الموسم الدارسي الحالي موسم تجريب بيداغوجيا الإدماج في السلك الإعدادي
انطلقت مع بداية الموسم الدراسي الحالي عملية تجريب بيداغوجيا الإدماج في السلك الإعدادي بعدما انطلقت في الموسم الدراسي الماضي بالنسبة للسك الابتدائي . ومعلوم أن بيداغوجيا الإدماج ترتبط ببيداغوجيا الكفايات التي اختارها المغرب لإصلاح منظومته التربوية بعد عشرية إصلاحية خلت دون تحقيق الأهداف المرجوة ، وانطلاق رباعية إصلاحية استعجالية تراهن على بيداغوجيا الكفايات وبيداغوجيا الإدماج . وقد تعاقدت الوزارة الوصية مع المقاول البيداغوجي الأجنبي كزافيي روجرز الذي يتولى مع فريقه تسويق منتوج بيداغوجيا الإدماج في بلادنا. وقد عقدت خلال النصف الثاني من شهر غشت لقاءات لفائدة مفتشي المواد الدراسية المستهدفة بهذه البيداغوجيا في الرباط ، كما عقدت خلال منتصف شهر أكتوبر نفس اللقاءات لفائدة من تبقى من مفتشي المواد بالأكاديميات.
وسميت هذه اللقاءات دورات تكوينية لفائدة المفتشين الذين سيتولون بدورهم نقل منتوج المقاول البيدغوجي الأجنبي إلى المدرسين كما تلقوه من فريقه عبر قرص مدمج تضمن التعريف ببيداغوجيا الإدماج ومفاهيمها إلى جانب إجراءاتها وتدابيرها كما يتصورها فريق المقاول الذي سبق له تجريب هذه البيداغوجيا في بعض الجهات ريثما يحين موعد وصول عدتها المسودة . ولقد تقرر بواسطة مذكرة وزارية تنظيمية الشروع في تجريب هذه البيداغوجيا في بعض المؤسسات الإعدادية خلال هذا الموسم على أساس تعميم التجربة خلال الموسم الدراسي المقبل . ويتعلق الأمر بتخصيص أسبوعين دراسيين لتلقين المتعلمين إدماج ما حصلوه من تعلمات خلال ستة أسابيع دراسية وقياس مدى ممارستهم للإدماج لمعالجة تعثراتهم فيه. وفي انتظار ظهور برامج دراسية جديدة متناغمة مع بيداغوجيا الإدماج يتم التجريب على البرامج الحالية التي بنيت هي الأخرى على أساس المقاربة بالكفايات.
ومن المعلوم أن المدرسين في وطننا قد ألفوا تسويق التجارب في الميدان التربوي إذ لا تكاد ممارساتهم تستأنس بتجربة حتى تحل بهم أخرى تقتضي أن يتكيفوا معها ، وقد لا يبارح التسويق بضاعة بيداغوجية مألوفة بتسمية جديدة مما يجعل المدرسين يتساءلون عن جدوى تسويق المألوف بشعارات جديدة . فلن تختلف بيداغوجيا الإدماج عن بيداغوجيا الأهداف الإجرائية أوبيداغوجيا المقاربة بالكفايات بالنسبة لاستقبال المدرسين لها ، فكما استقبلوا ما سبق سيستقبلون ما لحق بنفس القناعات ونفس التعامل الميداني في انتظار بضاعة جديدة أو قديمة بتسويق جديد. فالمقاول البيداغوجي كزافيي روجرز نفسه يشهد بأن بيداغوجيا المقاربة بواسطة الكفايات تعترضها صعوبات تتعلق بتوفير ظروف تسويقها سواء تعلق الأمر بالوسائل والأدوات ، أوالغييرات المؤسساتية المصاحبة لتسويق هذه البيداغوجيا من قبيل التوقيت وطرق الانجاز وطرق التقويم… إلى غير ذلك لأن المقررات الحالية ، والحصص الدراسية الحالية ، وطرق التدريس الحالية لا يمكنها مسايرة بيداغوجيا الكفايات في نظره ، لهذا تجد هذه البيداغوجيا مقاومة من عدة جهات لانعدام ظروف تسويقها ونقص التكوين فيها أو عليها ، وما أظن المقاول إلا مدافعا عن بضاعته التي درت عليه أرباحا ككل مسوق بضاعة لا يرغب في خسارة ما جناه من أرباح لهذا يلجأ إلى التشكيك في قدرات من يرفض بضاعته وقد لا يتورع عن اتهامه بالجمود مقابل جدة البضاعة على اعتبار أن كل جديد يقاوم بالضرورة .
وما أظن بضاعة المقاول جديدة لأن من خصائص التعلم عند الإنسان الإدماج ، ولا تعلم إلا بالإدماج ، وكل ما هو جديد في بضاعة المقاول هو التنصيص على تسمية ما كان منذ أن بدأ الإنسان يتعلم معروفا ومتداولا. وغرض المقاول أن يصل بالمتعلم المغربي إلى توظيف كفاياته المختلفة لتصير هدفا نهائيا للإدماج أو كفاية كبرى تغطي مرحلة من مراحل التعلم في انتظار مواجهة الحياة. ولقد كان المقاول ذكيا في ما يكتب إذ لا يزعم أنه صاحب عذرية الإدماج الذي يوجد في طرائق غير طريقته التي جمعها من تجارب غيره ، وهو معروف بطريقته الذكية في تعريض منتوجه للنقد عمدا قصد تعديله باستمرار ،وقد تخلى عن كثير مما تبناه من قبل بعد أن ساهم غيره في الكشف عما به من ضعف أو تهافت .و تقوم بضاعة المقاول ومن معه على اعتبار الكفاية هي توظيف مختلف القدرات أو المهارات ومختلف المحتويات في وضعيات مختلفة مما يستوجب استحضار مفهوم الإدماج ، ذلك أنه لا يمكن الحديث عن الكفاية دون إدماج . ووضعيات الإدماج تسمح للمتعلم في نظر المقاول بإظهار قدرته على توظيف مختلف خبراته بطرق فعالة وعلمية تعطي معنى لتعلمه. فالكفاية عنده لا تلقن المتعلم المعارف بل توصله إلى توظيف هذه المعارف في وضعيات ذات دلالة . وبهذا تكون الكفاية عند المقاول عبارة عن مفهوم إدماجي تجمع بين المحتويات والأنشطة الدراسية والوضعيات التي تمارس فيها هذه الأنشطة. وهي إذن مجموعة مدمجة من القدرات التي تستجيب لوضعيات لحل مشاكل مطروحة .
والكفاية بتعبير آخر هي إدماج وتوظيف وتحويل مجموعة من الموارد سواء كانت معلومات ومعارف أو خبرات أو غيرها في سياق لمواجهة مختلف المشاكل أو إنجاز أعمال . والكفاية أيضا عند المقاول هي قدرة الفرد على توظيف مجموعة مدمجة من الموارد ولكن بطريقة استبطانية لأن الكفاية موجودة بالقوة عند الإنسان ، والمقاول ههنا يقتبس من عالم اللغة شومسكي القائل بفطرية اللغة عند الإنسان . ومن مميزات الكفاية عند المقاول أنها تنمو بالإنجاز أو بالممارسة وهي خلاف البطارية التي تنفق بالاستعمال حيث تنفق الكفاية بعدم الاستعمال على حد تعبير أحد من اقتبس منهم المقاول وهم كثر. والكفاية تقوم مبدئيا من خلال منتوج حاصل . وتهدف الكفاية حسب المقاول إلى إعطاء معنى للتعلمات وجعلها فعالة ، وتطويرها . فبالكفاية ينتقل المتعلم من اكتساب المعلومات إلى توظيفها والاستفادة منها في حياته. فالكفاية بهذا المعنى تساعد المتعلم على مواجهة المشاكل التي تعترضه من خلال إعطائه فرصة توظيف خبراته في وضعيات جديدة يواجهها في حياته . وخاصية الإدماج المرتبطة بالكفاية عبارة عن خطوة مستبطنة وغائية. ومعلوم أن المقاول يصل إلى الكفاية عبر ما يسميه الهدف النوعي وهو ممارسة المتعلم لقدراته على بعض المحتويات ، ففي حين يتمثل الهدف النوعي في ممارسة القدرة على المحتوى تتميز الكفاية عنه بإضافة الوضعية .
ومعلوم أن الهدف النوعي بدوره ينتج عن ممارسة القدرات على المحتويات علما بأن القدرة عبارة عن نشاط عقلي تجريدي راسخ ومتناسل حسب رأي المقاول ويتمظهر من خلال المحتويات لأنه لا وجود له إلا عبر هذه المحتويات . والقدرة أو القابلية أو الأهلية أو المهارة حسب ما يذكره المقاول من مرادفات مقتبسة من مختلف الأدبيات البيداغوجية التي يعرضها في أعماله ذات علاقة بأنواع الذكاء التي تتعلق بما هو معرفي وما هو حس حركي وما هو وجداني. والقدرة إنما تتطور بقدر ممارستها على محتويات . وما المحتويات سوى المعارف الخام وهي المعارف التي تدخل ضمن مكونات المناهج الدراسية خصوصا المعارف المنهجية الداعمة للتعلمات ، وهي حلقة مهمة في بناء بيداغوجيا الإدماج التي يسوقها مقاول الوزارة الوصية هو وفريقه . وما مفتشو المواد الدراسية إلا وسائل نقل للبضاعة في نظر الوزارة إلى المستهلك الذي هو المدرس والذي عليه أن يستهلك لأن المشغل الذي هو الوزارة قد اختار المقاول والبضاعة التي راهن عليها لإصلاح منظومته التي تعاني الإفلاس بالرغم مما أنفق عليها سواء على المقاول الأجنبي وسماسرته أو ما تتطلبته بضاعته من تمويل ثقيل ينوء بخزينة الدولة ولا حظ فيه لمفتش أو مدرس لا يزيد وزنهم عند الوزارة الوصية عن وزن قطع شطرنج فوق رقعة يحركها المقاول الأجنبي ومن معه كما شاءوا ومتى ما شاءوا ، وما على قطع الشطرنج إلا الصبر فقد تنتهي رباعية الاستعجال بلا إصلاح فيحل مقاول أجنبي جديد محل مقاول الوزارة الحالي ليبدأ المسلسل من جديد مع بضاعة أخرى بتسويق آخر وضجة إعلامية قد تحبل من جرائها البغلة بالرغم من عقمها .
1 Comment
انتهت بداغوجيا الاهداف وتبعتها بداغوجيا الكفايات واليوم بداغوجيا الادماج والامور التربوية تزداد سوءا واخر ما ينتظر بعد الاحتقان بداغوجيا الابعاج حتى ينهمر الصديد والقيح التربوي المتجمع .