Home»National»مشروع المؤسسة بين تجارب عربية رائدة وحصيلة إنجازية هزيلة -التجربة التونسية-

مشروع المؤسسة بين تجارب عربية رائدة وحصيلة إنجازية هزيلة -التجربة التونسية-

1
Shares
PinterestGoogle+

مابين إصدار الوزارة الوصية للمذكرة الإطار رقم 73/94 والمذكرة الوزارية رقم 73/09 خمس عشرة سنة من التعبئة والتحسيس والتحفيز للمورد البشري وإعادة تشكيل العقليات وصياغة البنيات الذهنية لعلها تتبنى ثقافة المشروع وتعتمد آليات تدبير المقاولة البشرية بالمقاربة بالمشروع المرتكزة على التدبير التعاقدي والتدبير بالنتائج والتدبير بالمؤشرات في عشرية إصلاح الميثاق الوطني للتربية والتكوين أو خلال بداية ثلاثية البرنامج الوطني الاستعجالي. ولعل عدم وضوح مفهوم مشروع المؤسسة وارتباطه بعمليات ترميمية صغيرة لدى غالبية الفاعلين التربويين وشلل الآليات المعتمدة في انتخاب واشتغال مجلس التدبير واهتراء البنيات التربوية والمادية في الكثير من المؤسسات أدى إلى استغراق كل هذا الوقت/من 2000 إلى 2010 في عملية إعادة التأهيل بواسطة تدبير غير مخطط ولا تشاركي مرتكز على إبرام صفقات غير مدروسة تم تنزيلها دون إشراك المعنيين وأخذ حاجياتهم ومشاكلهم الملحة بعين الاعتبار…

مما أفضى إلى ارتباك واضح في تهييئ وضبط مناخ شروط الانجاز الملاحظ في سلوكين متباينين سلوك العزوف عن مقاربة بالمشروع و استصغارها والتشكيك في قدرتها على إحداث التغيير المخطط وفق منظور شمولي وترابي وبرامجي… وسلوك الاستجابة المحدودة عن وعي أو غير وعي لمتطلبات مشروع المؤسسة ولوازمه من وثائق مرجعية و إمكانات مالية ومادية وبشرية وتخطيطية وتفاعلية مع المحيط اعتمادا على قدرات المؤسسات التعليمية الذاتية ولمساتها الاجتهادية مما يؤشر على خلل بنيوي يعكسه مؤشر إنجاز المشاريع الشحيح والذي يعوق إرادة تنفيذ مشاريع بيداغوجية تتغيا الانتقال من الكم إلى الكيف أو مشاريع ذات عائد تربوي
من قبيل تأسيس قاعة للإعلام والتوثيق والتنشيط البيداغوجي والبحث التربوي أو شبكة معلوماتية محلية للتدبير الإداري والتربوي أو عائد تربوي ومادي كإنشاء معمل تربوي لمهننة المعرفة المدرسية…

إن القراءة التشخيصية لواقع إنجاز مشروع المؤسسة بالمدرسة العمومية الوطنية تقودنا إلى تحديد العوامل الحقيقية المعيقة والتي يمكن اختزالها في غياب الرؤية الاستراتيجية التي تبحث عن التوازنات بين جودة التكوين المعرفي وامتلاك القوة الاقتصادية وبين جودة التعليم والكفاءة الدولية وبالتالي تحاول إيجاد التفاعل بين الأهداف الوطنية والوضع المحلي من خلال بناء خطة عمل تروم تلبية حاجيات المؤسسة التعليمية وحل مشاكلها المتعددة . كما يمكن إرجاعها إلى غياب الهندسة التنظيمية والتحفيزية للمورد البشري التي تتوخى تشجيع المورد البشري وتأهيله لضمان اشتراكه بفعالية في جميع مراحل بناء المشروع وتنفيذه وتقسيم أدوار جديدة ومهام بحسب المرحلة الجديدة على فريق قيادة المشروع وفريق العمل والانجاز وفريق البحث والتطوير والتجديد والتفاعل مع المحيط وفريق التقويم والتتبع والمساءلة .

بل يمكن إيعازها إلى نقص حقيقي في تكوين المعنيين بالمشروع في مجال تدبير المؤسسة البشرية المستوعب للتخطيط الاستراتيجي للمؤسسة وإطار التصرف ونموذج الإطار المنطقي… وإذا حاولنا مقارنة التجربة المغربية بالتجربة التونسية والتجربة الأردنية في مجال التدبير بمنهجية المشروعPMO سنكتشف الفجوة العميقة رغم تقارب المعطيات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاستراتيجية بين هذه البلدان العربية الثلاثة انطلاقا من تقرير البنك الدولي لسنة 2008 ونظرا لمعرفتنا جميعا بالحالة المغربية التي أصبحت تشكل الاستثناء نظرا لتكرار تجارب الفشل وتأسيسا على خطط تعويم مشروع المؤسسة الذي يتطلب تمويلا معتبرا في منح الدعم الهزيلة أو مسابقات التنافس بين المؤسسات والنيابات والأكاديميات … سنكتفي بتقديم بيانات عن التجربة التونسية الرائدة في هذا المقال على أن يتوالى الحديث عن تجارب أخرى في مقالات مسلسلة أخرى .
أهم مايميز التجربة التونسية هو تبني مقاربة التخطيط الاستراتيجي على صعيد المؤسسة التعليمية لهذا يعمد فريق القيادة الجماعية إلى وضع تخطيط رباعي تتحدد فيه مهمة المؤسسة التعليمية بدقة خلال المرحلة المستهدفة وترسم فيها الأهداف وترصد الفرص المتاحة و تحلل التحديات المحتملة في أفق وضع خطة عمل على المدى القريب والمتوسط وفق مراحل مضبوطة يمكن اختزالها في :

1-إعداد عملية التخطيط بمنطق التمشيات تمشي تصور حول منهجية العمل وتوزيع الأدوار وتمشي الجدولة الزمنية للانجاز وتمشي شبكة الاتصال الداخلي والخارجي.

2-إجراء تقويم تشخيصي على أساس المسح المدرسي وإنجاز قاعدة بيانات ثم تحليلها في اتجاه ضبط الاختيارات الاسترايجية.

3-تحليل مكونات المحيط مؤسسيا ومحليا وجهويا ووطنيا ودوليا على طريق البحث عن شراكات وفرص التطوير .

4-تحديد الأهداف الاستراتيجية للمشروع ولكل محور قصد ضبط الوقع وتحديد المنافذ والفرص ورصد التحديات ارتكازا على مجموعة من التمشيات تخص مؤشر قياس الأداء وحصر الحاجيات وتحديد الموارد وضبط المدى الفارقي بين الإمكانات والمتطلبات.
كما يجري بعد ذلك تأطير نموذج التصرف تأطيرا مرجعيا يقوم على التحفيز الداخلي لمكونات المجتمع المدرسي وخلق تفاهمات حول أهداف مشروع المؤسسة وتوافقات حول الأولويات وبرامج العمل وصيغ التدبير المعتمدة بحسب مراحل المشروع كالتدبير بالمؤشر و التدبير بالنتائج…وقبل الشروع في تصميم وتنفيذ مشروع المؤسسة يتولى فريق القيادة الإجابة عن ماهية أهداف مشروع المؤسسة داخل نموذج الإطار المنطقي الذي يعتبر وسيلة لتقديم تصور دقيق حول برامج المشروع التكوينية والتنفيذية وأداة ناجعة لتحليل النتائج وآلية فعالة للتقويم
والتتبع من خلال تحديد:

1-الأهداف الرئيسية المتعلقة بالخدمات الرئيسية والتي تقاس بمؤشر وجود مرجعية التكوين وفضاءات التكوين وتدبير زمن التكوين وتدبير المورد البشري للتكوين وتفييئ المستهدفين بالتكوين…
2

– أهداف الإنتاج والمردودية الداخلية المتعلقة بالإنتاج التربوي والتجديد البيداغوجي وتقاس بمؤشر النجاح والتحكم في التدفق وجودة التكوين.

3-أهداف التفتح على المحيط والارتقاء بالمردودية الخارجية وبجودة المخرجات وبمعدلات الشراكة والإدماج وتقاس بمؤشر برامج التكوين ونسب الانتقال إلى التعليم التأهيلي والجامعي ومعدلات إدماج الخريجين.

إن سر نجاح التجربة التونسية وتسويقها إلى بلدان عربية كاليمن وعمان… وإفريقية كالسينغال هو في الرفع من الإنفاق الحكومي على البحث العلمي حوالي 1.5 في المائة سنة 2009 وتدقيق تصميم مشروع المؤسسة ورهنه بثلاث قوائم رئيسية تتمثل في قائمة الأهداف وقائمة مؤشرات الأداء والإطار المؤسساتي وإطار المصاريف وتعزيز القطب التكنولوجي بمراصد لمتابعة الخريجين ومواءمتهم مع حاجيات السوق وتعميم خلايا الإدماج المهني ثم استدماج بيداغوجيا الكفايات وبيداغوجيا الإدماج في المقاربة بالمشروع لمناولة قضايا جوهرية تهم المدرسة كالتجديد المدرسي وتحديث الإيقاعات والارتقاء بالممارسات البيداغوجية ضمن إصلاحات النوع الثالث لبرينو في أفق الاضطلاع بمهمات اندماجية تستهدف ترقية كفايات مواد التدريس حسب لازنيي مما مكن منظومة التربية والتكوين التونسية من فتح أوراش مشاريع كبرى كالمدرسة الالكترونية والتهييئ البيئي وتمهين المعرفة وتبني مقاربة مشروع القسم والمشروع البيداغوجي من منظور روجرز حيث يشكلان العمق الإجرائي لمشروع المؤسسة الذي يروم تنويع التكوينات وتحسين العروض التربوية من خلال خلق درجات للمستوى التعليمي يتم ارتقاؤها بواسطة إنجاز مشاريع تساهم في رفع مؤشر التنمية والإدماج والانتقال بين الأسلاك مما عزز من رتبة تونس الدولية فقد احتلت الرتبة 91 من 177 في مؤشر التنمية و احتلت حسب تقرير البنك الدولي لسنة 2009 الرتبة 69 من 181 حول الاستثمار والرتبة 40 من 133 في منتدى دافوس لسنة 2009 حول التنافسية والرتبة 55 في الاختبار الشامل للقدرات.
المراجع

1-دليل إعداد مشروع المؤسسة للجمهورية التونسية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا اللجنة الوطنية للتقويم.

2-كلمة الرئيس التونسي لدى افتتاح المؤتمر الدولي حول بناء اقتصاديات المعرفة.

3- تقرير البنك الدولي لسنة 2008 .

4-تقرير مؤشر التنمية.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *