حركة – نايضة – بالمغرب:من هي و ماذا تريد ؟
يعرف الشارع المغربي ، في العشرية الأخيرة من القرن الواحد و العشرين،ممارسات جديدة في أوساط الشباب المغربي ،مخالفة لما كانت عليه الأجيال السابقة، من حيث طريقة الملبس،و الحديث ،و الإنجذاب الغنائي،و الرقص،و العلاقات العاطفية،و الفضاءات التي يتبادل فيها همومه، و مشاكله،و الطريقة التي يعبر عنها …… ،و أصبح الحقل الإعلامي يطلق على كل التعبيرات ب حركة »نايضة ».
إذن هل هذه الحركة هي حركة ثقافية مواكبة للتحولات العميقة التي يعرفها المغرب من جانب الإنفتاح الديمقراطي،و التحولات السوسيولوجية للمجتمع المغربي،على شاكلة ما عرفته جارتنا الشمالية إسبانيا بعد وفاة فرانكو سنة 1975،و التي كانت تعرف ب
“La Movida” و التي أسست ثقافيا للانتقال الديمقراطي في هذا الشطر من شبه الجزيرة الأيبيرية؟ أم هي رد فعل عدواني على التهميش الذي يطال هذه الفئة العمرية، من عطالة،و عدم إشراكها في تدبير الشأن العام؟؟ ألم يعرف المغرب مثيلا لهذه الحركة في سبعينات القرن الماضي في ظل سنوات الرصاص و بعيدا عن كل أشكال الإنتقال الديمقراطي ؟
إن الشباب المغربي أضحى يقوم بممارسات تبدو غربية على الأجيال السابقة و التي يمكن رصد نماذج منها من قبيل:
–التعاطي مع ألوان غنائية جديدة،من قبيل »Tectonik » وال » Hip Hop » التي أنشئت في أوساط السود ألأمريكيين، و المعبرة عن التهميش الذي يطالهم من طرف البيض،و يستعمل الشباب المغاربة من خلال هذه الأغاني كلمات تعتبرها الأجيال السابقة تخدش الحياء العام،كمغني الهيب هوب: BIG و آخرون ، لكن هناك استثناءات ، من قبيل فرقة « الفناير » و فرق أخرى، و يعبر الشباب – عبر هاته الأغاني- عن امتعاضه من الواقع الإجتماعي.
–ارتداء ملابس مخالفة للعموم لإثارة الانتباه.
–تكريس علاقات عاطفية متحررة، تتجاوز علاقات الأجيال السابقة، و تضرب الطابوهات الكائنة، كما تناقلته بعض وسائل الإعلام خلال مهرجان البولفار.
–خلق فضاءات للنقاش داخل الشبكة العنكبوبية،بعيدا عن التنظيمات المدنية و السياسية، و تجاوزهم للجانب الهوياتي و الروحي للمغاربة ، كإقبال مجموعة من الشباب على محاولتهم الأكل بشكل جماعي خلال شهر رمضان المبارك،و التعبير العلني عن الشذوذ الجنسي من خلال مواقع الدردشة.
–بروز مجموعات شبابية تسمي نفسها » عبدة الشيطان ».
–ظهور جمعيات تدافع عن الشذوذ الجنسي كجمعية » كيف كيف ».
إن كل هاته التعبيرات من طرف الشباب المغربي يستشف منها ،أنه غير راض على الوضعية الإجتماعية التي يحياها، مما جعله يخلق فضاءات خاصة به،يحكي همومه و يعبر عنها،مستغلا بطبيعة الحال الهامش الديمقراطي ، مما يدق ناقوس الخطر للأحزاب السياسية و التعبيرات المدنية و الدولة على حد سواء من أجل إشراك هذا الشباب في الشأن العام، و الاستماع إلى حاجياته،ليعبر عليها بنفسه.
و لا يجب أن ننسى أن هذا الشباب يتأثر بالحمولات الثقافية الغربية، التي تأتيه عبر وسائل الإتصال كالأنترنيت و البارابول و غير ذلك.
و للإشارة فإن المغرب عاش في فترة السبعينات من القرن الماضي،زمن الرصاص،تململا ثقافيا عبرت عنه موجات غنائية ك »جيل جيلالة » و « لمشاهب » و « ناس الغيوان »، و التي تأثرت بالموجات الغنائية الأوربية كمجموعة »Beatles » و « Eagles » و « Boney.M » و التي كانت تعبر عن جيل شبابي أوروبي ازداد بعد الحرب العالمية الثانية ، و تمرد على الوصاية التي مارسها عليه الجيل السابق ، و عبر عنها في التحرر الجنسي،و طريقة الملبس، و الغناء،و تعاطي المخدرات،و قد توهم الشباب المغربي الطامح إلى التحرر بأن المجموعات الغنائية كانت تعبر عن آلامه و آماله،في التغيير.لكن المتتبع لإستجوابات أحد أقطاب مجموعة « ناس الغيوان » عمر السيد ، والذي كان مكلفا بالجانب الإعلامي داخل المجموعة، نفى أكثر من مرة عن غياب الإدراك السياسي الكبير داخل « ناس الغيوان » وأن مجموعته ، كانت تستمد أغانيها من التراث، و تعبر عليها، و لم تكن تروم تدعيم فكر ثوري في البلد.مع الإشارة إلى أن الراحل « بوجميع » هو الوحيد داخل المجموعة التي كان يحمل فكرا نقديا للمجتمع، و ربما ثوريا.
إن الشباب المغربي يشكل طاقة، قابلة للانفجار، يجب استثمارها في الجانب الإيجابي، من خلال إشراكها ، و خلق الأجواء الملائمة لتعبئتها، أما « نايضة » فهي مجرد تعبير عن رفض الواقع ،ولم تكن يوما تعبيرا عن مواكبة التحولات ،رغم أن هذه الأخيرة موجودة ، و لا ينكرها إلا جاحد،فالفاعلون الأساسيون نسوا أو تناسوا فئة عمرية كبيرة من المجتمع المغربي ،و هي الشباب،الذي أوجد بدائل أخرى للتعبير عن إرهاصاته.و على الجميع أن يعي بهذا الخلل !!!!!!
Aucun commentaire