بعد تألقه في مهرجان سان سيباستيان  شمال إسبانيا ،بإحرازه على جائزة « سينما في حركة » ضمن إدراج فيلمه السينمائي الجديد « الجامع »في المسابقة الرسمية حضي مؤخرا شريط المخرج المغربي داود أولاد السيد بالإعجاب من لدن الجمهور ووسائل الإعلام على اختلاف مشاربها ،بعد عرضه نهاية شهر أكتوبر المنصرم في إطار المسابقة الرسمية لأيام قرطاج السينمائية في دورتها 23.
    ويحكي « الجامع La mosquée » بأسلوب ساخر مزج بين الجدية حينا والهزل أحيانا قصة  » موحا » الفلاح البسيط الذي قام بتأجير قطعة التي يمتلكها ويقتات منها لفريق تصوير سينمائي أجنبي بغرض بناء ديكور مسجد،لكنه يفاجأ بعد رحيل فريق التصوير بتحويل هذا  » الجامع الديكور » إلى ساحة حقيقية للصلاة والعبادة من قبل أهل القرية وشيوخها الذين تشبثوا بقدسية هذا الجامع ومنعوه من هدمه في محاولة يائسة لاسترجاع لأرضه .
    ومع توالي أحداث الفيلم ،تأخذ القصة أبعادا أخرى درامية نقدية ،حين يستغل إمام هذا المسجد » الجامع الديكور  » نفوذه الديني لأغراضه الشخصية والسياسوية ، وعندما يحاول  » موحا  » استرجاع أرضه بالقوة تتدخل السلطات المحلية ويتم ترحيله من قريته تاركا زوجته وأبنائه لمصير مجهول ومبهم .
    وحسب المجلة  » سني ماك  » الناطقة بالفرنسية والمتخصصة في السينما والسمعي البصري، أشار المخرج داود أولاد السيد أن أحداث الفيلم حقيقية استوحى مجمل تمظهراتها من إقليم ورززات الذي يستقطب سنويا العديد من السينمائيين العرب والأجانب لتصوير أفلامهم ، نظرا لتضاريسها الطبيعية الساحرة حيث يعمد أغلبهم لتأجير أرض من مزارعي الجهة قصة تشييد ديكورات سينمائية عملاقة.وأشار أن  » الجامع  » محل الجدل في الفيلم يعد ديكورا حقيقيا لفيلمه السابق   »  في انتظار باز وليني  »  غير أنه لم يتم هدمه بعد الانتهاء من التصوير ، مما أدى إلى اعتقاد سكان القرية أن الأمر يتعلق بجامع حقيقي أضحى بالنسبة لهم مكانا للعبادة والصلاة، مما طرح مشكلة معقدة بالنسبة لمالك هذه الأرض .
    وفي تصريح سابق ، أكد المخرج المغربي داود أولاد السيد بأن فيلمه يندرج ضمن خانة المسكوت عنه في المجتمع المغربي،خاصة في فضح بعض الممارسات « النفاق الاجتماعي » التي يتخذها بعض « رجال الدين  » الذين يستغلون نفوذهم الديني لتمرير  » خطب ظلامية  » وذلك عبر تأويل نصوص قرآنية ودينية مقدسة لخدمة مصالحهم الشخصية .
    شريط « الجامع La mosquée » صور في منطقة ورززات بطاقم تقني وفني جد مهم ، حاول تسليط بعضا من الضوء على المشاكل والمعاناة التي يتخبط فيها بعض الأهالي بهذه المنطقة التي تعد  » هوليود المغرب » لكن الساكنة  تعيش العوز  والفقر ،ويقتات بعضها من أدوارهم الثانوية: » كومبارس » في بعض الأفلام الأجنبية ، التي تصور داخل الاستوديوهات أطلس وأستير، أو بالفضاءات الخلابة للمنطقة .
    شارك في تمثيل الأدوار الرئيسية للفيلم ثلة من نجوم السينما والتلفزيون المغربي على رأسهم : مصطفى تاه تاه وبشرى أهريش، وعبد الهادي توهراش، و مديحة الضعيف،وعزيز دخوش ،وحسن فوطة ، وسالم بيلا وآخرون …..
    ويعد شريط  » الجامع  » خامس فيلم في الريبرطوار السينمائي لداود أولاد السيد بعد أفلامه التالية :  » باي باي سويرتي » 1998، و  » عود الريح  » سنة 2001 ، و  » طرفاية أو باب البحر  » سنة 2004 وفي انتظار بازوليني سنة 2007 وأخيرا  » الجامع  » سنة 2010 .