رحم الله الشيخ الكواكبي إذ قال المستبد يود أن تكون رعيته كلابا تتذلل وتتملق
ليس من قبيل الصدف أن يكون مؤلف كتاب طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد الشيخ عبد الرحمان الكواكبي رجلا سوريا من مدينة حلب المعروفة بأنفة سكانها وعزتهم كبريائهم وتعاليهم على الاستبداد. ولم يكتب الشيخ الكواكبي عن الاستبداد من فراغ بل انطلق من وطنه وما كان فيه من استبداد ، وما ترسخ فيه من عادة تملق الرعية الخائفة للراعي المستبد . ولقد عاينت اليوم ما كتب عنه الشيخ الكواكبي منذ سنين ذلك أنه أثناء إلقاء الرئيس السوري خطابه على إثر الثورة الشعبية المناهضة للفساد ظهر من سماهم الشيخ الكواكب المتمجدين الذين يتملقون الحاكم خوفا منه. ولقد كانت تدخلات المتمجدين تتخلل خطاب الرئيس حتى قال أكثرهم تملقا : » أنت يا فخامة الرئيس تستحق قيادة العالم وليس قيادة سوريا فحسب » هذا نموذج التملق الشامي الذي تكرس لعهود طويلة بسبب الاستبداد والظلم والطغيان و بسبب فرق الموت المخابراتية المبثوثة في كل أسرة وفي كل مكان والتي تطرق الأبواب ليلا وتغيب من تشاء متى ما شاءت ليلقن دروس التمجيد في المعتقلات الرهيبة ، ويتعود لسانه : » نعم سيدي » .
ولقد كانت تدخلات المتمجدين تتخلل خطاب الرئيس حتى قال أكثرهم تملقا : » أنت يا فخامة الرئيس تستحق قيادة العالم وليس قيادة سوريا فحسب » هذا نموذج التملق الشامي الذي تكرس لعهود طويلة بسبب الاستبداد والظلم والطغيان
فالرئيس السوري إنما وصل إلى السلطة عن طريق التوريث ، وهو أعجز من أن يسوس بلده بله يسوس العالم على حد قول أحد المتملقين .ولقد بدا منظر مجلس الشعب وهو مجرد مجلس حزب البعث الذي لا شريك له مثيرا للضحك وأعضاؤه يتنافسون على درجة ورتبة أكبر تملق ذكورا وإناثا ، ويقفون للهتاف بحياة الزعيم ، وبفدائه بالروح والدم ن ، وهو يزهو بينهم كالديك المنتفش ، وخارج البرلمان صفت المخابرات الرعية المغلوبة على أمرها الحاملة لصور الزعيم كرها والهاتفة بحياته وعين بعضها على بعض ، وعين المخابرات على الجميع ، والويل لمن لم يهتف كما يجب وكما ينبغي . ولقد كنا نود لو أن كاميرات النظام السوري نقلت لنا أجواء الشعب المنتفض كما نقلت أجواء الشعب المتملق ، أو نقلت لنا ما كان يحدث في بيوت الذين سقطوا ضحايا برصاص النظام ، أو نقلت لنا الذين اعتقلوا ونزلوا في زنزانات من غادرها من قدامى الضحايا الذين سخر إطلاق سراحهم للاستهلاك الإعلامي وذر الرماد في العيون . ورحم الله الشيخ الكواكبي الذي أخبرنا عن ظاهرة تملق الشعب الخائف من الحاكم المستبد في المجتمع الشامي والتي لا مسوغ لقبولها بعد القرن الواحد والعشرين ، وبعد ما عرفته الساحة العربية من ثورات شعبية تواجه رصاص الأنظمة المستبدة بصدور عارية مما يعني أنه لا رجعة ولا تراجع إلى عهد التمجيد الكاذب لمن لا مجد له وإنما صنع منه استبداده بطلا ورقيا قد تحرقه نار الثورة الشعبية كما أحرقت أبطال الكرطون الذين رحلوا وهم يجرون ذيول الذلة والهوان بعدما فضح الله عز وجل فسادهم وجعلهم عبرة لمن يعتبر . فمتى ستنتصر الأنفة الحلبية والشامية على الخوف من الاستبداد وتسجل مصارع الاستعباد ؟؟؟
Aucun commentaire