الوعدة تكريس للتخلف والفكر الخرافي
سبق لي أن حررت مقالا عن عادة الوعدة في بلادنا وتحديدا في المنطقة الشرقية من الوطن حيث تجتمع بعض القبائل حول ضريح من الأضرحة وتذبح الذبائح وتقيم المآدب وقد يرافق ذلك ألعاب الفروسية والرقص وما شابه ذلك من شعوذة وسحر وحتر عربدة أحيانا مع الترويج لفكرة التبرك بأصحاب الأضرحة ، واتخاذهم وسائط لطلب الغيث وما شابه من الأوهام والخرافات التي تستخف بعقول العامة من الذين يسهل تمرير الفكر الخرافي عليهم . وذكرت فيما مضى أنه ربما كان أصل الوعدة أن الناس في الزمن الماضي كانوا إذا جمعوا محاصيلهم الزراعية وأخرجوا زكاتها فكروا في إطعام الطعام للفقراء والمحتاجين شكرا لله تعالى على نعمه . ولعله مع تراخي الزمن حور البعض هذه العادة لتصير عبارة عن مواسم مرتبطة بأضرحة معينة تجلب لها القرابين وتكرس الاعتقاد الفاسد بأن نعم الله عز وجل من ورائها أولياء صالحون من أصحاب الأضرحة بسببهم يغاث الناس ويحصدون ويعصرون . وربما كان ذلك في الأزمنة التي سادت فيها بعض الزوايا وانتشرت طرقها في البوادي المغربية . ومع مرور الزمن كرست عادات سيئة مصاحبة للوعدات من قبيل ظاهرة اقتناء الزيجات كما تقتنى البهائم ، وتعاطي الشعوذة والسحر ، ونسبة الخوارق للأموات ومن لهم صلة بهم من الأحياء المرتزقين بهم . ولقد صارت بعض القبائل تحسب ألف حساب استعدادا للوعدات ، وتنفق عليها الأموال الطائلة إسرافا وبدارا علما بأن فقراء الأمة ومساكينها يعانون الفاقة والفقر المقذع .
فعلى سبيل المثال ينفق المال الكثير على الوعدات في الجهة الشرقية في نهاية فصل الصيف أو خلاله أومع بداية كل خريف ، ويضيق أصحاب الوعدات على أنفسهم من أجل اقتناء الخراف والبارود ، ومنهم من يربي الخيل لهذا الغرض من أجل ألعاب الفروسية خلال الوعدات ، وهو يعتقد اعتقاد الجزم بأنه في صميم التدين الصحيح بما يأتيه من أفعال وبما ينفقه من مال . ولا يفكر الذين ينفقون أموالهم على الوعدات في فقراء الأمة ، فعلى سبيل المثال أنفقت أموال طائلة على وعدة وجدة السنوية المعروفة أول أمس الجمعة مع أن العديد من تلاميذ مدينة وجدة وأحوازها في أمس الحاجة إلى لوازم وكتب مدرسية من أجل طرد ظلمات الجهالات المستشرية في العديد من الأحياء الهامشية والدواوير المجاورة .
وعوض أن يراهن الناس على العلم للخروج من أنفاق الجهل والأمية ، وينفقوا على بناء الكتاتيب والمساجد والمدراس والمعاهد لتعليم الكبار والصغار على حد سواء يبذرون المال على الوعدات في أطعمة وبارود وفروسية ورقصات فلكلورية ، وينسبون ذلك زورا وبهتانا لدين الله عز وجل البراء من كل عبث ومن كل شكل من أشكال الوثنية. فلو أن الأمر تعلق بتظاهرات ثقافية تسمى بمسمياتها أي الفروسية أو الفن أو الولائم والموائد الجماعية لهان الأمر أما أن ينسب العبث لدين الله عز وجل ، ويشرك به عن طريق نسبة الغيث لأصحاب الأضرحة فهذا ما لا يقبله نقل ولا عقل لأنه مجرد عبث بعقول السذج والعوام من الناس الذين هم ضحايا الفكر الأسطوري السحري في زمن التطور العلمي الكاسح .
1 Comment
الله يهديك السي الشركي اي تخلف تتحدث عنه خلي الناس انشطو وازردوا اويتبوردوا .