Home»National»جلسة الاستماع إلى الأجيرمن الإجراء الشكلي إلى الإلزام القانوني

جلسة الاستماع إلى الأجيرمن الإجراء الشكلي إلى الإلزام القانوني

4
Shares
PinterestGoogle+

جلسة الاستماع إلى الأجير
من الإجراء الشكلي إلى الإلزام القانوني

———– تعرضت السيدة ( س) والتي تعمل ككاتبة لدى إحدى الشركات
للفصل من العمل بعد أن قضت أزيد من 3 سنوات من العمل بدعوى خيانة الأمانة في حين أنها كانت تتعرض لمعاكسات داخل العمل دون أن يمكنها المشغل من حق الدفاع عن نفسها….
———–

 

الاستشارة القانونية
يبدو أن هده السيدة مرتبطة بعقد شغل غير محدد المدة ودلك أخدا بعين الاعتبار مدة عقد
عملها وان التهمة الموجهة إليها من طرف مشغلها تدخل ضمن الأخطاء الجسيمة والتي تعطي للمشغل إمكانية إنهاء عقد الشغل فورا نظرا لوجود خطأ جسيم طبقا للفصل 39 من مدونة الشغل – على الرغم من الجدل الفقهي القائم حول مختلف الأخطاء الجسيمة التي يمكن أن يقترفها الأجير و التي نصت عليها هده المادة هل جاءت على سبيل الحصر أم على سبيل المثال على الرغم من أن التفسير الذي يتلاءم مع فلسفة تشريع الشغل يقتضي عدم التوسع في ذكر أخطاء أخرى لم يذكرها المشرع يمكن أن تقع في الحياة المهنية ودلك أخدا بالمبدأ العام في تفسير قانون الشغل والدي يقتضي تفسيره لصالح الأجير في حالة الخلاف – فالمشغل مدعو إلى تمكين الأجيرة من مسطرة الاستماع والتي من خلالها تتمكن من الدفاع عن نفسها ودحض مختلف ادعاءات مشغلها حيث يتم تدوين مختلف أجوبتها في محضر وتوقع عليه وتتسلم نسخة منه ويمكنها الاستعانة بمندوب الأجراء لحضور هده الجلسة تختاره بنفسها لكن ما يجب التأكيد عليه أ ن هده الجلسة يجب أن تعقد في ظرف ثمانية أيام من وقوع الفعل المنسوب إليها بصريح المادة 62 من مدونة الشغل والمؤطرة لمسطرة الاستماع وأمام هده الحالة يجب التمييز بين مرحلة علم المشغل بالفعل حيث لا يمكن تحريك هده المسطرة بعد مرور مدة طويلة عن وقوع الفعل فالمشرع صريح في المدة الزمنية المطلوبة لانجاز مسطرة الاستماع حيث يمكن التمييز بين ثلاثة مراحل شكلية أساسية تحكم عميلة الاستماع ذاتها حتى تكون قانونية

– مرحلة استدعاء الأجير
في هده المرحلة وبعد علم المشغل أو من ينوب عنه – ودلك أخدا بعين الاعتبار حجم المقاولة بالفعل المنسوب إلى الأجيرة والاستدعاء يجب أن يتضمن ميعاد جلسة الاستماع ومكانها ويمكن للمشغل أن يبلغ الاستدعاء للجلسة بكل أنواع التبليغ الممكنة كتبليغه يدا بيد أو عن طريق رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل أو عن طريق مفوض قضائي

– مرحلة الاستماع
يجب أن تتاح الفرصة الكاملة للأجيرة للتعبير عن موقفها من الأفعال المنسوبة إليها لان إقرار هده الجلسة من طرف المشرع القصد منه تمكين الأجير من سماع وجهة نظره وتمكين المشغل أيضا من معرفة حقيقة الأفعال المنسوبة إليه لهدا لا بد من تدوين موقف الأجيرة وأجوبتها بمناسبة هده الجلسة في محضر الاستماع أما الاكتفاء يادراج الفعل المنسوب دون أقوال الأجيرة من شانه أن يجعل هده المسطرة معيبة من ناحية الشكل ويفرغها من محتواها حيث انه بعد إدراج رد الأجيرة على الأفعال المنسوبة إليها تكون ملزمة بالتوقيع بعد قراءتها للمحضر وتأكدها من مطابقة أجوبتها مع ما هو مدون فيه كما يمكنها أن ترفض الإمضاء ويجب الإشارة إلى دلك في محضر الاستماع بكل وضوح لأنه قد يحدث في كثير من الحالات الواقعية أن تدون بعض الأجوبة على الفعل المنسوب مناقضة لأجوبة الأجير ويطلب من هدا الأخير التوقيع أما ادا رفض احد الأطراف إتمام المسطرة فيتم اللجوء إلى مفتش الشغل حيث يعمل هدا الأخير على محاولة القيام يصلح بين الطرفين في محاولة لإقناع المشغل بضرورة إرجاع الأجيرة إلى عملها حفاظا على منصب العمل بعد تمكينها من إبداء رأيها حول الأخطاء المنسوبة إليها واستيضاح حقيقة الخطأ الجسيم من عدمه في محاولة لإقناع المشغل لأنه في كثير من الحالات قد يعدل بعض المشغلين عن قرارات الفصل بعد معرفتهم بحقيقة الأفعال التي يمكن أن تنسب إلى بعض الأجراء خطا خاصة في المقاولات الكبرى والتي تشغل عددا معتبرا من الأجراء حيث لا يكون الاتصال المباشر بالمشغل كما هو الحال قي بعض الو رشات الصغيرة ذات الطابع العائلي

– مرحلة اتخاذ القرار
هده المرحلة منفصلة عن مرحلة الاستماع إلى الأجير وهي مرحلة تتطلب استعمال المشغل لسلطته التأديبية بعد أن يستوضح حقيقة الفعل المنسوب إلى الأجيرة و سماعه لموقف هدا الأخيرة والأطراف الممثلة للأجراء الدين اختارتهم لحضور هده الجلسة فبعد أن يتأكد المشغل من كل هده المعطيات يمكنه أن يتخذ القرار الذي يراه مناسبا وهو يملك الحرية الكاملة لتقدير الجزاء المناسب للفعل المنسوب إلى الأجير لكن تبقى هده السلطة التأديبية تحت مراقبة سلطة القضاء الذي له أحقية مراقبة وتقدير مدى صوابية الجزاء مع الفعل المقترف وحجمه وغالبا ما يختار المشغل بعد نهاية جلسة الاستماع إلى الأجير إما العدول عن الفصل دون عقوبة أو إقرار عقوبات تأديبية خفيفة إعمالا للمادة 37 من مدونة الشغل ففي حالة عدوله عن وصف الخطأ بالجسيم يمكنه اندار الأجيرة أو توبيخها أو توقيفها عن العمل لمدة لا تقل عن ثمانية أيام أو نقلها إلى مصلحة أخرى إن اقتضى الحال مع الاخد بعين الاعتبار مكان سكناها وهدا الأمر يرجع إلى طبيعة الاقتناع الذي قد يترسخ لدى المشغل بعد سماعه لرد الأجيرة
أما بخصوص مقرر العقوبات أو قرار الفصل فيسلم إلى الأجيرة يدا بيد مقابل وصل أو بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل داخل اجل 48 ساعة من تاريخ اتخاذ القرار كما أن مقررا لفصل يجب أن بحمل الأسباب المبررة له وكدا تاريخ الاستماع إلى الأجيرة وأن بتضمن أيضا مدة أجل إمكانية الطعن فيه أمام المحكمة وهي مدة التقادم التي حددتها مدونة الشغل في تسعين يوما كما أن المحكمة لا يمكنها النظر إلا في الأسباب الواردة في مقررا لفصل
أما في حالة ما ادا استطاعت الأجيرة إثبات العكس وانه فعلا تعرضت للمعاكسة والتحرش الجنسي فان مغادرتها للعمل طبقا للمادة 40 من مدونة الشغل تعد بمثابة فصل تعسفي من طرف المشغل حيث يمكنها المطالبة بالتعويض عن الفصل التعسفي أو ما يعرف بالتعويض عن الضرر بالإضافة إلى التعويض عن الفصل والتعويض عن مهلة الإخطار
والملاحظ من خلال الحديث عن مسطرة الاستماع التي جاءت بها مدونة الشغل أن الالتزام بها بعد من النظام العام ودليلنا في دلك ما نصت عليه المادة 62 من مدونة الشغل و المؤطرة لها حيث جاء فيها ما يلي ( يجب قبل فصل الأجير أن تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه بالاستماع إليه من طرف المشغل أو من ينوب عنه بحضور مندوب الأجراء أو الممثل النقابي بالمقاولة الذي يختاره الأجير بنفسه ودلك داخل اجل لا يتعدى ثمانية أيام ابتداء من التاريخ الذي تبين فيه ارتكاب الفعل المنسوب إليه …)

و يبدو أن واضعي مدونة الشغل قد استلهموا هده المسطرة من الفصل 66 من قانون الوظيفة العمومية بالرغم من اختلاف العلاقة التبعية ذات الطابع التعاقدي التي تجمع المشغل بالأجير عن تلك العلاقة التي تجمع الموظف بالإدارة والتي هي عبارة عن علاقة نظامية أو تنظيمية أو لائحية وهدا ما استقر عليه الفقه والقضاء سواء في المغرب أو فرنسا ففي حالة إخلال الموظف بواجباته الوظيفية يمكن للإدارة أن توقع عليه إحدى العقوبات التأديبية التي ينص عليها القانون وهدا ما يعرف في القانون الإداري بالسلطة التأديبية ونظرا لخطورة العقوبة التأديبية على حياة الموظف فقد قرر القانون بعض الضمانات لحمايته عند توقيع العقوبة التأديبية عليه حيث قرر قانون الوظيفة العمومية المغربي في فصله 66 تمكين الموظف من الدفاع عن نفسه وهده قاعدة عامة مستمدة من المبادئ العامة للقانون في حالة مواجهة الموظف بما هو منسوب إليه فهده الضمانة الموجودة في قانون الوظيفة العمومية يبدو أن مشرع مدونة الشغل قد تأثر بها فابتكر ما يعرف بجلسة الاستماع حتى تتطابق مع العلاقة التعاقدية والتي تربط الأجير بمشغله مع بعض التحوير فتم تعويض اللجنة المتساوية الأعضاء والتي تشارك في أي مجلس تأدبي قد يواجهه الموظف بمندوب الأجراء أو الممثل النقابي الذي يمكن للأجير اختياره للحضور معه في جلسة الاستماع واعتقد أن واضعي مدونة الشغل استلهموا فكرة مسطرة الاستماع من المجلس التأديبي في نظام الوظيفة العمومية وحاولوا تكييفه مع طبيعة المقاولة في القطاع الخاص وطبيعة التمثيلية العمالية فيها

لهدا اعتقد أنه ادا كان كل إجراء تأديبي في حق الموظف يعتبره القضاء الإداري غير مشروع ادا لم يتمكن الموظف من الدفاع عن نفسه لمواجهة ما هو منسوب إليه طبقا للمادة 66 من قانون الوظيفة العمومية فان كل إجراء تأديبي قد يتخذه المشغل في حق الأجير دون سلوك مسطرة الاستماع التي نصت عليها المادة 62 من مدونة يعد إجراء غير قانوني وغير مبرر
كما أن عدم سلوك مسطرة الاستماع من طرف المشغل يمنح الأجير فرصة إثارتها أمام المحكمة بدعوى عدم تمكينه من الدفاع عن نفسه في مواجهة الأفعال المنسوبة إليه وان لجوء المشغل إلى فصله دون سلوك هده المسطرة من شانه أن يمكنه من إثبات مدى تعسف المشغل في حقه لأنه لا قيمة لهده المسطرة ادا لم يتم إلزام المشغل بتفعيلها كآلية أولية للتأكد من الفعل المنسوب إلى الأجير وتمكينه من إبداء رأيه لهدا يكون لجوء المشغل إلى فصل الأجيرة دون المرور بهده المسطرة قرارا غير صائب ومعيب لان الهدف من هده الشكلية المسطرية قصد منه شيئين أساسيين أولا تمكين الأجير من الدفاع عن نفسه وثانيا تمكين المشغل أيضا من معرفة حقيقة الفعل وملابساته و الذي قد يكون مبررا للفصل خاصة وان مسالة الفصل خطيرة في حياة الأجير وخطيرة أيضا للمقاولة التي قد تفقد خبرات عامل مؤهل يصعب إيجاد مثيل له لهدا اعتقد أن إلزامية هده المسطرة يجب النظر إليها من هده الزوايا لمعرفة الحكمة من إقرارها وأنها ليست مجرد شكلية يمكن التغاضي عنها….

د/ بلقاسم بنبراهيم
باحث من المغرب

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *