الحلم والذاكرة والغياب في الرواية المغربية
حول روايات: زبيدة هرماس، سعيد بن سعيد العلوي، عبد الإله بلقزيز، عبد العزيز كوكاس:
الحلم والذاكرة والغياب
في الرواية المغربية
· أسماء نافع
في إطار أنشطته الثقافية المتواصلة نظم « مختبر السرديات » بتنسيق مع ماستر الدراسات الأدبية والثقافية بالمغرب لقاءً ثقافيا ،دارت فصوله حول موضوع: « تخييل التاريخ في الخطاب السردي الروائي المغربي »، يوم الجمعة 13 ماي 2011، في الساعة الثالثة زوالا، بقاعة المحاضرات بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بنمسيك بالدار البيضاء؛ و قد أدارت الباحثة مستحية القاسمي أشغال الندوة التي عرفت مشاركة أربع باحثات حاولن إلقاء الضوء على أدب يرتبط بالتاريخ، يغوص بنا بعيدا في الذاكرة و الغياب.
الورقة الأولى في هذا اللقاء قدمتها الباحثة نادية شفيق، حول رواية « حب على رصيف القرويين » للكاتبة زبيدة هرماس، عنونتها ب(تاريخية البطل وإشكالية البطل التاريخي )، إذ ترى الباحثة أننا إزاء مغامرة فنية جديدة هاجسها الانتقال من الرواية بوصفها سردا لما حدث، إلى الرواية بوصفها بحثا في ما حدث وتأويلا له، عبر تقنيات تستثمر إمكانات الرواية التقليدية وتتحرر منها في آن واحد. فقد أفصحت الروائية زبيدة هرماس عن رؤيتها التي تتشابك فيها التجارب وتتجاذب فيها الأحداث، متخذة من التاريخ مادتها الأساسية لصوغ خيوط عملها الفني ، فهي لم تنقل التاريخ بقدر ما ساوقته مع شخوصها مُعرجة عبر الذاكرة والتداعيات مستحضرة مناخات تلك المرحلة المشكلة لبنية روايتها وشبكة علاقاتها بقصد رصد وفهم التبدل المتسارع، محاولة اقتحام عوالم مغايرة على مستوى الفكرة والحدث وآليات السرد، فتوسلت عبر كل ذلك تصوير الأمكنة كمسجد القرويين، وبناء المشاهد و تركيب الحوارات، ساعية خلف الرغبة في الإمساك بزمام دلالة الألفاظ، في قالب محبوك وهو ما طال الرواية،حيث تعمقت في الأمزجة وصاغت ردود أفعال شخصياتها و نزلت إلى تمفصلات المجتمع المغربي لتخلق نصا إبداعيا ثمرته وحدة التجربة الإنسانية.
و قد اختارت الباحثة كريمة رضواني، « شمس الذكرى لا تغيب » عنوانا لمداخلتها التي تمحورت حول رواية « مسك الليل » لسعيد بن سعيد العلوي، معتبرة رواية مسك الليل مخزونا لذاكرة الكاتب الذي عاش على أمل توليدها في قالب روائي، مخزون مفعم بحمولات سياسية تاريخية، يحملها الكاتب في مخيلته ليصور انطلاقا منها واقعه التاريخي، واقع عاشه مجتمعه في فترة معينة ، كما رسم فيها جغرافية و علائق بلده الذي شكل قيمة و أصبح ذو وزن عند غيره من الفرنسيين الذين استفادوا من خيراته و طبيعته و رجالاته، كل ذلك انطلاقا من تطرقه لمجموعة نقط أبرز من خلالها الوضع السائد آنذاك .
و ترى الباحثة أن الكاتب لم يعين بطلا لروايته، فكل شخوص الرواية أبطال رجالا ونساء و أطفالا ؛وما هذا في نظرها إلا دليل على الدور البطولي الذي لعبه معظم المغاربة في مرحلة الاستعمار.
تلت ،بعد ذلك، الباحثة حسنى كرون مداخلتها تحت عنوان: »نفحات الذاكرة في رائحة المكان »لعبد الإله بلقزيز ، وهي ترى أن الرواية سيرة أدبية تعريفية لأهم الأجناس الكلامية ولأهم المفاهيم البلاغية مثل البيان النظم والسجع والنثر والشعر والكتابة والقراءة وأيضا للمفاهيم الفلسفية مثل الوجود الحياة و الحرية …. فرائحة المكان هي فعل للتذكر، و استرجاع لزمن ولى من ومضات حياة مليئة بالأحداث وصلتنا عبر الكلام الجميل الذي يرصع اللغة ويهتم بجماليتها وأسلوبها مما يتعذر معه التمييز في الرواية بين النثر و النظم.
الورقة النقدية الأخيرة حول رواية: « ذاكرة الغياب » لعبد العزيز كوكاس، قدمتها الباحثة سميرة مترجي، بعنوان: »ذاكرة الغياب:سمفونية الذات و العشق و الرحيل « ،معتبرة الرواية تجربة إبداعية تثير الجدل والتساؤل حول البوح و العشق و الرحيل.
و قد خرجت ذاكرة الغياب ، حسب الباحثة، من أسرار السائد والكائن واتجهت إلى آفاق مغايرة لتعلن العصيان والتمرد على القيم؛ فالرواية تمتلك قدرا هائلا من الوهج والمشاغبة،و الحركة و الحزن والجمال، و العذاب و الغياب.
و في ختام هذا اللقاء افتتح باب نقاش عميق حول التخييل، كآلية من آليات التعبير والتحويل في الرواية المغربية ؛ كما تم التذكير أن مختبر السرديات هذه السنة قد قارب أزيد من عشرين رواية مغربية متنوعة الأساليب، ويكون هذا اللقاء خاتمة الأنشطة لهذا الموسم حول السرد المغربي .
Aucun commentaire