Home»National»لا إصلاح للمنظومة التربوية قبل تغيير العقليات

لا إصلاح للمنظومة التربوية قبل تغيير العقليات

0
Shares
PinterestGoogle+

إن سنة الله عز وجل في خلقه هي أن يرتبط تغيير أحوالهم بتغيير ما بأنفسهم لقوله جل من قائل : (( لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )) إنها دعوة صريحة لتغيير العقليات قبل أن تتغير الأحوال . وعليه فالمنظومة التربوية تعاني من فساد لا ينكره إلا جاحد أو معاند ، خصوصا بعدما اضطر أصحاب القرار السياسي من خلال أصحاب القرار التربوي إلى مشاريع الإصلاح العشرية أو الرباعية . وما دام حال المنظومة كما كان يعاني من اختلالات فلا جدوى من تجريب مشاريع الإصلاح أو تغيير عناوينها ومددها الزمنية لأن ذلك لن يعدو تجريب أنواع من المراهم على جروح عميقة يفوق عمقها آثار المراهم المحدودة.إن أول ما يجب تغييره هو العقلية الإشهارية المسوقة للنتائج الدونكيشوتية التي يتبرأ منها الواقع إذ لا تكاد الوزارة الوصية تصنع شعارا إشهاريا تصنيعا حتى ينطلق البعض في عملية تسويقه بشكل مبتذل وممجوج. وإذا ما سأل المسوقون لهذا الشعار عن قناعاتهم الداخلية بخصوصه عبروا عن حقيقة يخفونها وهي عدم اقنتاعهم بما يروجون له .

ولهذا فلا يجرؤ مسؤول في المصالح المركزية للوزارة أوفي جهة أو في إقليم ما على قول الحقيقة لأنه يربط بين بقائه في منصبه الذي وصل إليه دون شفافية أو وضوح وبدون كفاءة وبين الترويج لشعارات نجاح المنظومة الوهمي مخافة أن يقول الحقيقة فيسرح سراحا جميلا . ومن المعلوم أن الذي لهث وراء المنصب ،و ركب كل المراكب من أجله ما حل منها وما حرم ، وأراق ماء الوجه ولربما ضحى حتى بما تجدر الصيانة به من كرامة وعرض لا يمكن أن يتخلى عن هذا المنصب بقول الحقيقة لأن من ركب الكذب واللف والدوران من أجل الحصول على المنصب لا يمكن أن يفرط في الكذب واللف والدوران من أجل المحافظة عليه بل سيبالغ في ذلك من أجل أن يحتفظ بمنصب فوق قدره ومقداره . ولو أنه حاز المنصب كفاءة واقتدارا لكان أول من يجهر بالحقيقة ، ويهدد بالاستقالة والانسحاب لوجود الاختلالات في منظومة يريدها سوية .

وأتحدى التحدي المفتوح أن يكتسب الذين وصلوا إلى مراكز قرار مركزي أو تدبير جهوي وإقليمي مثقال ذرة من شجاعة أدبية لتقديم استقالتهم أو حتى مجرد التهديد بها ذلك أن الجميع كلما حل وقت التعيينات أو الانتقالات أصابهم الإسهال أو ما يشبه أوجاع المخاض ، وترقبوها ترقب لهف خشية أن ينالهم الإعفاء من مناصب تتبرأ منهم من خلال تدبيرهم الفاشل الفشل الذريع .وبمجرد مرور عاصفة التعيينات أو الانتقالات يبادر هؤلاء لتهنئة بعضهم البعض على السلامة لا على الكفاءة بنفاق ومجاملة كاذبة ، وهم يشمتون بمن نالهم الإعفاء علما بأنهم على قناعة تامة بأنهم لا يختلفون عنهم فشلا ، وأنهم بالإعفاء أجدر وأولى. ومباشرة بعد العاصفة يعقدون اللقاءات الاحتفالية فيتهافتون على ترديد الشعارات التي تطرب المسؤولين الأعلى منهم تريد ببغاوات ، ويقربون من يسايرهم في ترديدها ، ويمقتون من يخالفهم فيها . ومن سخف هؤلاء أنهم يقدمون فشلهم الذي يفضحه الواقع في شكل انتصارات وفتوحات حتى يخيل لمن يصغي إلى عروضهم الاحتفالية الكاذبة أن الأمر يتعلق بمنظومة غير منظومتنا البائسة . إنهم يركزون عن النسبة المئوية الفارغة فيقيسون اللاحق منها على السابق علما بأن هذا السابق من المخجل ذكره . فالذي يقول على سبيل المثال إننا قد حققنا نسبة نجاح أعلى من نسبة فشل فهو إنما يتحدث عن فشل من حيث لا يدري . فمن كان يسقط عشر مرات فمن السخف أن يتحدث عن تقليص نسبة سقوطه بعشرة في المائة لأنه لا زال ساقطا إذ لا يختلف سقوط المائة في المائة عن سقوط التسعين في المائة ، ولكن النافخين في النسب المئوية الكاذبة يحاولون أن يصنعوا منها فتحا ونصرا مبينا .

لهذا فأول ما يجب تغييره هو هذه الشريحة المتسلطة على المنظومة مركزيا وجهويا وإقليميا والتي لا تحظى بمصداقية لدى كل فئات المنظومة والتي تكرس الشعور بالإحباط لدى الجميع فينخرط الجميع في عملية الكذب الكبرى حيث يحضر الجميع لقاءات الدعاية الكاذبة المروجة للشعارات الفارغة وهم ناقمون ساخطون ولسان حالهم وهم ينصتون إلى الخطابات الزرقاء :  » الله يلعن الكاذب  » وبمجرد عودة الجميع إلى مراكز أعمالهم يلقون بالشعارات جانبا وتظل المنظومة حيث كانت باخلالاتها . ومشكلة هذه المنظومة أنه بلغ خبر اختلالاتها غير الخافي إلى أبنائنا وهم رأسمالها فأصابهم الإحباط وصارت سلوكاتهم مسايرة لعملية الكذب الكبرى ، وساروا يردون على الكذب بالكذب المماثل ، وصاروا يتقنون التظاهر كما يتقنه غيرهم من فئات المنظومة لأن الكذب لا يمكن أن يصير شيئا آخرعن طريق التعليب والتسويق والإشهار والدعاية. ولهذا صارت النتائج والمعدلات بدون معنى حيث يحصل أبناؤنا على نتائج ومعدلات يكذبها عدم ولوجهم إلى معاهد ومراكز ، بل انتقل الكذب من المسؤولين المركزيين والجهويين والمحليين وغيرهم إلى المتعلمين حيث يتبوأ بعضهم مقاعد في مراكز ومعاهد فوق أقدارهم على طريقة وصول المسؤولين عن المنظومة إلى مراكز مسؤوليتهم وتحت شعار :  » أبوك صاحبي  » وهكذا يصيب رأسمال المنظومة التربوية ما يصيب الأموال الملوثة من غسيل ، ويكون الوطن هو الخاسر لأنه يصير بيد الخاسرين يعبثون به ويجعلون مصالحهم الخاصة فوق مصلحته العامة . فعندما يصير عندنا في منظومتنا مسؤول مركزي ومسؤول جهوي ، ومسؤول محلي ، وما دونهم مسؤولية في مناصبهم عن جدارة واستحقاق وكفاءة وبشجاعة أدبية تسمي النجاح نجاحا والفشل فشلا حينئذ سيكون رأسمال المنظومة صحيحا غير زائف ، ولن نكون مضطرين لغسيله كما تغسل الأموال الملوثة ، و ((لا يغير الله ما يقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )) وصدق الله العظيم وكذب الكاذبون المسوقون للشعارات الفارغة في كل موسم دراسي من أجل الاحتفاظ بمناصب تتبرأ منهم كبراءة الذئب من دم يوسف .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. SALMI
    14/09/2010 at 13:21

    تحية طيبة ما جاء في مقالكم كله صحيح ولكن مالم تذكره يا أستاذ هو أن السادة المفتشين هم من يروج لهذه السياسة التربوية الفاسدة القادمة من الادارة المركزية فقد وضعوا أنفسهم موضع الوسطاء أو السماسرة لتسويق هذه البضاعة المتعفنة جريا وراء التعويضات الا من رحم ربك فهو على الاقل يقول للا ساتذة أعذرونا فنحن موظفون مثلكم لاحول لناولا قوة ونحن مجبرون على لعب هذا الدور.

  2. سمية ع
    14/09/2010 at 13:21

    يا أستاذ المرجو تصحيح الآية و الحذر من اللحن في القرآن الكريم او الاكتفاء بالإحالة بدل الاستشهاد بالنص
    و قد علمت بانكم إمام او خطيب جمعة

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *