مشروع الأقطاب المرجعية لتدريس اللغة الفرنسية (PREF)، بين حُلْمٍ تَبَدَّدَ و مَسْخٍ تَجَسَّدَ!!!
إن إنشاء الأقطاب المرجعية لتدريس اللغة
الفرنسية (PREF) مشروع يهدف إلى دعم تدريس
اللغة الفرنسية و يدخل في إطار الشراكة
المغربية الفرنسية . و إذا كان المغرب،
و انطلاقا من النتائج الهزيلة التي حققها
تعليمه و ضِمن خُططه لإصلاح المنظومة بِرُمّتها
، هو الذي لجأ إلى الاستعانة بفرنسا و بخِبْرتها
في هذا المجال ، فإن تمويل المشروع و تنفيذ
مقتضياته تتحمل فيه الحكومة الفرنسية العبء
الأوفر و لا يساهم فيه المغرب إلا بتوفير
الفضاءات الضرورية و الموارد البشرية اللازمة
و تقديم بعض التعويضات البسيطة للأطر التي
تعمل في إطار هذا المشروع.
إنّه فِعلا مشروع متكامل رائد و طموح كانت
الوزارة الوصية تُعَوِّل عليه لاستخلاص
مُقاربة يمكن تطبيقها لباقي المواد و التخصصات
فيصبح بذلك بناءً يرتكز عليه التغيير و
نموذجا يُحتدا به و يجب تعميمه. و لأن فرنسا
تريد للغتها ألاّ تتلاشى بسبب تعليم فاشل،
فهي تصرف عليه بسخاء و في هذا السياق،
وضعت له خطة تُبعِده عن سلوكات الماضي التي
كانت تستنسخ الإخفاقات و اعتمدت في ذلك
على مفاهيم عصرية في إدارته و تدبيره كهندسة
المشروع.
بدأ المشروع بدراسات ميدانية و بِخِبْرات
في شتى مناطق المغرب شملت المدن و القرى
النائية (و همت كل من له صلة بالعملية التعليمية
التّعلُّمية) قام بها خبراء فرنسيون بهدف
وضع تشخيص دقيق للحالة المَرَضِيّة التي
أصيبت بها المنظومة فيما يخص تدريس اللغة
الفرنسية و وضع الأصبع على مكامن الخلل
بطريقة علمية تعتمد منهجية تمت تجربتها
و أثبتت نجاعتها. و هكذا و بناء على ما توصل
إليه الخبراء، تم وضع تصور عام و إطار عمل
أفضى إلى فكرة إنشاء هذه الأقطاب المرجعية
لكي تكون محورا لحركية جديدة تشحذ هِمَمَ
كل الفاعلين و تُوَحِّد جهودهم لتحقيق
أهداف واضحة المعالم و المراسم.
يتطلع المشروع ضمن أهدافه إلى:
أولا: مراجعة برامج التكوين الأساسي
بمراكز تكوين المعلمين و بالمراكز الجهوية
لتكوين أساتذة السلك الإعدادي و تجديد
محتوياتها لكي تصبح أكثر ملائمة
و تماشيا مع ما تتطلبه الظروف الراهنة و
لكي تُمكِّن المدرس من التخرج و في مُحصِّلته
رصيدٌ لا بأس به من الكفايات العامة وتلك
المرتبطة بالتخصص و المنصوص عليها في الإطار
المرجعي للكفايات ،
ثانيا: إعداد و تكوين أطر مغربية مساندة
تعمل ضمن فرق متخصصة لكن في إطار حلقات
متكاملة. يتكفل الفريق الأول (اللجنة الأكاديمية
للتكوين المستمر) في إطار اللامركزية و
الجهوية بإعداد خطط للتكوين المستمر تلبي
الحاجيات الفعلية للمدرس، أما الفريق الثاني
(فريق مُعِدّي مصوغات التكوين المستمر)
فيسهر على إعداد مصوغات للتكوين المستمر
يُصادَق على محتوياتها في منتديات تُخصَّص
لهذا الغرض يحضرها خبراء مختصون و بعد ذلك
تتم تجربتها على عيِّنة من المدرسين للوقوف
على مدى قابليتها للتطبيق و مدى فائدتها
و ربما و ضع آخر اللمسات عليها قبل أن تطبع
و ترسل إلى باقي الأكاديميات، بينما يستلم
الفريق الثالث (فريق منشطي الدورات التكوينية)
المصوغات و يلتزم بتنفيذها في دورات تكوينية
مع مراعاة تفاصيلها الدقيقة تَوَخِّيا
لتحقيق الأهداف التي وُضِعت من أجلها.
ثالثا: إنشاء مركز للموارد التربوية
للغة الفرنسية يُوَفِّر لجميع الفاعلين
فضاءَ عملٍ جذاب و كل الوسائل الممكنة لدعم
هذه المادة و يُنمّي لدى المدرسين ممارسات
البحث و التوثيق و التكوين الذاتي عن طريق
استخدام وسائل الاتصال و التواصل الحديثة
و تكوين فريق عمل و هو الرابع (فريق مسؤولي
مركز الموارد البيداغوجية) مُهِمّتُه تنشيط
المركز و السهر على تقديم المساعدة للفرق
العاملة في إطار المشروع و على توفير الدّعم
لكافة مرتادي المركز.
رصدت فرنسا لهذا المشروع غلافا ماليا قدره
2.372.000 أورو و اختارت له نخبة الخبراء
و صفوة المختصين في مجالي التربية و التعليم
و أفضل المراكز لتكوين الأطر المغاربة
كالمركز الدولي للدراسات التربوية بباريس
و معهدي تكوين المعلمين لفرساي و كليرمونفيرا
و سخرت كل طاقاتها لإنجاحه في الفترة المخصصة
أصلا لإنجازه و هي 2007/2009.
فَما أخبارُ المشروع على أرض الواقع و نحن
في سنة 2010؟ لقد تم تمديد فترة إنجازه
لغاية 2012 بسبب التأخير في التنفيذ على المستوى
الوطني فقط. للأسف الشديد، كانت فرنسا دائما
ملتزمة بوعودها و بمواعيد الإنجاز و التنفيذ،
لكن المغرب ليس في عجلة من أمره، و حتى
إن تم دمج الأقطاب المرجعية لتدريس اللغة
الفرنسية في إطار المخطط الاستعجالي
ضمن مشروع دعم اللغات، فالمشروع يعرف تعثرا
و تأخرا يصعب على عاقل تفسيرهما في إطار
أزمة المنظومة و لغة الإصلاح و طلب الإستنجاد
و المساعدة و سياسة التعاون و الشراكة مع
دولة أوروبية .
كان المشروع يروم خلق ثلاثة أقطاب مرجعية
لدعم تدريس اللغة الفرنسية (بكل من أكاديميات
جهة سوس/ماسة/درعة، جهة تادلة/أزيلال و
الجهة الشرقية) و كان من المفترض أن تكون
أجرأتها قد تمت و نتائجها قد بدأ المدرسون
و التلاميذ يرونها جلِيّة على أرض الواقع.
فإذا استثنينا أكاديمية سوس/ماسة/درعة
التي انخرطت في المشروع بجدية بالغة و سخّرت
له الطاقات البشرية و المادية الضرورية
و خططت لكي تستفيد منه كل النيابات التابعة
لها، لم تنفذ أكاديمية جهة تادلة/أزيلال
إلا جزءا منه و أسقطت أهم حلقة فيه ألا و
هي مركز للموارد التربوية علما بأنه مشروع
متكامل تم بنائه حسب هندسة المشروع و التنازلُ
عن جزء منه هو قبول إعاقة لن تُوَلِّد إلا
النقص إن لم تكن العاهة.
أما فيما يخص الجهة الشرقية، فمِن سوء حظ
المشروع أنه ابْتُلِيَّ بمدير أكاديمية
كانت الفرنسية لغة اختصاصه لما كان مدرسا
ثم مفتشا للمادة و هذا في حَدِّ ذاته و في
سياق سليم شيء إيجابي، إلا أن الأمور زاغت
عن الصواب و أصبحت منحرفة. فبَدَل أن يُسَلِّم
هذا المدير مشروع الأقطاب المرجعية لتدريس
اللغة الفرنسية إلى ذوي الاختصاص المتصلين
عن قرب بالمشروع و يعرفون كل جزئياته (
و هو في منصبه هذا ليس من ذوي الاختصاص)
و يُشجِّعهم على العمل و الابتكار و رِبْح
الوقت و كسب رِهان التغيير، تَسَلَّط على
المشروع و وَضَعَه ضِمْن دائرة اختصاصاته
الضيِّقة و أصبح يُفْتي في كل صغيرة و كبيرة
و يتدخل بمزاجية كبيرة في عمل الفرق فيستثني
من يشاء و ينَصِّب من يشاء و يماطل في مكافأة
الفرق و دفع التعويضات للأطر العاملة
و يراوغ في تنفيذ برامج التكوين المستمر
الخاصة بالمشروع علما بأن الأكاديمية استلمت
ميزانيتها بناء على الْتِزامها بتكوين
3000 مدرس لسنة 2009 لم يُكَوَّنْ منهم إلا
138 فقط و بتكوين 3500 مدرس لسنة 2010 لم
يُكَوَّنْ منهم أَحَدٌ إلى حد كتابة هذه
السطور. فأين الالتزام و أين الميزانية؟
أما فيما يخص إنشاء مركز الموارد، فهذه
الحلقة عَرَفَت هي الأخرى تعثُّرا كبيرا
في الإنجاز بسبب عدم وجود نِيَّةٍ صادقة
تُفَعِّلُ القرارات و تُعَجِّل بتنفيذها،
فكنّا نرى الجهة الفرنسية و بِقَصْد تحريك
الأكاديمية تَهْمِزُها هَمْزَ الرّاكِب
لِدابّتِه فلا تجني منها إلا رفْسا أو نُفورا.
سنتان مضتا على تكوين الفرق و ما زال التلميذ
لمْ ير من المشروع حتى غبار فتاته. سنتان
مضتا و المركز لم يفتح بعد أبوابه حتى و
هو ممسوخ المظهر. كان الحُلْم ما خَطّط
له الفرنسيون و ما رأيناه على الخرائط و
المخططات و ما قرءنا في المَطْوِيّات المُوَزَّعة
و شاهدنا في العروض الرسمية، و المَسْخُ
ما نراه حقيقة مُرَّةً نَتَجَرَّعُها بِحَسْرة
على أرض الواقع و يتسبب فيه بَنو جِلْدتِنا
الذين يتشدّقون بِغَيْرتِهم على مصلحة
التلميذ و المدرس و منظومة التربية و التعليم
عموما و الذين يضيفون الفشل تِلْوَ الإخفاق
إلى لائحة إنجازاتهم البطولية و غُرورهم
و التصفيقات الحارة المرتَّبِ لها تَعْميهم
عن سماعِ صوت الحق، و لا رقيب و لا حسيب
3 Comments
c est clair,net et precis,bravo pour l analyse!
لمادا اتعبت نفسك في كتابة كل هدا?اترك الشان لاهله اعني الفرنسيين.الا تعلم ان سبب انهيار تعليمنا هو الازدواجية اللغوية?مادا فعلنا بالفرنسية حتى الان?هل يوجد في فرنسا من يروج للروسية مثلا?حشومة والله
Votre analyse semble objective mais je vous prie de ne pas s’en servir pour discréditer qui que se soit . vous avez bien cerné l’épineux problématique .votre analyse mérite une réflexion, certains de ses éléments nécessitent une étude approfondie afin de délimiter les causes ,les handicaps ,les inhibiteurs qui entravent le processus de l’apprentissage, de l’autonomie ,de la créativité. Il est vital de coordonner les actions ,de faire participer le maximum d’enseignants,d’éducateurs, de se concerter régulièrement pour évaluer ,apporter les contributions qui représentent un enrichissement ,une plus value ,Personne ne puisse prétendre détenir la vérité ,disposer des remèdes adéquats ,résoudre la problématique sans la contribution , l’apport des autres enseignants et éducateurs.Nous devrions changer de mentalité de comportement dominés,rongés par l’égoîsme la subjectivité. IL ne faudrait pas se leurrer, se faire des illusions ,se croire capable d’entreprendre des projets ambitieux, bâtir de solides théories pédagogiques des méthodologies constructives tout seul.les temps ont changé ,les mentalités doivent évoluer dans le bon sens et dans l’intérêt de nos enfants apprenants . on doit répondre à leurs vrais besoins et attentes et à les intégrer dans tout processus. Nous devrions savoir les écouter les comprendre.IL ne faut pas instrumentaliser certains projets user de pratiques d’incivilité.Nous devrions s’exprimer poliment avec respect et tolérance, critiquer émettre des réserves avec objectivité et éviter toute injure sous estimation ou atteinte à l’autre