يعني أنه نظام فاشل، وما عليه إلا أن يعترف بفشله ويبحث عن سبل أكثر عقلانية وديمقراطية لبناء المستقبل، وفي حالة عدم اعترافه بفشله فهذا يؤكد أن الإرهاب من صنعه، بل هو جزء من كينونته.
النظام الجزائري يبذل كل ما في وسعه لقمع أي حراك ديمقراطي داخل الجزائر، ويتمادى في التقوقع داخل زمنه العاطل، بينما محيطه المغاربي يتحرك في اتجاه المستقبل.
إن النظام الذي أوقف التاريخ عند معبر زوج بغال طيلة نصف قرن، يردد، عبرأكثر من وزير، كلاما يصلح لكل زمان مكان: « إن فتح الحدود سيكون عاجلا أوآجلا »؛ وإن كان ترديد هذه العبارة يدل على عدم الجدية، فهو يترجم ضلال النظام وخطورة المأزق الذي يعيشه.
يتضح أن العلاقة المغربية الجزائرية لن تاخذ مجراها الخلاق، وأن معبر زوج بغال لن ينفتح، إلا بزوال هذا النظام وزوال أشباهه في المغرب الكبير؛ لكن ماذا لو بقي هذا النظام؟ من المؤكد، أن قبوله بفتح الحدود سيكون لإنقاذ نفسه، وليس من أجل مصلحة الشعب، وإذا تبين له أن رياح المغرب الديمقراطي ستسير عكس بارجته، فسيكتشف ذريعة لتمديد الأزمة، بل سيسارع إلى إغلاق كل المعابر على حدوده مع تونس وليبيا، وسيعزل الجزائر بسياج من البغال.
إذا اشتد عود الديمقراطية في تونس، وسقط القذافي وعصابته، وتصدّرت الزمن المغربي وجوه جديدة تؤمن فعلا بالبناء الديمقراطي؛ سيفعلها النظام الجزائري بالتأكيد، سيغضب ويغلق كل حدوده، سيشعر بحزن عميق جدا كطفل مدلل. فهذا النظام لم يحدث أن اعتذر، أو قال مثلا، لقد أخطأت في حق شعبي، أو في حق جيراني، هذه لغة لا يعرفها ولا يقوى على النطق بها. فضحايا الترحيل التعسفي الذين شردهم النظام سنة 1975، عندما تحركوا لحمله على الاعتراف بخطئه في حقهم، لم يجب وأصيب بالخرس، وعلى عجل، قدم ملفا على أعلى المستويات إلى الحكومة المغربية يطالبها فيها بتعويض الجزائريين المتضررين. هذا هو سلوكه الصبياني، يغضب بسرعة بشكل هستيري، ويفقد عقله ويكسر كل شيء.
فكيف سيتصرف إذا سار الزمن المغاربي ضد أهوائه؟ لاتتعبوا أنفسكم في البحث عن جواب، انظروا إلى عصابة القذافي، هذا يكفيكم.
————————-
** باحث جزائري
1 Comment
M OMAR HJIRA N A PAS ETUDIER AU MAROC ET NE SAVE MEME PAS HISTOIRE MAGHREB CHARQUI