صحف الرباط تشيد بقرار الخارجية الغاء زيارة اويحيي وتواصل هجومها علي الجزائر
2005/06/19
توقعات بمزيد من التدهور رغم رزانة الرد الجزائري
الرباط ـ القدس العربي من محمود معروف
:
تتلمس اوساط تسعي لتطويق التوتر الجديد في العلاقات المغربية ـ الجزائرية امكانية تخفيف التوتر والحملات الاعلامية المتبادلة بين البلدين بعد القرار المغربي بإلغاء زيارة كان مقررا ان يقوم بها غدا الثلاثاء احمد اويحيي رئيس الحكومة الجزائرية للرباط واعتبار الزيارة غير مؤاتية في الظرف الحالي
.
وقالت مصادر دبلوماسية بالرباط لـ القدس العربي ان ما يظهر من توتر في العلاقات بين الرباط والجزائر ولغة البلاغ الذي اصدرته وزارة الخارجية المغربية يجب ان لا يحولا دون بذل مساع لتطويق هذا التوتر وفتح الافاق للتهدئة واعادة الحوار بينهما
.
واستبعدت المصادر تحقيق هذا الانفراج قريبا، اذ لا زالت الجزائر الرسمية لم تصدر رد فعلها علي الغاء زيارة اويحيي والبلاغ المغربي الذي تعمد توجيه صفعة للجزائر، الا ان هذه الاوساط تسعي لعدم التصعيد وعدم ترك مصير العلاقات في مهب رياح الصحف التي وجدت في التوتر فرصة للمزايدة ودفع العلاقات نحو المزيد من التأزم
.
وقالت اوساط سياسية مغربية ان الطريقة التي اعلن فيها الغاء زيارة اويحيي وصيغة بلاغ وزارة الخارجية بالاضافة الي مظاهرات مغربية تنظم امام السفارات الجزائرية في عدد من العواصم الاوروبية تهدف الي دفع الجزائر والاطراف الاقليمية المعنية المهتمة بالمنطقة، لاعادة النظر بالهجمة الجزائرية علي المغرب والاذي الذي سببته خلال الاسابيع الماضية، ان كان في تصاعد لهجة الدعم السياسي الجزائري لجبهة البوليزاريو او في التحركات التي قام بها ناشطون صحراويون مؤيدون للجبهة من مظاهرات في عدد من المدن المغربية والذين رددوا شعارات مؤيدة للانفصال ورفع اعلام جبهة البوليزاريو وذهبوا الي حد حرق العلم المغربي
.
وعرفت العلاقات المغربية ـ الجزائرية توترا اثر برقية تهنئة بعثها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة نهاية شهر ايار/مايو لزعيم جبهة البوليزاريو محمد عبد العزيز بمناسبة ذكري تاسيس الجبهة، اعتبرها المغرب مخالفة لما يقول انه اتفق عليه بين العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس الجزائري في لقائهما بالجزائر علي هامش القمة العربية نهاية اذار/مارس الماضي
.
واعتبر اعلان السفير المغربي لدي الجزائر محمد الريان وتأكيد عبد العزيز بلخادم المبعوث الرئاسي وزير الدولة عن زيارة رسمية يقوم بها رئيس الحكومة الجزائري احمد اويحيي للمغرب اشارة عن انفراج ستعرفه العلاقات وتسوية لملفات تؤرق البلدين
.
ولوحظ خلال الحديث عن زيارة اويحيي استمرار الحملات الاعلامية والدبلوماسيبة بين البلدين، الا ان الاوساط الدبلوماسية كانت تعتبر تلك الحملات جزءا من الملفات الداخلية وليس بملف العلاقات بين البلدين. الا ان تصعيد المغرب لحملته بترتيب مظاهرات ضد الجزائر في عدد من العواصم الاوروبية وتصريحات مسؤولين جزائريين عن عدم فتح ملف النزاع الصحراوي في مباحثات اويحيي في الرباط كان تؤشر الي شيء ظهر في بلاغ الخارجية المغربية الخميس الماضي والذي يبدو انه تعمد توجيه صفعة للجزائر، دون ان يعرف ان كانت وزارة الخارجية توقعت رد الفعل الجزائري وتستعد للرد عليه ام انها اصدرت بلاغها دون الاهتمام برد الفعل والعواقب السياسية
.
الجزائر لا زالت لم تظهر رد فعلها الحقيقي علي الموقف المغربي الجديد، وتصريحات المصدر المسؤول الجزائري التي بثتها وكالة الانباء الجزائرية وما اتسمت به من هدوء لا تعبر بالتأكيد عن حقيقة موقف الجزائر من الاهانة المغربية الموجهة اليها، وما كتبته الصحف الجزائرية من تعليقات لا يتناسب مع حجم رد الفعل الذي يصدر عنها في مثل هذه الحالات
.
واذا كانت الاوساط السياسية والدبلوماسية تعيد هذا الاتزان الجزائري الي غياب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن البلاد وهو الممسك مباشرة بالملف، فإنها تعتقد ان المساعي لتطويق التوتر الجديد يجب ان تتكثف وتتسارع حتي لا تذهب الامور نحو المزيد من التأزم
.
وتواصل الصحف المغربية هجماتها الاعلامية علي الجزائر وتعلن تأييدها لموقف وزارة الخارجية المغربية وما ورد فيه وتعتبره انتصارا للموقف المغربي وهزيمة للموقف الجزائري
.
ووصفت صحيفة الصباح (مستقلة) بلاغ وزارة الخارجية بصفعة مغربية اخري للجزائر وقالت ان البلاغ قطع شعرة معاوية بين المغرب والجزائر التي ظلت العبارات الدبلوماسية تحفظها طوال السنوات الماضية ويعكس تحولا علي مستوي تعامل الدولة المغربية مع الجارة الشرقية يتجاوز الكلام المعسول
.
وقالت الصحيفة ان البلاغ كان اقرب الي اعلان طرد، سار في العلاقات الي تحت الصفر و اخرج المغرب من المهادنة التي تخندق فيها منذ سنوات . وقالت صحيفة لوبينيون (بالفرنسية) لسان حال حزب الاستقلال (حكومي) ان النظام الجزائري يسلك طريق الاستفزاز والفتنة في علاقاته مع محيطه بهدف فرض هيمنته في المنطقة المغاربية ، معتبرة أن المغرب الحريص علي الوصول لحل سياسي لمشاكله مع الجزائر اضطر في الاخير لاستعمال لهجة أخري مع جاره الشرقي تلائم طبيعة النظام الجزائري . وقالت ان الرد المغربي كان في محله وأن علي الجزائر أن تحدد موقفها بوضوح بعلاقاتها مع المغرب وأن تكف عن محاولة تضليل الرأي العام الدولي بخصوص قضية الصحراء مبرزة أن المغرب ملكا وشعبا معبأ للدفاع عن الوحدة الترابية للمغرب
.
وقالت العلم لسان حال نفس الحزب بالعربية ان المغرب أثبت حرصه علي وضوح الرؤيا في العلاقات مع الجزائر وأن الموقف المغربي الرافض لزيارة أويحيي جاء بسبب تعارض المواقف التي عبرت عنها السلطات الجزائرية في الاسابيع الاخيرة مع أهداف التطبيع الثنائي والتقارب مع الشعبين واحياء عملية اتحاد المغرب العربي ، وبذلك أعلنت الرباط معارضتها للخلط الذي كانت ستثيره زيارة أويحيي بتضليل الراي العام المغاربي والدولي بشان حقيقة وضع العلاقات الثنائية بإقدام الجزائر علي تسويق الزيارة بغير مظهرها الحقيقي
.
وأشارت الي أن الجزائر تنكرت بسرعة للالتزامات التي تمت في محادثات الملك محمد السادس والرئيس عبد العزيز بوتفليقة وقابلت حسن النية الذي ابداه المغرب بالمزيد من التصلب ، وقالت ان المغرب تنازل وقبل بمقاربة فصل ملف نزاع الصحراء من ملف اللعلاقات الثنائية الا ان الجزائر استهانت بالتنازل المغربي لانها تناصب المغرب العداء في قضية وحدته الترابية ولابقاء العلاقات الثنائية رهينة التأزيم وعدم الانفراج . واضافت: لهذه الاسباب ودفاعا عن وضوح الافق في العلاقات الثنائية كان موقف بلادنا صائبا في رفض الزيارة المخادعة للوزير الاول الجزائري في الظرف الحالي
.
وقالت صحيفة بيان اليوم لسان حزب التقدم والاشتراكية انه بدون أن يبذل الملاحظ أي جهد لمعرفة دوافع القرار المغربي تبقي الاسباب واضحة وضوح الشمس فهي تعود أساسا للمواقف الجزائرية المعبر عنها قبيل انعقاد القمة المغاربية وهي مواقف تتعارض مع تطلعات الشعبين ومع التزامات البلدين علي أعلي مستوي
.
وأضافت ان الدولة الجزائرية تدرك أن معالجة ملف الصحراء لن تتم الا في إطار الامم المتحدة وأن المساعي الدولية والاقليمية اقتنعت أن إنهاء النزاع بشكل نهائي ومنصف لن يتأتي إلا بمقاربة تعتمد الحل السياسي
.
وأكدت الصحيفة أنه علي الصعيد الداخلي فإن المغرب مطالب ببذل مجهود جبار علي مستوي التعبئة والتماسك وفي نفس الوقت الاستمرار في فتح الجسور المؤدية لايجاد حل سياسي مقبول
.
وقالت المنعطف ان موقف وزارة الخارجية جاء منسجما مع مباديء المغرب في اطار البناء المغاربي علي اعتبار أنه مؤمن أشد الايمان بهذا البناء وفقا لروح اتفاقية مراكش، لكن للجزائر رأي اخر ينبني علي سياسة تقمص ألف قناع وقناع وفي هذه الخانة يمكن ادراج الزيارة المرتقبة للوزير الاول الجزائري للمغرب بعد المواقف التي عبر عنها الرئيس الجزائري في الاسابيع الاخيرة حيال الوحدة الترابية للمغرب والتي تترجم تنكرا سافرا لالتزاماته خلال اللقاءين اللذين جمعاه بالملك محمد السادس بالجزائر
.
وأوضحت أن هذا التقلب في المواقف الجزائرية من الطبيعي أن يخلق جوا من انعدام الثقة وهو ما عبر عنه البلاغ المغربي وذلك في انتظار موقف جزائري منسجم وتوضيح النوايا الحقيقية الحالية والمستقبلية للجزائر في ما يتعلق بعلاقاتها مع المغرب والبناء المغاربي
.
عن جريدة القدس العربي
Aucun commentaire