أعتقد أن المنطلقات التي قام عليها الحوار بين نقابة مفتشي التعليم ووزارة التربية الوطنية أفضت الى نتائج ايجابية ، تمت ترجمتها في البلاغ المشترك بين الطرفين بتاريخ 20 نونبر 2009 ، ومن بين هذه المنطلقات الإنصاف و الثقة ……وقد شاعت روح التفاؤل بين صفوف الهيأة انطلاقا من عزم الوزارة على عدم معاودة التجربة الماضية مع هيأة التفتيش، لكن بين عشية وضحاها بدأ الحوار ينحو منحى أخر طبعه تغيبات المسؤولين من مختلف المديريات المعنية ، والانخفاض الملحوظ لتمثيليتها ، و عدم احترام الجدولة الزمنية للاجتماعات ، وعدم تقديم الاجوبة حسب الجدولة الزمنية المتفق حولها ، هذه جملة من المؤشرات الدالة على غياب الجدية المطلوبة في التعاطي مع ملف هيأة التفتيش .
وقد يعتقد البعض وهو على قدر من الصواب أن الوزارة سعت الى تنويم هيأة التفتيش لتنزيل تصورها الجاهز ونظرتها لهيأة التفتيش ، خاصة وأنها تجاوزت مرحلة الحوار القطاعي مع باقي النقابات دون الإشارة الى دور التفتيش لا من قريب ولا من بعيد ، وقد استحضر ممثلو النقابة هذا الاحتمال منذ انطلاق الحوار فاشترطوا الخروج الى الرأي العام ببلاغ مشترك يتضمن مبادئ الحوار وخطوطه العريضة ، ويحدد التزام كل طرف وفق جدولة زمنية لأهم المحطات ، وبناء عليه لا يسعنا الا أن نؤكد لمنخرطينا و للرأي العام المغربي أن الهدف الأساس للوزارة من وراء هذه الجلسات هو اختبار الهيأة في تصوراتها للمنظومة التربوية ولموقع التفتيش ومهامه المستقبلية في ظل المخطط الاستعجالي وبالتالي مقارنتها مع الجاهز عندها ، ولا أبالغ إذا قلت إن الوزارة قد تفاجأت من جاهزية النقابة للحوار وقدرتها الاقتراحية ،واكتشفت مدى حرص النقابة على تعميق التجديد التربوي وفق مبادئ جوهرية من قبيل ‘’الإدارة في خدمة التربية، ‘’ واعتماد الافتحاص والمساءلة ، والفصل المنهجي بين وظائف مختلف الفاعلين …

ولذلك فان تراجع الوزارة عن التزاماتها كان منتظرا أمام التصورات و الرؤى والمقترحات التي تقدمت بها النقابة خلال هذه الجلسات ، والتي قد تنسجم مع الخطاب اليومي ولكنها تظل بعيدة عما تعتزم الوزارة تنزيله فعلا وما تخطط له ، وقد لمسنا هذا التوجه من داخل جلسات الحوار ، اذ كان من المفروض أن تتقدم الوزارة بمقتراحاتها خلال اليوم الدراسي المشترك ، إلا أنها آثرت الإنصات إلى النقابة ، وفي ذات الوقت سعت بوسائلها الخاصة تشكيل لجن لمدارسة مخططها بعيدا عن رأي النقابة ، فقد صدرت مذكرات ومراسلات واستمارات خلال مدة الحوار ، تهم الهيأة ولم تستشر فيها النقابة ولا علم لممثلي النقابة بها ، مع العلم أن المرجعيات التي تؤطر هذه الوثائق الصادرة كانت موضوع مراجعة بين الطرفين ومنها الوثيقة الإطار والمذكرات المتعلقة بها ونفس الشيء ينطبق على الهيكلة المقترحة التي تناقش حاليا ، والتي تم فيها تعويم وظيفة هيأة التفتيش خاصة على المستويين الجهوي و المركزي .

اقويدر ختيري – عضو المكتب الوطني لنقابة مفتشي التعليم –