Home»National»\ الوعدة \ عادة مغربية في حاجة إلى ترشيد

\ الوعدة \ عادة مغربية في حاجة إلى ترشيد

0
Shares
PinterestGoogle+

من العادات المعروفة والمتوارثة في المجتمع المغربي ما يسمى  » الوعدة  » وهي عبارة عن تجمع سنوي يكون في الغالب في فصل الصيف حيث يجتمع أبناء قبيلة واحدة أو قبائل متعددة من أجل إقامة ما يشبه الوليمة الكبرى . ولفظة :  » وعدة  » مصدر أو اسم مرة ، وهو يدل على وقوع الفعل مرة واحدة ووزنه من الثلاثي فعلة بفتح الفاء. ولما كان هذا اللقاء مرة واحدة كل سنة أطلق عليه هذا الاسم . والوعدة من الوعد أوالميعاد ويطلقان على الزمان والمكان ، وعليه قد يكون المقصود بلفظة  » وعدة  » مكانها وزمانها ، والوعد هو العهد ، وعليه فالوعدة أيضا عهد بين أبناء قبيلة واحدة أو قبائل متعددة تجمع بينها روابط النسب والقرابة أو الجوار من أجل التجمع . وقد يكون لهذه الوعدة بداية تاريخية معروفة عند المهتمين بالتاريخ المغربي . وأرجح أن الوعدة عبارة عن احتفال بنهاية الموسم الفلاحي حيث دأبت القبائل بعد جمع المحصول الزراعي وإخراج زكاته إقامة ما يشبه الوليمة لإطعام الفقراء والمساكين والتقرب إلى الخالق سبحانه لتقديم الشكر على ما أنعم به من خيرات مما تنبت الأرض .

ومع مرور الوقت اصطبغ هذا التجمع السنوي بالصبغة الطرقية بعدما كان تجمعا دينيا عفويا لتقديم الشكر لله عز وجل في مجتمع يدين بدين الإسلام . وقد حاولت الطرق الصوفية جعل الوعدة متعلقة ببعض شيوخها خصوصا بعد وفاتهم ، وبناء أضرحة لهم تزار تبركا بصلاحهم وما يروى عنهم من كرامات قد تصير أساطير مع مرور الزمن ، وتكتنفها المبالغات ، وتعشش فيها الخرفات المنقولة من جيل إلى آخر ، وتصير مع مرور الزمن تدينا منحرفا بديلا عن التدين الصحيح . وقد صارت بالفعل الوعدة تنسب في الغالب إلى صاحب ضريح من رجال الطرق الصوفية حيث يقال : هذه  » وعدة سيدي فلان  » الذي يحج إلى ضريحه أبناء قبيلته من سلالته أو من محبيه من أبناء قبائل أخرى . وتختلف الوعدة من جهة إلى أخرى من حيث التزام الدين الصحيح أو الوقوع في الابتداع ذلك أن بعض القبائل تجتمع في بيوت الله عز وجل لتلاوة القرآن والأمداح التي تمتدح شخص النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، وسماع الوعظ والإرشاد ، وتناول طعام الوليمة والختم بالدعاء وصلة الأرحام ، فيكون ما ذبح في هذه الوعدة قرابين أريد بها وجه الله عز وجل ، وحسنت نيات أصحابها ، ولم يداخلها شرك مما قد يوجد في جهات أخرى تجعل الذبائح لأصحاب أضرحة يتشفع بهم أو يتزلف بهم ، وهنا قد يقع المحظور حسب نوايا من يقدم الذبائح ، ورأي الشرع واضح فيما ذبح لغير الله عز وجل .

وقد ينكر الكثير من أصحاب الوعدة أنهم ذبحوا لغير الله عز وجل ، ولكنهم يصرون على أن تكون الوعدة في مكان يشتمل على ضريح لشيخ طريقة صوفية مما يجعل من الصعب الجزم بعدم الوقوع في المحظور على الأقل عند العامة الذين يجهلون أمر دينهم فيما يخص الذبائح وما يلزمها من تصحيح النوايا وإخلاص التقرب لله عز وجل . ومن أجل النأي بالوعدة وهي سنة قد تكون حسنة يؤجر من سنها بأجور من اتبعه ، كما أنها قد تكون سيئة تقع أوزار من اتبعها على من سنها إلى يوم القيامة لا بد من ترشيدها دينيا بحيث تتدخل المؤسسة الدينية الرسمية لتعزيز إيجابيات الوعدة ، ومحاربة ومنع سلبياتها على اعتبار أن المؤسسة الدينية الرسمية هي المسؤولة عن حراسة العقيدة ، ولا يجب أن يلقى الحبل على الغارب في أمر الوعدة فتستغل هذه الاجتماعات السنوية لتكريس الفكر الخرافي والتدين المنحرف والمغلوط النازع نحو الوثنيات البائدة بمجيء نور الإسلام . ولقد وفق بعض منظمي هذه الاجتماعات المعروفة بالوعدة في الكثير من الجهات بفضل الله عز وجل في جعلها لقاءات تلتزم حدود الشرع الإسلامي من خلال منع كل مظاهر البدعة الخارجة عن الدين الصحيح وذلك من خلال استدعاء وعاظ يتعهدون من يحضر الوعدة بالوعظة والإرشاد حيث تصير الوعدة وعظة ، ويذكرون من يحضرها بضرورة تصحيح النوايا لتكون الوعدة فرصة لشكر نعم الله عز وجل وصلة الأرحام والتناصح لا غير مما قد يقع من انزلاقات وانحرافات عقدية في بعض الجهات التي تكون فيها لمنظمي هذه اللقاءات مصالح خاصة ومبيتة بل وأطماع يخفونها ولا يبدونها للعوام والبسطاء ممن يحضرها .

جميل أن يجتمع أبناء القبيلة الواحدة ، أو القبائل المتجاورة في بيوت الله عز وجل مرة كل سنة وبنوايا حسنة قصدها شكر الخالق سبحانه على نعمه للاستزادة منها ، ولكن ما أقبح أن تكون النوايا سيئة وراء هذه القاءات ويكون وراءها شرك مبطن والعياذ بالله .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. رابح الحمدونى
    13/08/2010 at 18:03

    جميل ان يجتمع ابناء القبيلة..على الوعظ والدين،لكن اجمل واحسن ان يتشكلوا فى جمعيات او تجمعات لينظموا حياتهم ويستثمروا طاقاتهم الهائلة.ان عامل النهضة والتقدم قائم على التعلم والابداع والابتكار والمؤسسة.لاتعطيه وليمة ولكن علمه هندسة التجمعات والتكتلات لتكون الضاربة فى التغيير والهيمنة.يقول المفكر مالك بن النبى، رحمه الله »لا تنظرواالى ماوصلت اليه اوروبا ولكن كيف نشأت؟ نشأت بتنوع التجمعات ،وبعد سنين تحولت الى تكتلات كبيرة ساهمت فى نهضة اوروبا » هذا هو التنافس لنعرف مستوى رجاحة عقولنا

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *